أقلام حرة

د. محمد الموسوي يكتب: أفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح (53)

وفق أساسيات الكهنة فإنه لا يعنيهم من هو حتى من مذهبهم ودليلي على ذلك ما فعلوه بإبادة أبناء مذهبهم من الشيعة المختلفين معهم بالرأي في إيران ولبنان والعراق وسوريا وعموم المنطقة، وكذلك لا يعنيهم سوى من يفكر بطريقتهم، وأما أممية الفكر فلا علاقة لهم بها لولا أن اقتبسوها من أخوية الإخوان المسلمين للدخول إلى عالمية الإسلام للتمدد من خلال ذلك داخلياً ومن التمدد الداخلي إلى التوسع الخارجي، وهنا كانت فلسطين وسيلة من وسائل التوسع الخارجي وليست قضية مصيرية يتبناها كهنة إيران وكاهنهم المؤسس الذي رفض في حينه طلباً للزعيم العربي ياسر عرفات بوقف إراقة دماء الفلسطينيين في لبنان على أيدي أشقياء (زعران) تابعين له، ورفض نفس الطلب للشيخ أسعد التميمي رئيس حركة الجهاد الفلسطينية عندما زار طهران وطلب من الكاهن الأكبر المؤسس إصدار فتوى تحرم الدم الفلسطيني المُراق في لبنان ورفض ذلك بحجة أنه لا يتدخل بالشأن اللبناني على افتراض أن هؤلاء الأشقياء أو الزعران أو البلطجية ليسوا مرتزقة وإنما كيانات لها استقلالها ويمثلون الشأن اللبناني.

الموقف ذاته في التستر على إراقة دماء الفلسطينيين والبطش بهم تكرر في العراق بعد عام 2003 مع الفلسطينيين العزل أيضاً على أيدي ميليشيات وصعاليك تابعين للنظام ولم يكبح جماح أي منهم وكأنما هناك من يوجههم وساد الصمت أروقة المجتمع الدولي الذي كرر نفس الصمت إزاء ما تعرضت له من كوارث وجرائم إبادة جماعية ولم يحرك ساكناً لولا تحرك الشعوب الحرة التي لا تربطها بفلسطين وغزة سوى رابطة الإنسانية الحية التي لا تجدها لدى كهنة طهران وكبيرهم المؤسس أو كبيرهم الحالي ولا حتى لدى النظام العالمي الذي يشترك مع الملالي في توفير المسببات لمشروع آتون المحرقة التي ستأتي على فلسطين ومن فيها ومشروع عودة قيام الدولة الفلسطينية المسلوبة، هؤلاء هم نفس الفلسطينيين الذين يرفع شعار قضيتهم وتحرير قدسهم التي لا يؤمن بقدسيتها لطالما أن أهلها لا يسيرون تبعاً لأفكارهم أو اعتقاده المشوه، ولو عاد التاريخ إلى الوراء وكان من أُريقت دماؤهم في لبنان والعراق يعودون للفصائل الموالية لبيت الكهنة لاختلف الأمر تماماً وما مسهم سوء كما حدث في دمشق في ثورة الشعب السوري عندما تعرض الفلسطينيين في مخيمات سوريا للقمع لكن جند كهنة طهران لم يمسهم أحد.

 هل يتوافق الكهنة في إيران مع الغرب بشأن غزة وفلسطين؟ من يتابع ما جرى ويجري في فلسطين وغزة منذ احتلال فلسطين ونكبتها ومنذ توالي أحداث الخراب التي خطط لها وأوقعها المحتل الصهيوني في غزة، ويتابع المواقف الدولية على مدار قرابة الـ 75 سنة، ويتابع مواقف نظام الكهنة في لإيران الذين لم يبدر منهم موقفا يُناصر فلسطين وشعبها منذ أن كانوا وعاظا للشاه وأبيه ومنذ أن اعتلوا عرش الحكم في إيران قبل 45 سنة يجد وكأن الأطراف الثلاثة (المحتل، والنظام العالمي، وكهنة السوء) يتفقون على مسار واحد مفاده فليبقى الوضع على حاله حتى يوم يبعثون متناسين وعد الله بنصرة الحق.

يتوافق الأطراف الثلاثة (المحتل، والنظام العالمي، وكهنة السوء) تلقائيا وقد يكون بدون تخطيط مسبق حتى وإن لم يتفقوا على عدم حل الدولتين وعدم قيام دولة فلسطينية كما هو متوافق عليه في المحافل الدولية وبالتالي لا دولة فلسطينية على الأمدين القريب والبعيد وهذا ما يُبقي الأزمة قائمة ويُبقي نظام الكهنة في إيران على سدة الحكم حتى وإن كلف ذلك الشعب الإيراني وشعوب ودول المنطقة الكثير من الدماء ونهب الثروات وانتهاك سيادة وكرامة دول المنطقة.

اليوم إن صدق كهنة طهران في نصرتهم لمن يعنيهم في غزة فإن ذلك ليس نصرة لفلسطين وشعبها ولا لغزة وإنما لنصرة الفصائل التي يستخدمونها كأدوات لإدارة الأزمات عند الطلب، ويستمر باطل الولي الفقيه وكهنته لتستمر مأساة الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة..

هذا وللحديث بقية..

وإلى عالم أفضل.

د. محمد الموسوي

كاتب عراقي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى