مقالات

د. محمد عياش الكبيسي يكتب: مسألة فقهية تتعلق بهلال شوال لهذا العام

1- من المقطوع به فلكيا أن الهلال لن يكون موجودا في الأفق ليلة التحرّي لأنه سيتولّد فيها الساعة 9:22 مساء بتوقيت مكة المكرمة -وهي لحظة كونية لا علاقة لها باختلاف المطالع ولا المناطق- وبالتالي فرؤيته مستحيلة بكل تأكيد، وعليه فالعيد فلكيا هو يوم الأربعاء 10-4-2024.

2- من المتوقع أن يتفق المسلمون جميعا على أن الأربعاء هو يوم العيد، سواء من يأخذ بالرؤية أو بالعلم.

3- لكن من المعتاد كذلك أن تصدر بيانات من الأوقاف والهيئات الشرعية في أغلب بلادنا الإسلامية -وليس كلها-تدعو المسلمين لمراقبة الهلال، وهنا نطرح هذه الأسئلة لمزيد من الوعي:

س1/ ما معنى الدعوة لمراقبة هلال غير موجود قطعا؟ ونحن نعلم أن الثابت في السنّة أنه في حالة وجود حائل من غيم ونحوه فإننا نتم الثلاثين، فكيف إذا كان الهلال غير موجود أصلا؟

س2/ لو افترضنا أن شخصا أو أكثر جاء وشهد أمامكم برؤية هذا الهلال -الذي هو غير موجود قطعا-فهل ستقبلون شهادته؟

س3/ ألا ترون أن قبول قول الشاهد مع مخالفته للعلم اليقيني يعني أننا نرفض كل الأدلة العلمية الحديثة ومنها الأدلة الجنائية المعتمدة اليوم في كل محاكم الدنيا؟ يعني لو شهد شاهدان على أن فلانا هو السارق، أو القاتل، لكن الأدلة الجنائية برأته وأظهرت كذب الشهود، فهل سنرفض هذه الأدلة وكأنها غير موجودة؟

س4/ ما الرسالة التي نوجهها للعالم، ولشبابنا أيضًا ونحن نضع لهم عمليا (الدين) في الطريق المناقض ل(العلم) بينما نحن نرفع شعارا مغايرا لذلك؟

4- كان شيخنا القرضاوي رحمه الله يقول في هذه المسألة، وقد سمعت ذلك منه: أنه يتفهم الخلاف بين القائلين بالحساب الفلكي وبين من يشترطون الرؤية في إثبات دخول الشهر، لكنه لا يستطيع أن يتفهم رفض الحساب حتى في حالة النفي، (في الملحق نص من فتواه عليه رحمة الله).

5- معلومة ربما تنفع في هذا المجال، حدثني أستاذ فاضل من أساتذة الشريعة يقول إنه قبل سنوات كان هو واحدا من 9 أشخاص كلهم رأوا الهلال بواسطة التليسكوب في يوم كان العلم يقول بأن الهلال غير موجود، يقول فذهبنا إلى خبير عالمي بعلم الفلك، فصدمنا حقيقة لأننا اقتنعنا تماما بأننا لم نر الهلال حقيقة، وإنما رأينا هلالا آخر، وقد تأكدنا من هذا بأنفسنا 100٪.

ومع كل هذا فأنا أقدّر الحرج الذي تقع فيه بعض الهيئات الشرعية نتيجة للثقافة السائدة، ولجهل كثير من الخائضين في هذا المجال من عامة الناس بقواعد العلم وبقواعد الشرع، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وصلّ اللهم وسلّم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

د. محمد عياش الكبيسي

مفكر وداعية إسلامي، دكتوراه في الفقه الإسلامي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights