خلال الفترة الزمنية السابقة لا حديث يعلو فوق الحديث عن الاقتصاد فليس من المفترض ان نكون جميعاً خبراء في الاقتصاد و لكن مما لاشك فيه اننا جميعا اصبح لدينا الشغف بالاقتصاد واصبح حديثنا في الاقتصاد يتقارب من حديثنا عن مباريات كرة القدم واصبح الحديث عن الاقتصاد ليس مقصوراً على فئة محددة بل اصبح بين جميع الفئات الاجتماعية والعمرية والفكرية ، ومن ثم رأينا انه علينا مسئولية وطنية وعلمية في توضيح بعض المفاهيم الاقتصادية وهذا ما سنبدأ في طرحه خلال الفترة المقبلة من خلال مقال اسبوعي تحت عنوان «الاقتصاد بالبلدي» بغرض إيضاح بعض المفاهيم الاقتصادية ببساطة وسنلقي الضوء في ذلك الاسبوع على «الحوكمة وتأثيرها على نمو الشركات المتوسطة و الصغيرة»
الحوكمة ليست الإدارة وإنما هي نظام يتم من خلاله توزيع الصلاحيات واتخاذ القرارات من قبل القيادة بهدف تمكين مدراء المشاريع والبرامج من الإدارة الناجحة.
ما هو مفهوم الحوكمة؟ (governance)
تعتبر الحوكمة من أهم المتطلبات والضروريات الحتمية التي اصبح تطبيقها أساساً في الآونة الأخيرة، و ذلك لضمان تنظيم العمل في شركات القطاع الخاص والعام لغرض وضع قواعد ومبادئ لإدارة الشركات والرقابة عليها، تستخدم الحوكمة السُبل الكفيلة بالتطبيق الفعال لها بصورة تضمن استمرار العمل، والقدرة على المنافسة، وعدم الانهيار أمام تغيرات العملات العالمية، وبشكل يضمن الحفاظ على حقوق أصحاب المصالح وهم: المساهمون، والدائنون، والمستهلكون، والموردون، والقوى العاملة بكافة المناصب العُليا والدنيا، ويشمل ذلك كلاً من الأفراد والدولة والمجتمع
يمكن أن تعرف الحوكمة بأنها: «هي مجموعة السياسات أو القواعد أو الأطر التي تستخدمها الشركة لتحقيق أهداف أعمالها ويمكن من خلالها حماية المصالح والاستثمارات المالية للمساهمين، وكذلك تعظيم أرباح المنظمة وقيمتها السوقية على المدى البعيد، وتنظيم العلاقة بين الإدارة العُليا التي تشمل (الإدارة التنفيذية ومجلس الإدارة) وبين حملة الأسهم وأصحاب المصالح المرتبطين بالمنظمة»
حوكمة الشركات هي مجموعة من المبادئ والممارسات التي تهدف إلى إدارة الشركات بشكل فعال وشفاف، بما في ذلك توزيع الصلاحيات والمسؤوليات بين مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية، وضمان الشفافية والمساءلة تجاه المساهمين وأصحاب المصلحة. تهدف حوكمة الشركات إلى تعزيز الثقة بين المساهمين وضمان استمرارية نجاح الشركة على المدى الطويل.
ويتم من خلالها الاستغلال الأفضل للموارد الموجودة، وإدارتها بصورة سليمة، وفق معايير معينة، مثل الكفاءة، الفاعلية، والاستدامة، والأثر.
الهدف من الحوكمة
الحوكمة الناجحة تعزز توزيع الصلاحيات وتحديد المسؤولية والمحاسبة، ومعرفة حدود اتخاذ القرارات على كل صعيد ولكل دور، فهي العلاج لمن يتخطى الصلاحيات، وكذلك لمن لا يستخدم صلاحياته، والتطبيق الصحيح يوصل الى الشفافية والوضوح ويمنع “المحسوبية او الواسطة” فيكون التعامل بشكل عادل مع الجميع وفقا لمصلحة المؤسسة وليس الأفراد ويقلل من تضارب المصالح ويعزز أخلاقيات العمل. والحوكمة الصحيحة تسرع في الحصول على النتائج وتصحيح المسار والأخطاء فليس الهدف من المحاسبة قطع الأعناق وإنما استخلاص الدروس المستفادة ومنع تكرار الأخطاء والرقي بالنظام والإجراءات والخبرات والمهارات الى مكان نصل عنده الى تحقيق المنفعة والأهداف والنمو والتركيز على الخدمة الاجتماعية والاستدامة، فضلا عن زيادة الخدمات وتقليص النفقات وبالتالي زيادة الأرباح.
أثر الحوكمة على نمو الشركات المتوسطة والصغيرة
ان تطبيق مبادئ الحوكمة المؤسسية في أي شركة يحسن من انتاجها وينظم اعمالها ويرشدها الى الممارسات الصحيحة في إدارة مواردها بشكل امثل حيث ان لتطبيق الحوكمة المؤسسية اثر إيجابي في جميع مؤسسات العالم ، وذلك من خلال فصل الصلاحيات وتشكيل اللجان والانضباط الإداري لمجلس ادارتها بشكل عام مما يؤدي الى حسن استخدام مواردها وتوسع نشاطاتها وتحسين أدائها ، إضافة الى ان الامتثال لتعليمات الحوكمة يجعل عملية اتخاذ القرارات مدروسة وليست عشوائية حيث ان الحوكمة قسمت القرارات والأعمال والمسؤوليات حسب الاختصاص وفرضت على لجانها المنبثقة من المجلس او من الإدارة التنفيذية وضع التوصيات وتعديل الانحرافات وتقديم المقترحات والمعالجات التي تصوب عملية اتخاذ القرار نحو الأفضل والتي تحمي المؤسسة من المخاطر التي تحيط بها وخاصة مخاطر السمعة ومخاطر السوق والمخاطر القانونية وغيرها.
يمكن لتبني مبادئ الحوكمة أن تكون ركيزة أساسية لنمو ونجاح الشركات المتوسطة والصغيرة على المدى الطويل.و تؤثر الحوكمة على اهداف الشركة بعدة طرق منها :-
1- تعزيز الشفافية والمساءلة: تسهم حوكمة الشركات في زيادة الشفافية في إدارة الشركة وتحديد المسؤوليات، مما يعزز المساءلة ويقلل من فرص الفساد والتلاعب.
2- زيادة الثقة والمصداقية: تطبيق مبادئ الحوكمة يساعد على بناء ثقة العملاء والمستثمرين والجهات الممولة في الشركة الصغيرة أو المتوسطة، مما يمكنها من الوصول إلى فرص تمويل أفضل وشراكات تجارية استراتيجية.
3- تحفيز الاستثمارات: الشركات ذات الحوكمة الجيدة تكون جذابة للمستثمرين، حيث يرتبط الحوافز المالية بأداء الشركة بشكل أفضل، مما يزيد من فرص جذب الاستثمارات وتحسين سعر السهم.
4- تحسين علاقات العملاء والموردين: من خلال اتباع ممارسات حوكمة شفافة ونزيهة، يمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة بناء علاقات أفضل مع العملاء والموردين، مما يساهم في تحسين سمعتها وزيادة فرص التعاون والنمو وتحقيق المزيد من النجاح التجاري.
5- تحسين إدارة المخاطر: من خلال إقامة هياكل إدارة قوية، تساعد حوكمة الشركات في تحديد وإدارة المخاطر بشكل فعال، مما يقلل من التعرض للخسائر غير المتوقعة.
6- زيادة الابتكار والاستدامة: تعزز الحوكمة الجيدة من الروح الابتكارية داخل الشركة وتشجع على اتخاذ القرارات طويلة الأجل التي تعزز الاستدامة البيئية والاجتماعية بالإضافة إلى الربحية المالية.
7- تعزيز النمو والاستدامة: تساعد الحوكمة الجيدة على توجيه الشركات الصغيرة والمتوسطة نحو النمو المستدام، مما يجعلها أكثر قدرة على التكيف مع التحديات والفرص في السوق.
8- جذب المواهب والموظفين المحترفين: تُعتبر الشركات التي تمتلك هياكل حوكمة جيدة مكانًا مفضلًا للموظفين المحترفين الذين يبحثون عن بيئة عمل مستقرة ومنصفة، مما يمكن الشركة من جذب واحتفاظ بأفضل المواهب.
بشكل عام، تؤدي الحوكمة الجيدة إلى تعزيز الثقة بين أصحاب المصلحة وتحقيق أهداف الشركة على المدى الطويل.
«بالبلدي ماهي الحوكمة وتأثيرها على الشركات المتوسطة والصغيرة»
بالبلدي كده الحوكمة هي “الطريقة اللي الشركة أو المؤسسة بتتدير بيها حاجاتها وبتقرر فيها مين اللي بيتحكم في القرارات وكيفية اتخاذها وبتسهل له الادوات اللازمة لذلك وبيبقى فيه قواعد وضوابط لضمان النزاهة والشفافية في الإدارة.”
ولما يكون عندك نظام وقواعد جيدة ده هيساعد في تعزيز الثقة بين المستثمرين والمساهمين، وبالتالي تجذب الاستثمارات وتدعم نمو الاقتصاد وتعزيز الثقة في السوق. كما تساعد في تقليل المخاطر وتحسين أداء الشركة وطبعاً ده يعزز فرص نجاحها ونموها على المدى الطويل.
يعني لما يكون عندك نظام جيد ومفيش واسطة أو محسوبية ومحدد لكل واحد هيعمل ايه ودوره ايه تقدر تحاسبه والحساب مش بغرض العقاب بس ولكن علشان نصحح الأوضاع الخطأ بسرعة ونقلل المخاطر وبكده الشركة تكتسب ثقة العملاء وتعزز مكانها في السوق فتكون الشركة مجال جذب للمستثمرين وأيضاً للعملاء، ويستمر النجاح بشكل مستديم.
