عكفت الحكومة المصرية خلال الفترة الماضية على تشجيع القطاع الخاص وتمكينه، وذلك من خلال حزمة الإجراءات الإصلاحية الداعمة لدفع وتيرة النمو الاقتصادي والوصول الى معدلات نمو مدفوعة بالأساس بنمو القطاع الخاص والتي تمثل الهدف الرئيسي لوثيقة سياسة ملكية الدولة، وكذا توفير فرص متنوعة لتواجده في الأنشطة الاقتصادية كافة، بما يساعد على رفع نسبة مساهمته الاقتصادية في الناتج المحلي الإجمالي، والاستثمارات المنفذة، والتشغيل، والصادرات، والإيرادات الحكومية.
من خلال متابعة اجمالي الإجراءات الإصلاحية المنفذة خلال الفترة من ن (مايو 2022 – سبتمبر 2023) على مستوى السياسات الاقتصادية الكلية، والسياسات القطاعية.
وبلغ إجمالي الإجراءات الإصلاحية المنفذة والمستقبلية نحو 171 إجراءً إصلاحيًّا، بينما بلغت إجمالي الإجراءات الإصلاحية المنفذة خلال الفترة من (مايو 2022- يونيو 2024) بلغ نحو 293 إجراءً إصلاحيًّا داعمًا للقطاع الخاص الامر الذي يتضح معه تنفيذ (122) إجراءً إصلاحيًّا خلال الفترة من (أكتوبر 2023 – يونيو 2024).
وفي إطار الرؤية الشاملة للإصلاحات الاقتصادية والمالية تعمل الحكومة على جذب 1.. مليار دولار استثمارات أجنبية مباشرة خلال 6 سنين بمعدل سنوي 15 مليار دولار من خلال حزم حوافز ضريبية والتوسع في منح الرخص الذهبية لتمكين القطاع الخاص.
وفي إطار ما سبق نرى
أن تمكين القطاع الخاص في مصر يشهد تقدمًا ملحوظًا، ولكن ما زالت هناك تحديات قائمة لتحقيق الأهداف الكاملة. ففي ظل تبني الحكومة المصرية عددًا من السياسات لدعم القطاع الخاص وزيادة مساهمته في الاقتصاد، قد ظهرت نتائج إيجابية واضحة خلال السنوات الأخيرة يتمثل بعضها في:
ارتفاع نسبة مساهمة القطاع الخاص في إجمالي الاستثمارات إلى 37% خلال العام المالي 2023/2024، مع توقعات بزيادتها إلى 48% وفق الخطة الاقتصادية للدولة للعام المالي 2024/2025، بفضل الحوافز المقدمة، مثل “الرخصة الذهبية” التي تُسهّل الإجراءات الاستثمارية وتعزز الشفافية في التعاملات الحكومية
كما اهتمت الدولة بإجراء بعض الإصلاحات التشريعية وذلك لتعزيز الفصل بين الملكية والإدارة في عدد من قطاعات الدولة، فقد تمت الموافقة على مشروع قرار بإجراء تعديلات على بعض المواد القانونية التي تمنح معاملة تفضيلية للشركات والجهات المملوكة للدولة؛ بهدف تعزيز الحياد التنافسي في السوق المصرية. حيث تم تنفيذ عدد (108) إجراء لتحسين بيئة الأعمال، بما يشمل تعزيز المنافسة وإلغاء المعاملة التفضيلية للمؤسسات الحكومية، وتقديم حوافز ضريبية واستثمارية في قطاعات استراتيجية مثل الهيدروجين الأخضر والصناعة المحلية وكذلك شهدت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس استثمارات نشطة مع توقيع خمس اتفاقيات شراكة مع القطاع الخاص لتنفيذ مشروعات صناعية، بالإضافة إلى إطلاق منصة رقمية (E-tabadul) لربط الصناعات وتعزيز التعاون
وكانت نتيجة تلك الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية والتي من ضمنها تمكين القطاع الخاص توقع وكالة التصنيف الائتماني «موديز» نمو الاقتصاد المصري 5% في العام المالي 2026، لكنها خفضت توقعاتها لمعدلات نمو الاقتصاد للعام المالي الحالي إلى 4%، بحسب تقرير حديث صادر عن الوكالة.
وذكرت «موديز» أن متوسط معدل التضخم في مصر سيتراجع العام المالي المقبل إلى 16% مقابل 27.5% في العام المالي الحالي قبل أن يتراجع إلى 13% في 2026.
وأشارت الوكالة إلى استقرار الظروف الاقتصادية والتمويلية ما يدعم جودة الائتمان لحكومات وشركات ومؤسسات الأسواق الناشئة خلال عام 2025. كما رفعت وكالة «فيتش» العالمية تصنيف مصر الائتماني إلى مستوى B، بدلا من B- مع نظرة مستقبلية مستقرة.
ومن خلال الإيضاحات السابقة نرى أن الحكومة المصرية قطعت شوطًا كبيرًا في تمكين القطاع الخاص، مع تحقيق نمو ملحوظ في مساهمته الاقتصادية. ومع ذلك، فإن التحديات العالمية والمحلية تتطلب استمرار الجهود لتعزيز الثقة وتحفيز استثمارات أكبر خلال الأعوام القادمة، والتي تتطلب زيادة الحوار بين الحكومة والمستثمرين لضمان فهم التحديات بشكل أفضل والعمل على حلها وكذا تشجيع الابتكار وريادة الأعمال لتعزيز دور القطاع الخاص في النمو حيث ما زالت هناك تحديات تتعلق بتباطؤ معدلات النمو الاقتصادي وتأثر الاستثمارات الخاصة بالأزمات الاقتصادية والجيوسياسية العالمية