مقالات

د. محمد عياش الكبيسي يكتب: الصحابة كلهم مبشّرون بالجنة

يسأل سائل: لماذا هناك عشرة من الصحابة هم المبشرون بالجنة فقط؟

والصحيح أن ذكر العشرة بأسمائهم لا يعني الاقتصار عليهم، فقد وردت أحاديث صحيحة تبشّر بعض الصحابة بأسمائهم مثل الحديث الصحيح؛ (سبقك بها عكّاشة) فعكّاشة صحابي من غير العشرة وقد بشّره النبيّ عليه الصلاة والسلام بدخول الجنّة من غير حساب.

والأهم من هذا أن القرآن الكريم قد بشّر الصحابة كلهم بالجنة والرضا، في مثل قوله تعالى:

(والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم).

وهنا تتردد على ألسنة بعض السبّابين اللعّانين شبهتان، سنختصر الجواب عنهما:

الأولى/ قالوا: إن هذه الآية نزلت في وقت معيّن، وحكمها قد يتغيّر حينما يتغيّر حال الصحابة! بمعنى أن الآية قد نُسخت، والصحيح أن هذه الآية لا تقبل النسخ إطلاقا، لإنها إخبار عن قوم مخصوصين بأن الله تعالى قد أعد لهم الجنّات، وعلم الله لا يتبدّل، لأن الله يعلم المستقبل كما يعلم الماضي ويعلم ما يكون كما يعلم ما كان، ثم إن الخبر أي خبر يرد في القرآن أو السنّة فإنه لا يحتمل النسخ، لأن الخبر إن لم يكن صادقا فهو كاذب، ولا يحتمل شيئا آخر.

وهنا قد التبس على بعضهم صيغة الخبر بصيغة الشرط، فالشرط قد يتخلف جزاؤه بتخلف فعله، مثل قولنا (من يقرأ ينجح) فهنا قد يتخلف النجاح إذا تخلفت القراءة، أما حينما أقول: (زيد ناجح) فهذا لا يحتمل إلا الصدق أو الكذب، وعليه فمن قال: إن الله لم يعدّ الجنة للمهاجرين والأنصار أو أنه لم يرض عنهم فقد كذّب القرآن الكريم تكذيبا صريحا. والعياذ بالله.

الثانية/ قالوا: كيف يدخلون الجنّة وهم قد اقتتلوا فيما بينهم، ويكفي للرد على هذه الشبهة قوله تعالى: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين، إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون)

فانظر كيف أثبت القرآن للطائفتين المتقاتلتين (الإيمان) و (الأخوّة) بمعنى أن الفتنة قد تقع بين المسلمين، فهم ليسوا معصومين من الخطأ ولا من الذنب، وواجب المسلمين السعي بالصلح، أما أعداء الإسلام فسيستغلونها فرصة لسكب الزيت على النار، حتى تبقى الفتنة مستعرة إلى أبد الآباد.

ولنقارن هنا بين موقف هؤلاء الفتّانين المفتنين وبين موقف سيدنا الحسن بن علي – رضي الله عنه وعن أبيه وسائر الآل والأصحاب، حيث جمع الله به كلمة المسلمين كما بشّر بذلك جدّه المصطفى عليه الصلاة والسلام بقوله: “إن ابني هذا سيّد، ولعلّ الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين” صحيح البخاري. مع أن سيدنا الحسن كان عنده جيش كبير يستطيع أن يقاتل به لكنه آثر ما عند الله وكل ما من شأنه أن يحقق مصلحة الإسلام ووحدة المسلمين.

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين

د. محمد عياش الكبيسي

مفكر وداعية إسلامي، دكتوراه في الفقه الإسلامي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى