أقلام حرة

د. محمد الموسوي يكتب: يستكثرون على غزة ثمرة صمود

القلم مقدس والنص أمانة ومسؤولية وما نكتبه على مسؤوليتنا لا ولن يتنافى مع الحقيقة على الإطلاق احتراماً لمنصتنا وللقارئ، وما نكتبه إما نقلا وتعليقاً، وإما تعليقا على تصريحات نُخرِج منها حقائقها وما بين السطور وما يلي ذلك من تضاربات في قول هذا وذاك لنُظهِر ما يخفونه ونرد بما ينبغي وما تمليه علينا ضمائرنا، وأما وجهات نظرنا فهي أيضاً ضمن تلك الأُطر المنضبطة بقيم.

لم يستطيعوا الرد على ما تعرضوا له من هجمات مهينة في العراق وما أكثرها في سوريا، ويقول الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بما معناه (إننا كلما أوسعناهم ضرباً ووجعتهم كرامتهم اتصلوا علينا ليقولوا اسمحوا لنا سنقصفكم بعدة صواريخ لكن لا تقلقوا لن تصيبكم بضرر، وكنا نوافق لهم فلقد ضربناهم وتضرروا وبالتالي هذه مسألة كرامة) ويقصفوننا وتسقط الصواريخ خارج القاعدة وبعضها نسقطه في الجو وبعضها يسقط في الجوار.. والمقصود بالجوار عراقيين متواجدين بالقاعدة، ثم يأتي الملالي لإنقاذ ماء وجههم ويقولون غير صحيح إنه كاذب، والحقيقة إنه صادق جداً فجميع الهجمات فعلا وكأنها مُتفقٌ عليها أو كأنها صواريخ خجولة رحيمة لطيفة.؛ هذا وقد حملهم حقيقة طبعهم وتواطؤهم مع الغرب على الغدر بغزة وإنكار أنهم هم من يقف وراء عملية طوفان الأقصى دون التحلي بشجاعةٍ وتحمل مسؤولية ما يجري من أحداث… وماذا يُنتظر منهم إنهم الملالي.

سُحِقت غزة وفقاً لمخططات ملالي طهران ونيابة عنهم، وعملية طوفان الأقصى من الألف إلى الياء هي عملية لحرس الملالي الذي خطط للعملية ووضع اسمها ورسمها ولم يكترث بعواقبها فمن سيُسحق في هذه المعركة هم الفلسطينيون أنفسهم، وبحسب تصريحات كمال خرازي وزير الخارجية الأسبق ورئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية للنظام والذي كان يُنكِر على العراق سيادته بعدما استولوا عليه بعد عام 2003 وهو معروف بسلوكياته المُفَرغة قوله لوكالة ايرنا: اعتاد الفلسطينيون على حياة مصحوبة بالمجازر والجرائم، ولذلك هم مستعدون لدفع هذه التكاليف مقابل تحقيق نصر استراتيجي”، وكذلك اعترافات  المُلا سعيدي رئيس المكتب السياسي العقائدي لولي الفقيه يوم السبت 18 نوفمبر في خطاب بثته قناة باران التلفزيونية الحكومية، وكذلك قول المُلا إسماعيل خطيب وزير مخابرات نظام الملالي: إن هدف النظام من أثارة الحرب في المنطقة هو عرقلة انتفاضة الشعب الإيراني وقمع الاحتجاجات وفرض هيمنة النظام على دول المنطقة. (وكالة ميزان للأنباء: 11 نوفمبر 2023) وأما أحمد قديري إبيانه خبير نظام الملالي للشؤون السياسية والأمنية فقد قال عبر تلفزيون أُفق الرسمي في 13 نوفمبر 2023: إن عملية طوفان الأقصى كانت مساعدات غيبية لأنها أوقفت تكرار انتفاضة 2022، وكانت هذه مساهمة غيبية و لصالح إيران تماماً، وأما خطباء صلاة الجمعة الاستعراضية ممثلو الولي الفقيه وهم أشبه بدوائر توجيه معنوي فيقولون “إذا لم نواجه الصهاينة اليوم على حدودهم فإنهم غداً سيدخلون بيوتنا».

ثم يأتي محمد جواد ظريف الذي يُفترض به كدبلوماسي أن ينتقي المفردة أو أن يصمت لأنه أكثر العارفين بأنشطة أجهزة نظامه في الخارج من خلال وزارته السابقة، ولابد أنه يتذكر قضية أحد دبلوماسييه في النمسا (الدبلوماسي أسد الله أسدي) ونقله لقنبلة نوعية على متن طائرة من طهران إلى أوروبا، وإدارته لخلية إرهابية في أوروبا ثم إدانته وخليته ومحاكمتهم في بلجيكا..؛ يأتي ليمن على حماس بدعمٍ أنكره على غزة. 

نقلا عن العربية نت في ١٧ نوفمبر٢٠٢٣ عن قول محمد جواد ظريف في حديث غير ظريف.. يقول بعدما أشاد بامتناع خامنئي وحسن نصر الله عن المشاركة في مواجهة حرب العدوان على غزة: (إن دعمنا لحماس لا يشمل الحرب بجانبها)؛ ونسأله ونظامه هل تدعمون القضية الفلسطينية بالطبع “لا”، هل تدعمون منظمة التحرير بالطبع “لا” هل تكرهون منظمة التحرير بالطبع “نعم” إذن لا تُمنوا على أحد فأنتم لا تؤمنون بالتراحم ولم ترحموا شعبكم ولا تحترموا شعاراتكم وادعاءاتكم حتى المذهبية الطائفية منها؛ فكيف ستدعمون حماس سُنية المذهب بدون مقابل، لم تقم بأي دعم من منطلقٍ عقائدي سليم ونقي؛ وكذلك لا يُعول عليكم، وأنتم كما يقول المثل العراقي ” لا تبولون على يد مجروح” وعذراً من القارئ الكريم على هذا المثل لكن هذه هي الحقيقة، وتُهلكون غزة وأهلها ثم تختبأون وتصفون ذلك بالذكاء، ثم تحتفلون بخراب غزة وتشريد أهلها ونكبتهم وتعتبرون ذلك نصراً، ولتساوموا الغرب وتبتزونه بتصريحاتكم واستعراضاتكم التي تلت الأربعين يوماً الأولى من حرب العدوان على غزة.  

يصف جواد ظريف موقف نصر الله وخامنئي بالموقف الذكي؛ بينما نصفه نحن الذين نراعي الأخلاق والقيم في حياتنا بالموقف الجبان المخادع؛ فالعرب على سبيل المثال لم يدفعوا أهل غزة إلى التهلكة ولم يغرروا بهم، ولم يعدوهم بشيء ولم يمنوا عليهم بشيء إذا دعموهم.. والأهم من هذا كله يحترم العرب قيم الجوار والعهود ولم يعملوا على شق الصف الوطني الفلسطيني والمتاجرة بالقضية الفلسطينية ودعم جهة لتعلن العصيان على أخرى ولم يطلبوا من أحد القتال نيابة عنهم كما فعل ملالي طهران كعادتهم مع حماس، بعد أن غرر الملالي بحماس ووعدوهم نقضوا العهد وجعلوا غزة وأهلها كباش محرقة لنواياهم.. واليوم يتكلم الملالي عما تتعرض له الضفة الغربية على لسان وزير خارجيتهم الحالي وكأنما الضفة الغربية تعنيهم بعد ذلك العداء الطويل لمنظمة التحرير وتنكيلهم بالفلسطينيين في العراق.

يقول المصطفى الكريم محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: إذا تحدثن أحدكم فليقل خيراً أو ليصمت.. وظريف لم يصمت ولم يقل خيرا أبدا.. لكنه كما يقولون سكت دهرا ونطق كفراً.. ويا ليته  بقي صامتا لكان خيراً له، لكن حديثه هنا أي حديث ظريف لم يخلو من فائدة وهي تأكيده على أنه لا قيم في سلطة ولا في تصريح في ظل سلطة الملالي الشمولية التي لا علاقة لها بالشرع  أو القيم  على الإطلاق إذ الأجدر يراعي مسألة القيم فيما يقول خاصة وأنه في هذا العمر وخارج الخدمة.. فيا ظريف قولك: (إن دعمنا لحماس لا يشمل الحرب بجانبها) قولٌ غير مسؤول ومردود عليك فحماس هي التي تقاتل بجانبك ونيابة عنك وتفديك بأهل غزة وفلسطين وأداتك الفاعلة في الأزمات وها هي غزة في الجحيم وأنتم كما أنتم تجار كوارث وأزمات وشعارات ولا تتغيرون … فقل خيراً أو لتصمت إن كنت مسلماً، وكفاكم إدعاءات وارتدوا ردائكم وتكلموا بما يتوائم مع حجمكم، فحتى وإن امتلكتم السلاح النووي لن يُغير ذلك من حجمكم شيئاً ومستقبل إيران ليس لكم وقد زالت سلاطين أمثالكم من قبل كانوا أشد منكم قوة وحكمة ووعياً، وسينعم القوي العزيز الكريم على الشعب الفلسطيني الصابر بالنصر وستنتهي أوراق اللعب وصناعة الأزمات، وسيجبر العزيز الكريم كسر أهل فلسطين والمنكوبين في غزة، وما النصر إلا صبر ساعة إن ربي وربكم لقوي عزيز.

أما موقف الشعب الإيراني الذي جرب ويلات الحروب والحصار والإدارة الفاسدة والسلطة القمعية وقتل الأطفال والنساء فهو ضد معاناة الشعب الفلسطيني وضد آلام أهل غزة وما يحدث لهم من جانب المغرر الغادر بهم أو من جانب المحتل الغاشم، لكن الشعب الإيراني في وادي وسلطان الولي الفقيه في وادٍ آخر ولا يكترث الأخير بشعبه ويرفض الشعب النظام وكافة سياساته الداخلية ومخططاته العدوانية في الخارج.

ما أوردته من تصريحات لهم هو غيض من فيض غير الذي اعترفوا به مؤخراً… وأولى بهم أن يقاتلوا هم ويواجهون بأنفسهم ولا ينقلون صراعاتهم خارج حدودهم ليتحمل تبعاتها غيرهم ثم يأتون ليمنوا عليهم بالدعم، وكفاهم نهباً لأموال الشعب الإيراني وتجويعه وقمعه وقتله، وكفاهم قتلا لأبناء الشعب العراقي ونشر الفتنة بينهم ونهب مئات المليارات من أموالهم.

ختاماً أجد أنني لم أقل شيئاً.. ولا أجد ما أقوله سوى ما بدأت به “يستكثر ملالي طهران وجنودهم على غزة ثمرة الصمود ذات التكلفة العالية؛ ويٌمنون عليها دعماً هم له مُنكِرون”، فلا خير فيهم ولا في دعمهم وأولى بهم أن يكفوا شرهم عن الشعب الإيراني وعن دول وشعوب المنطقة.

د. محمد الموسوي / كاتب عراقي

د. محمد الموسوي

كاتب عراقي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى