مع كل مواجهة يصعد الخطاب (الإسلامي) التعبوي، الذي يسعى إلى رفع المعنويات، وتأكيد البشارات، وتنزيل الوعود الإلهية على نوازل بعينها، فإذا جاءت النتائج بالعكس لاذ بعض هؤلاء المشايخ بالصمت، والبعض الآخر راح يذكّر بسنن الله تعالى في (الابتلاء) و(التمحيص)، وأن الله تعالى (إذا أحب قوما ابتلاهم).
أما الشباب المثقف فسيغرق في دوامة من الأسئلة (أين تلك الوعود الإلهية)؟ وكيف تتغلب (التكنلوجيا) على تلك (المسلمات الإيمانية)؟ونحو ذلك من الأسئلة التي تقوده إلى الشك وربما الإلحاد.
أرسل لي أحد الإخوة منشورا للأخ الدكتور نايف بن نهار يذكر فيه أن بعض (القياديين) من (الإخوان) و (السلفية)قد صاروا (ملحدين يخفون إلحادهم)! وينقل هذا عن دراسة علمية قامت بها إحدى الباحثات وهي بنت الدكتور المعروف حامد قويسي.
اليوم زرت أستاذنا الدكتور حامد وتحاورنا طويلا في هذا الموضوع، وأبدى استغرابه من تكرار المشايخ لمثل هذا الخطاب دون وعي بمخاطره والتي قد تصل إلى حد الإلحاد -والعياذ بالله-.
أضاف الدكتور -حفظه الله- أن ابنته الباحثة (ولاء) مهتمة في هذا المجال، وقد أصدرت كتابا عن حالة الإيمان في صفوف المعتقلين المسلمين على أثر بعض الأزمات، والكتاب يقع بحدود 260 صفحة، وقد أهداني نسخة منه.
وبهذا الصدد نتذكر تقرير قناة الجزيرة عن تحول بعض الشباب المسلم إلى الإلحاد بعد أحداث رابعة في مصر، (انظر المرفق).
على الصعيد الشخصي أذكر حالتين لقياديين اثنين من الإسلاميين، صارحني أحدهم بأنه الآن 50٪ مؤمن و50٪ ملحد، والآخر طلب مساعدتي في إرجاع ابنه إلى الإسلام، وهو يذكر أن ابنه كان متحمسا للدعوة ومن شباب المساجد العاملين.
أطلعت أخي الدكتور حامد على نماذج من المنشورات التي يتبناها اليوم بعض المشايخ مثل (نحن لا نشك بوعد الله في نصره لأهل غز-ة وإنما نترقبه فقط) و (هذا وعد الله، وهذا وعد ترامب، فأي الوعدين يتحقق؟) و (الرسول عليه الصلاة والسلام أخبرنا عن الطائفة المنصورة في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، وأنهم لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم، فالنصر متحقق يقينا ولا يشك فيه إلا منافق).
ضرب الدكتور كفا بكف وقال: ماهذا التألي على الله، وعلى رسول الله، وماذا لو جاءت النتائج بخلاف هذا – لا قدر الله-.
لقد حذرت سابقا في منشور مستقل عن خطورة تنزيل الأخبار الغيبية على حوادث معينة، ورفع المعنويات إنما يكون بوعد الله الأخروي (الشهادة والجنة)، وأما المجازفة بمثل هذا التألي فضرره أكبر من نفعه.
سألت أحد هؤلاء: هل هناك طائفة أولى بنصر الله من صحابة رسول الله ؟ فلماذا خسروا في أحد؟ قال: لأنهم ارتكبوا خطأ. قلت ومن أدراك أن هذه الجماعة أو تلك لم ترتكب خطأ؟
إننا ندعو لإخواننا في كل مكان بالنصر والفرج ونرجو من الله ذلك، لكننا لا نتجرأ على الله ولا نتألى عليه سبحانه وتعالى
أما القول بأن مجرد الثبات هو نصر، وأننا نقصد بالنصر رضا الله والجنة، فعليكم أن تبينوا هذا المفهوم للنصر من البداية، ولا توقعوا الناس في هذه الفتنة.