ومن يرفض ذلك يعاني من مشكلة أخرى (فكرية / أيدلوجية) مع المنتصر المتغلب، أو هو مدفوع ممن يعاني هذه المشكلة، فهو واجهة فقط!
والأمر لديه ليس مبنيًّا على قناعات قانونية أو حقوقية،
فمن حكم مصر من بعد انقلاب 1952م اعترفوا بأنهم كانوا مخربين، وعلى حد الوصف المعاصر (إرهابيون)، بل إن عبد الناصر قد وضع النظام الداخلي والتقسيمات لتنظيم الضباط الأحرار خمس إدارات: (الإدارة الاقتصادية – إدارة الإعلام – إدارة التشكيلات – إدارة الإرهاب – إدارة الأمن) هكذا سماها هو بنفسه، وكان الغرض منها القيام بعمليات اغتيال للخصوم السياسيين (بحسب رؤيته)، وبحسب ما اعترف به في كتابه (فلسفة الثورة)!
وقد قام بالفعل عبد الناصر بمحاولة اغتيار اللواء حسين سري عمر المرشح لتولي وزير الحربية في 08 / 01 / 1952م، وأطلق عليه سبع رصاصات، وفشلت المحاولة، وشاركه فيها (كمال رفعت وحسن التهامي وحسن إبراهيم) من أعضاء ما عرف فيما بعد بمجلس قيادة الثورة!
واعترف السادات بمحاولة اغتيال مصطفي النحاس في كتابه (قصة الثورة كاملة)، وفشلت المحاولة في 06 / 09 / 1945م!
ثم اعترف السادات في نجاحهم في اغتيال وزير المالية إسماعيل عثمان في 06 / 01 / 1946م! وتم إلقاء القبض على السادات بعد خمس أيام من الاغتيال!
ويحكي عبد اللطيف البغدادي في مذكراته أنهم قبل الانقلاب بأسبوع تقريبا وضعوا خطة لاغتيال العديد من القيادات السياسية والحزبية في البلد، وبدأوا حصر الأسماء التي سيتم استهدافها بالاغتيال، غير أنهم تراجعوا عن الفكرة بعد أن وجدوا أن العدد كبيرًا
ويعترف أيضا خالد محيي الدين في مذكراته التي أسماها (الآن أتكلم) أن عبد الناصر رتب لعمليات اغتيال واسعة النطاق بهدف زلزلة أركان النظام حسب قوله، ويضيف: (في 7 فبراير 1952 قبل صدور خطاب تشكيل وزارة الهلالي، زارني في بيتي جمال عبد الناصر وكمال الدين حسين وتوقع عبد الناصر أن الهلالي سوف يعطل الدستور ويحل البرلمان وأفعال أخرى، ومن ثم فلا بد أن نتحرك فورا بعمل انقلاب،. وتقدم عبد الناصر باقتراح مؤداه أن نقوم بسلسلة اغتيالات تستهدف هز أركان النظام، واتفقنا أن يجهز كل منا مجموعته للبدء في التنفيذ)، غير أن الفكرة تراجعوا عنها في اللحظات الأخيرة لشكوكهم في أن تؤدي إلى تحقيق الهدف المقصود منها!
كما اعترف أنه شارك في اغتيال أحد المرشحين لمجلس الشيوخ في 1946م بالاشتراك مع رفيقه حسن عزت!
واقترح جمال سالم أثناء ما عرف بأزمة فبراير 1952م مع محمد نجيب أن يتم اغتيال محمد نجيب ذاته، لكن باقي الضباط رفضوا الفكرة لخوفهم من تبعاتها.
كما اعترف أكثر من ضابط من تنظيم الضباط الأحرار منهم خالد محيي الدين في (الآن أتكلم)، وعبد اللطيف البغدادي في مذكراته أن عبد الناصر هو الذي دبر ستة انفجارات في القاهرة بعد قيام (الثورة) لإرهاب الناس، وصنع حالة من الفوضى والخوف منها، وأن البلد ليست مستقرة، فلا مجال لإعادة الديموقراطية في هذا الوقت!
هذه الأعمال كلها يقال عنها الآن أنها أعمال بطولية، وليست إرهابية، وفي الحقيقة نحن أمام مجموعة من المغامرين الطامحين للسلطة بشكل جنوني، لكنهم هم من كتب التاريخ الذي سمعناه في مدرستنا الابتدائية المشتركة بنين!!
وعندما تسأل إعلامي الآن: لمَ تتخذ موقف معاد لأحمد الشرع قائد الثورة السورية؟ سيقول لك مباشرة: لأنه إرهابي سابق!!
العجيب أن هذا الإعلامي من الممكن أن يكون ممن ينتحل الناصرية دينًا ومذهبًا، لكنه لن يتذكر ما فعله ناصر والناصرية!
وقد يكون من المطبلين لكل منتصر، لكنه لن يرى أن الشرع انتصر، فطرد قاعدته أن يستمر في التطبيل!
وفي كل هذه الحالات – وغيرها – فإن سر (الرفض) ليس في الماضي، وإنما في مستقبل الكرسي الذي يجلس عليه!