السبت مايو 4, 2024
أقلام حرة

د. محمد عياش الكبيسي يكتب: دستور القيم

‏الزينة

‏ يقول الله تعالى: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد) الأعراف 31، ويقول أيضا: (قل من حرّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) الأعراف 32.

والقرآن الذي يحثّ الناس هنا على التزيّن يلفت أنظارهم أيضا إلى الزينة الكونية الباهرة في جمال هذا الخلق ودقّة صنعته، فقال عن السماء: (إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب) الصافات 6، ويقول عن الأرض: (إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها) الكهف 7، ويقول عن الخيول ونحوها: (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة) النحل 8، ويقول عن الأنعام بصورة عامة: (ولكم فيها جَمال حين تريحون وحين تسرحون) النحل 14.

‏فالزينة أو الجمال قيمة كونية أقام الله تعالى عليها هذا الكون، وأمر بني آدم أن يتزيّنوا ويتجمّلوا لينسجموا مع هذه القيمة الكونيّة المنبثقة من اسم الله تعالى “الجميل” الذي يحبّ الجَمال، قال عليه الصلاة والسلام: “إن الله جميل يحب الجمال” صحيح مسلم، رقم الحديث 91.

‏وقد تجلّت هذه القيمة في سنن النبيّ عليه الصلاة والسلام كالتطيّب والاستياك وترجيل الشعر وتخضيبه، ويكفي هنا التمعّن في هذا الحديث الشريف الذي يجمع بين جمال العبادة وجمال الأخلاق وجمال البدن: “لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهّر ما استطاع من طهر، ويدّهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرّق بين اثنين، ثم يصلّي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلّم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى” صحيح البخاري، رقم الحديث 883.

وهذا الحديث أولى بتفسير الآية (خذوا زينتكم عند كل مسجد) ممن فسرها بستر العورة، فلفظ الزينة مقصود لمعنى زائد على مجرد ستر العورة، والله أعلم.

Please follow and like us:
د. محمد عياش الكبيسي
مفكر وداعية اسلامي، دكتوراه في الفقه الاسلامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب