في مساء حار من ليالي يوليو، جلست أسرة “محمد” في شرفة شقتهم بالقاهرة تخطط لإجازة الصيف. كانت زوجته تقلب عروض القرى السياحية في الساحل الشمالي على هاتفها، بينما يحسب محمد في ورقة صغيرة تكلفة الإقامة والانتقالات والمصاريف الإضافية.
الأرقام كانت أكبر من مدخراتهم الحالية، لكن فكرة قضاء الصيف بلا سفر لم تكن واردة.
الإجازة… موسم الإنفاق الكبير
مثل أسرة محمد، هناك آلاف الأسر المصرية التي ترى الصيف فرصة للراحة من ضغوط العمل والدراسة.
وأماكن المصيف تتنوع بين الغردقة وشرم الشيخ ومرسى علم والساحل الشمالي، وصولًا إلى رحلات خارجية لتركيا أو دبي أو اليونان أو تايلاند.
وبحسب وزارة السياحة، استقبلت مصر 15.7 مليون سائح في 2024، وهو ما يوضح حجم النشاط السياحي الذي يرفع الطلب على الفنادق، المطاعم، والنقل الداخلي والخارجي. حتى من لا يسافرون، تجدهم ينفقون على التسوق، الملابس الصيفية، الأجهزة، والأنشطة الترفيهية.
وهنا يثار التساؤل هل تزداد المشتريات الاستهلاكية بشكل ملحوظ خلال فصل الصيف
نعم، تزداد المشتريات الاستهلاكية بشكل ملحوظ خلال فصل الصيف، خاصة في أوقات الإجازات. ويعود ذلك إلى عدة عوامل:
السفر والترفيه: يتجه الكثير من الأفراد والعائلات إلى المدن الساحلية والمصايف، مما يزيد من إنفاقهم على الإقامة، الأنشطة الترفيهية والمطاعم والاستعداد للعطلات: قبل بدء الإجازات، يزيد الإنفاق على شراء مستلزمات السفر مثل الحقائب، الملابس الصيفية، وأدوات البحر والمناسبات الاجتماعية: يشهد فصل الصيف غالبًا زيادة في حفلات الزفاف والمناسبات العائلية، مما يرفع الطلب على الهدايا، الملابس الرسمية، وخدمات تنظيم الحفلات.
المنتجات والخدمات التي يزداد الطلب عليها خلال فترة الصيف، يرتفع الطلب على مجموعة واسعة من المنتجات والخدمات. يمكن تقسيمها إلى فئات رئيسية:
زيادة الإقبال على المنتجات
مثل تذاكر الطيران والحجز الفندقي حيث يزيد الطلب على الحجوزات الداخلية والدولية. وكذا الرحلات والبرامج السياحية حيث تتجه الأسر إلى حجز رحلات منظمة. وكذا السلع الاستهلاكية مثل الملابس والأحذية خاصة الملابس الصيفية، ملابس السباحة، والصنادل. والأجهزة الإلكترونية مثل الكاميرات، سماعات الرأس، والأجهزة اللوحية.
زيادة الإقبال على الخدمات المالية:
مثل القروض الشخصية بغرض تمويل تكاليف السفر والإجازات وبطاقات الائتمان: لاستخدامها في المشتريات اليومية وأثناء السفر. وخدمات الدفع بالتقسيط (BNPL) التي تشهد نموًا ملحوظًا، ويتوقع أن تصل قيمتها في مصر إلى 1.67 مليار دولار في 2025
هل تطلق البنوك عروضًا خاصة للقروض الشخصية أو قروض السفر في الصيف؟ وهل هناك زيادة في الطلب عليها؟
تستغل البنوك والمؤسسات المالية هذا الموسم لتقديم عروض خاصة تستهدف عملاءها، وذلك لتحفيزهم على الاقتراض والإنفاق. وتشمل هذه العروض قروض شخصية بفائدة منخفضة وغالبًا ما تقدم البنوك تلك القروض بفائدة تنافسية أو بفترات سداد مريحة.
وكذا زيادة الحد الائتماني لبطاقات الدفع (بطاقات الائتمان) خلال فترة الصيف.
فضلاً عن تقديم خصومات خاصة من خلال تعاون البنوك مع شركات سياحة أو فنادق لتقديم خصومات حصرية لحاملي بطاقاتها.
وتشير بيانات السوق البنكي إلى أن الإقبال على القروض الشخصية يرتفع في الصيف مقارنة ببقية العام، خاصة بين الموظفين وأصحاب الدخول الثابتة. وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري وبعض التقارير الاقتصادية، يزداد حجم القروض الشخصية وبطاقات الائتمان في الربع الثالث من العام (يوليو، أغسطس، سبتمبر) مقارنة بالربع الأول. هذا الارتفاع يعكس رغبة الأفراد في تمويل أنشطتهم الصيفية دون المساس بمدخراتهم.
تأثير خفض أسعار الفائدة على المشتريات الصيفية
في مايو 2025، خفّض البنك المركزي المصري سعر الفائدة بمقدار 1% لأول مرة منذ سنوات، مع بقاء سعر الإقراض عند 25% وسعر الإيداع عند 24% في يونيو.
مع تراجع التضخم إلى 14.9% في يونيو 2025، أصبحت تكلفة الاقتراض أقل نسبيًا، مما يشجع المستهلكين على تمويل رحلاتهم أو مشترياتهم الكبيرة عبر القروض أو بطاقات الدفع، خاصة في موسم الصيف فان انخفاض أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي له تأثير مباشر على انخفاض تكلفة الاقتراض وزيادة الإنفاق الاستهلاكي وكذا تنشيط السوق وذلك على النجو التالي فإن خفض أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي له تأثير مباشر على المشتريات الاستهلاكية، خاصة خلال الإجازات. حيث أنه عندما تنخفض أسعار الفائدة، تصبح تكلفة القروض الشخصية وقروض السيارات وبطاقات الائتمان أقل. وهذا يشجع الأفراد على الاقتراض لتمويل مشترياتهم الاستهلاكية.
ويشعر المستهلكون بثقة أكبر في الإنفاق، مما يزيد من حجم المشتريات على السلع والخدمات الترفيهية خلال الإجازات الأمر الذي يؤدي الى زيادة الإنفاق الاستهلاكي وأع خيراً يساهم انخفاض أسعار الفائدة في تنشيط حركة البيع والشراء في الأسواق، مما يدعم النمو الاقتصادي بشكل عام
إجازات الصيف في مصر ترفع الطلب على السفر، التسوق، والترفيه، ومعها يزيد الإقبال على القروض الشخصية وبطاقات الدفع. البنوك تستغل الموسم بعروض خاصة، وانخفاض الفائدة يشجع على الاقتراض. لكن قبل التوقيع على أي عقد، فكر في ميزانيتك، حتى لا تتحول ذكريات الصيف الجميلة إلى أعباء مالية طويلة.
