د. محمد عياش الكبيسي يكتب: أم لهم شركاء؟
يعلم الباحثون في تاريخ الأديان أنها بمرور الزمن تتعرض إلى عمليات من التغيير والتحريف تبعا لظروف وأسباب مختلفة أهمها هيمنة طبقة «رجال الدين» الذين يتمتعون بنوع من القداسة الكهنوتية الغامضة ومنح أنفسهم صلاحية التشريع بدون حسيب ولا رقيب.
وعلى سبيل المثال؛ إن مجموع أسفار الإنجيل «العهد الجديد» المطبوعة الآن ٢٧ جزءا، منها ٤ فقط ينسبونها إلى سيدنا عيسى عليه السلام ، بينما ٢٣ الباقية هي لمجموعة من «رجال الدين» أبرزهم شاوول الذي سمى نفسه فيما بعد بولص حيث كانت حصته من «الكتاب المقدس» ١٤ رسالة! وفيها تناقض وتعارض واضح مع ما ينسبه الإنجيل الحالي نفسه لسيدنا عيسى عليه السلام.
وهذا التسليم لهذه الطبقة من رجال الدين والتقليد الأعمى لهم حذّر منه القرآن الكريم غاية التحذير فقال : (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)، وانظر كيف آل هذا التقليد الأعمى إلى الشرك الصريح المناقض لأصل دعوة الأنبياء عليه الصلاة والسلام.
فكل من شرّع عبادات أو شعائر تعبدية أو طقوسا دينية لم يأمر بها الله تعالى فإنما هو يقود قومه وأتباعه إلى هذه الهاوية المظلمة. قال تعالى ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَٰٓؤُاْ شَرَعُواْ لَهُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنۢ بِهِ ٱللَّهُ). فهذه آية صريحة ومحكمة تبطل أية دعوى بمنح صلاحية التشريع لغير الله تعالى كائنا من كان. وكل رواية تعارض محكمات القرآن فهي إما باطلة من أصلها. أو باطلة بفهمها وتفسيرها.
وواجبنا مع هؤلاء النصح بالعلم والحجة وحسن المعاملة والمجادلة بالتي هي أحسن، ومصيرنا ومصيرهم إلى الواحد الأحد سبحانه وهو يقضي بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون.