أقلام حرة

د. محمد الموسوي يكتب: مجزرة الأول من سبتمبر 2013

المجزرة التي شارك بوقوعها المجتمع الدولي؛ مجزرة الأول من سبتمبر 2013

المكان: العراق – مخيم أشرف 1 محافظة ديالى.

التاريخ والتوقيت:فجر الأول من سبتمبر 2013 بعد الاتفاق على نقل سكان أشرف إلى موقع جديد وآمن يدعى ليبرتي، ويتبين لاحقا إنه موقع لا يصلح حتى لأن يكون سجنا آدمياً، وقد بقي الـ 52 شخصاً الذين اُستُشهِدوا في المجزرة من أجل حماية وتصفية وبيع ممتلكاتهم التي قدرتها لجان دولية بقيمة قرابة 700 مليون يورو؛ على أن يتم نقل الجميع لاحقاً إلى دولة أخرى وفقاً لضغوط الملالي وجنودهم وعمالهم في العراق.

المجني عليهم: 52 شخصاً من سكان أشرف أعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة عُزل ولاجئين محميين بموجب إتفاقية جنيف الرابعة، وبموجب اتفاق مشترك وقع بين الأمم المتحدة والإدارة الأمريكية من جهة والسلطة العراقية من جهة أخرى.

الجُناة: مرتزقة فيلق القدس التابع لـ حرس الملالي الإرهابي.

الآليات المستخدمة: سيارات مدرعة ومعدات ثقيلة للهدم والاجتياح وسيارات هامفي أمريكية واسلحة خفيفة ومتوسطة وثقيلة ومناجل وفؤوس وقامات ثقيلة كالسيوف.

كان المفترض إذا كان هناك مجتمع دولي وقيم وقوانين وأخلاق كما يقولون أن يأخذ هذا الذي يُسمى بالنظام الدولي بعين الاعتبار وجود قوى غير عراقية متواجدة رسمياً على أرض العراق وهي (قوى المعارضة الإيرانية) والتي لا شأن لها في صراعات العراق مع الولايات المتحدة وقد أبلغت هذه القوى ومنها منظمة مجاهدي خلق الإيرانية بإحداثيات مواقعها وبأنها ليست طرفاً في أي حرب تقوم في العراق، وبالتالي كان على القوات الغازية للعراق أن تقوم بتأمين مواقع هذه القوى في بداية احتلال العراق وبدلا من ذلك قامت بقصف مواقعها علماً بأنها لم تتلقى أي ردود على ذلك وقد أمرت قيادة المقاومة الإيرانية قواتها بالعراق بضبط النفس وعدم الرد على أي قصف أو استفزاز، ولم تكتفي القوات الغازية للعراق بقصفهم فحسب بل سمحت لقوات أخرى حاشدة بقيادة حرس النظام الإيراني بمهاجمة بعض مواقعهم تحت غطاء قصف طيران الاحتلال والقيام بمجازر يندى لها جبين التاريخ، وقد تم هذا القصف والسماح بهذا الهجوم لربما بسبب تعاون نظام الملالي وميليشياته وحلفائه مع مشروع غزو واحتلال العراق وكان ثمن ذلك هو التضحية بالمقاومة الإيرانية وتمكين الموالين لنظام الملالي من حكم العراق.

بعد تناقل وسائل الإعلام العالمية التي كان العراق لها مادة تغطية دسمة أخبار وصور تعرض مواقع المقاومة الإيرانية وهي قوات محايدة إلى القصف هنا تراجع قصف ما أسمي فيما بعد بقوات التحالف الدولي ومن ثم سلطة الائتلاف الموحدة لمواقع منظمة مجاهدي خلق وتم وضعهم جميعهم فرداً فردًا بعد التحقيق معهم كأشخاص عُزل محميين بموجب القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة، وبعد ذلك تم وضع محل إقامتهم مخيم أشرف تحت حماية القوات الأمريكية مع وجود ضغوط وممارسات تعسفية ضدهم من قبل نظام الملالي الذين كان ينادون في كل وقت بطرد سكان أشرف من العراق.

بعد تسليم السيادة لما تسمى بالسلطات العراقية وهي سلطات منزوعة الإرادة يديرها بمجملها حرس الملالي سواء كان من خلال فيلق القدس أو وزارة مخابرات الملالي أو غيرها من أجهزته وميليشياته وأحزابه الأخرى التي تصول وتجول بعد أن استلموا السيادة واستتب الأمر لهم تعرض مخيم أشرف إلى ضغوط شديدة مستمرة من قبل أعلى السلطات العراقية تنفيذا لأوامر الملالي تلك هذه الضغوط هجمات دامية وحصار شديد جائر وجرائم تعدي مستمرة بشهادة بعثة الأمم المتحدة بالعراق، وكذلك القوات الأمريكية التي تخلت عن الحماية لقوات عراقية مع أنها أي القوات الأمريكية كانت متواجدة وترى كيف تسمح القوات العراقية لعناصر موالية للنظام الإيراني بالهجوم والتعدي على سكان مخيم أشرف دون أن تحرك ساكنا، ولولا تصعيد الرأي العام المحلي والدولي لتفاقمت الأوضاع في أشرف وهذا ما دفع الأمم المتحدة والولايات المتحدة إلى ما أسموه بالتعهد بحماية أشرف وفق آلية جديدة إتفق بموجبها وتعهد كل من الأمم المتحدة والولايات المتحدة من جهة؛ والسلطة العراقية من جهة أخرى على حماية سكان أشرف وقدموا ضمانات لذلك بعد نقلهم إلى موقع ليبرتي؛ واتفقا الطرفان على حماية أشرف منذ تسليم ما يسمى بالسيادة للسلطات العراقية وقبل سكان أشرف بذلك بعد تلك الضمانات وضغوط شديدة، ومع الأسف لم يكن ليبرتي إلا محجراً لا يصلح للسجن الآدمي وموقعاً سهلا للاستهداف بالمدفعية والصواريخ التي بدأت تنهال على ليبرتي بين الحين والآخر.

مجزرة إبادة جماعية لا تحتاج إلى أدلة أو إثبات

مجزرة إبادة جماعية لا تحتاج إلى أدلة أو إثبات وتقود وحدها ملالي طهران وجنودهم وعمالهم في العراق إلى الجنائية الدولية.. هذا إن صدق النظام الدولي في شرعه من قيم وقوانين، فضحايا تلك المجزرة أبرياء عُزل بقوا لحصر وتنظيم وبيع ممتلكاتهم الباقية في أشرف بعلم وموافقة العراق والولايات المتحدة والأمم المتحدة، ولم يتمكن المجرمون من إخفاء جرائمهم كعادة النظام الإيراني.

مجزرة الأول من سبتمبر 2013

كان الشغل الشاغل في العراق لنظام الملالي الحاكم في طهران بعد استلم العراق على طبق من ذهب من سلطة الائتلاف الموحدة هو القضاء على مخاوفه التي تهدد وجوده وتتمثل مخاوفه هذه في وجود منظمة مجاهدي خلق في العراق بالقرب من الحدود مع إيران بخطوة أو بأخرى تستطيع منظمة مجاهدي خلق والقوى الإيرانية الأخرى المعارضة دخول الأراضي الإيرانية وإسقاط إمبراطورية ولاية الفقيه وجعلها من سراب الماضي في غضون أيام وكذلك سقوط أترابه في العراق ولبنان واليمن وسوريا تلقائياً بعد سقوطها، ولذلك كانت أهم مساعي النظام تنصب في القضاء على كابوسه المتواجد في أشرف تلك القلعة التي كانت ترعبه وبدأت تخلق قناعات سياسية داخل العراق وخارجه.

صحيح أن مجزرة الأول من سبتمبر 2013 البشعة التي وقعت أمام أنظار المجتمع الدولي الذي كان ولا يزال يتستر على جرائم نظام ولاية الفقيه لم تكن الأولى بحق سكان أشرف لكنها كانت مجزرة إبادة جماعية بمعنى الكلمة وتوافرت فيها كل المواصفات ولا تحتاج لشهود.. فماذا بعد شهادة موظفي الأمم المتحدة والجثث وهول الفاجعة ومشهد الأحداث الذي كان متاحا أمام الجميع ووسائل الإعلام.

أحداث المجزرة

دخل مرتزقة فيلق القدس مخيم أشرف في ساعات الفجر وهي ساعات حربية وليست إدارية وقد كان أفراد سكان أشرف العزل في وضع طبيعي شأنهم شأن باقي البشر خاصة وأن هناك قوات عراقية تحميهم، وكان البعض من سكان أشرف يرقد مريضا في المستشفى، وفتك المجرمون بكل من واجههم رميا وقنصا بالرصاص أو دهسا بعجلات الهامفي الثقيلة أو بأدوات الوحوش الأخرى التي كانوا يحملونها، ومع أن السكان كانوا عزل إلا أنهم واجهوا ببسالة وبصدور عارية ولم يجعلوا من جريمة مجزرة الإبادة الجماعية هذه مجرد نزهة لأولئك البرابرة الوحوش بل كانت يوما ثقيلا عليهم وعاراً سجلهم التاريخ على من فعل ومن تستر.

أبادوا 52 شخصاً وخطفوا 7 أشخاص، وبهذه المجزرة البشعة ألبسوا المجتمع الدولي ثوب العار والخنوع، وكذلك أثبتوا أن نقل سكان أشرف من مخيم أشرف كان نقلا قسرياً بدليل أنهم قتلوا وخطفوا من تبقى في أشرف من أجل أخلائه بالقوة وهنا يكون النقل قسرياً علما بأن بقائهم في أشرف كان بموافقة جميع الأطراف المتعاهدة على حمايتهم، ونهبت ميليشيات النظام ممتلكات مدينة أشرف واستولت عليها ونبشت قبور شهدائها ولا زال المجتمع الدولي لم يعتبرها مجزرة إبادة جماعية أو جريمة ضد الإنسانية.. بالمقابل بقي سكان مناضلين وأسسوا أشرف3 في ألبانيا ويتواصلون مع انتفاضة شعبهم التي تقترب الذكرى السنوية لتأججها بعد أيام، ويُحيي سكان أشرف اليوم ذكرى شهدائهم الـ 52 والسبعة المخطوفين إضافة لعشرات الآلاف من شهداء مسيرتهم النضالية حتى يوم نصر الشعب الإيراني وخلاص شعوب المنطقة من شر رجعية وإرهاب ولاية الفقيه.

معا في عالم أفضل وبلا رجعية تحت أي فكر أو مسمى.

د. محمد الموسوي / كاتب عراقي

د. محمد الموسوي

كاتب عراقي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى