د. محمد زويل يكتب: اليقظة من الغيبوبة فرصة!.. هل تضيع؟
كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية عن أنّ إسرائيل استهدفت بالقصف المكان الذي اعتقدت وجود محمد الضيف فيه، بقرابة ثمانية أطنان من القنابل، كما ألقت طائرات إف-35 الإسرائيلية على المكان ثمانية قنابل، زنة الواحدة ألفا رطل في مواصي خانيونس ومخيم الشاطئ؟
وسط حالة من الغيبوبة المتجددة لدي الجسم العربي الرسمي صدرت بيانات إدانات عربية، غالبا لا تلقي لها تل أبيب بالا، بل تُجاهر فيها إسرائيل باستمتاعها بالمجازر والإبادة وتدعي فيها انتصارات زائفة هي في حقيقتها جرائم ضد الإنسانية وتمثل إبادة جماعية وتطهير عرقي ، وسط تخاذل عربيّ رسمي بالتواطؤ، لا تخجل فيها الأنظمة العربية الرسمية من التعبيرِ عن الاستمتاع بالمشاهدة بل وتدعم تغذية إعلامية نحو مزيد من القتل والتدمير وأكثر من ذلك تفتح خطوط إمداد برية وتوفر مطارات لاستقبال الأسلحة الأمريكية بل ومشاركة طيارين عرب، بل ويذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك، بإبداء الشماتة في المقاومةٍ الفلسطينية وإظهار تفهمهم دوافع العدو الصهيوني في تكثيف غاراته، على نحو ما جرى في مواصي خان يونس ويكفينا هنا تصريح القيادي في حركة فتح وأمين سر اللجنة التنفيذية بها حسين الشيخ في لقاء جمعه مع مسئولين أجانب قائلا : «في السياسة لا يوجد عدو دائم ولا صديق دائم والإسرائيليون اليوم هم أصدقائنا وإخواننا ولن نتخلى عنهم في مواجهة حماس, سنقاتل معهم حتى أخر عنصر من أبناء الأجهزة الأمنية وأبلغنا بلينكن بذلك من اليوم الأول في الحرب»
وسط هذا التواطؤ العالمي يبدو لنا ضرورة أحداث اليقظة الاستراتيجية والتي تبدو ملامحها تتشكل من وسط الألم والدمار
وملامحها تتمثل في واقع ونتائج:
أولا: كافة قوي المقاومة على الأرض والتي تتصدى لإسرائيل هي قوى إسلامية وطنية وهي قوى من مشارب مختلفة، ينبأ عن إمكانية توحد الأمة في مواجهة العدو الاستراتيجي للأمة.
ثانيا: أنها قوى مقاومة شعبية وليست أنظمة حاكمة تستمد دعمها من الظهير المجتمعي وتقديم حجم هائل من الصمود والثبات واليقين من النصر.
ثالثا: أنها قوى ديمقراطية منفتحة مرنه تقبل بالآخر، في الحالة الفلسطينية نجد تعدداً في الفصائل المقاتلة سواء في غزة أو الضفة.
رابعا: أنها قوى مبدئية لا تتنازل عن أهدافها وقيمها وهويتها وتتمتع بالذكاء والقدرة على المناورة ولا ترعبها قوة الخصوم.
خامسا: مع أن المقاومة في حالة هجوم إلا أننا نجد تأييدا من شعوب العالم للقضية التي يحملونها، وهذه أول مرة يتحقق فيها ذلك وبشكل غير مسبوق.
سادسا: هذه الحرب العسكرية الأولي في التاريخ التي تسبق نتيجتها نهايتها وأنها حسمت من أول ست ساعات فيها لصالح المجاهدين الفلسطينيين ومشروعهم الوطني للتحرر من الاحتلال الصهيوني.
سابعا: انكشفت الصهيونية على حقيقتها، عن هشاشة هذا الكيان الذي يخيف الأنظمة العربية، ثبت أنه ليس أكثر من نمر من ورق يعتمد على التهويل والدعاية لتسويق قوته وسقطت أسطورته.
ثامنا: تتحقق لدى شعوب العالم أن الصهيونية ما هي إلا انحراف عن المسار الإنساني الطبيعي وتعتمد على نظرية عنصرية فاشية تزعم كذبا تفوق الدين والعرق الصهيوني وتعتبر باقي الأجناس حيوانات بشرية.
تاسعا: قد تتوقف الحرب في غزة لفترة قصيرة نظراً للضغط العالمي ولأهداف شخصية لرئيس الولايات المتحدة الذي يريد هدوءً لإعادة انتخابه، وستقبل فصائل المقاومة بهذا التوقف، فالمعاناة الشديدة لأهل غزة أكثر من أن توصف بكلمات بسيطة ولكن أشدها استعمال العدو لسلاح التجويع، والنصوص المطروحة الآن تنص على إدخال 600 شاحنة يومياً الأمر الذي سيخفف هذه المعاناة عن هذا الشعب الصابر.
عاشرا: ما سيحدث بعد ذلك أن إسرائيل ستعتقد أنها يمكنها التفرغ للجبهة اللبنانية، وهذا الأمر قد يشعل الجبهات مرة أخرى وتتوسع الحرب.
إن المكاسب الاستراتيجية مثل التأثير في حركة الملاحة في البحر الأحمر والتي حققتها القوى المساندة للمقاومة لا يمكن التخلي عنها بسهولة فضلا عن حجم الهشاشة الاستراتيجية الواقع فيها الجيش الإسرائيلي والمشكلات الحادثة للاقتصاد المنهك وحالة التفكك في الجبهة الداخلية الإسرائيلية والصراع السياسي كل ذلك يؤكد ان الفرصة لليقظة العربية والإسلامية وتفعيل محركات التغيير بالمجتمعات العربية باتت مواتية لنشهد تغييرات جذرية في أنظمة الحكم العميلة والمتواطئة مع الصهيونية وقد يحتاج الأمر بعض الوقت فقد استغرقت الغيبوبة وقتا طويلاً.