د. محمد وفيق زين العابدين يكتب: التدافع بين الحق والباطل
للشعراوي كلام عجيب في التدافع بين الحق والباطل.. مُلخصه أن التدافع “لو كان فعلًا بين حق لله وباطل حَكم الله بأنه باطل؛ فلا بُدّ أن ينتهي بنُصرة الحق، وغالبًا لا تطول هذه المعركة؛ لأن الحق في ولاية الله.. إنما الذي يطول؛ المعارك بين باطل وباطل، فليس أحدهما أولى بنُصرة الله من الآخر، فيظل كل منهما يطحن في الآخر”!
وهذه الخُلاصة على قدر ما تحمل من حقيقة صادمة للعاجزين؛ تحمل بشارة عظيمة للعاملين، الذين يحملون الحق وحدهم ويُدافعون عنه وحدهم.. بشارة للمجاهدين الثابتين والمُبتلين الصابرين!
هذا الكلام نفسه عبر عنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه بكلمة بليغة، لو أن كلمة واحدة تصف واقعنا لكانت هي: “إنَّا كنا أذلَّ قومٍ فأعزنا اللهُ بالإسلام، فمهما نطلبُ العزةَ بغير ما أعزنا اللهُ به؛ أذلنا الله”!
نحن عجزة لأننا في الحقيقة إما نستهين بقوة هذا الدين، أو نستهين بقدرة المتأثرين به إذا كانوا كذلك حقًّا.. فنغفل عن بصائر الإيمان لأننا لا نراها، ونحتقر الناس لأننا لا نَقدر على تحريكهم!
نحن نبحث بحثًا حثيثًا عن “التمكين” ونقلق من ألا نُمكّن، ومن أن يتأخر التمكين.. لكن لا نهتم بأهل التمكين، ولا بالغاية من التمكين!.. رغم أن الله عز وجل أخبرنا: “إن الأرضَ للهِ يُورِثُها من يشاءُ من عبادِه والعاقبةُ للمُتقينَ”.. فالأرض مُلكه، وإذا كان خَلْقها وبَسْطها يسيرًا عليه؛ فتمكين عباده المؤمنين منها أيسر وأهون!
لكنه أخبرنا أن الذي يشاء أن يُورثهم الأرض هم المُتقونَ.. وكما يقول الطاهر بن عاشور: “تمليك الأرض لغيرهم إما عارضٌ، وإما لاستواءِ أهل الأرض في عدم التقوى”!
المؤمن يُقاتل بدينه.. ولو أن درسًا واحدًا يمكن أن نستفيده من محنة إخواننا في غزة، فهو أن الذي يجمع الأُمة أكبر مما يُفرقها، والذي يُعيدها إلى النور أعظم مما يسحبها للظلام.