د. محمد وفيق زين العابدين يكتب: محنة أهلنا في السودان
أكثر ما يؤلم في محنة أهلنا في السودان؛ أنهم يموتون دون أن يشعر بهم أحد، ويعانون دون أن ينتبه لهم العالم!
قال يونس بن عبد الأعلى: ما رأيتُ أحدًا لقي من السقم ما لقي الشافعي، فدخلتُ عليه فقال: اقرأ من آل عمران، فقرأتُ، فلما هممت بالانصراف قال:
«لا تغفلْ عني فإني مكروب»!
النفس ضعيفة وهنة، والدنيا موحشة قاسية أشد من أن يغفل فيها المؤمن عن مأساة أخيه!
من مراعاة شعور إخوانك ألا تغفل عنهم وأن تستشعر ما هم فيه من بلاء، هذا أقل ما يمكن أن تفعله..
ماذا لو كان من مات هو أبوك أو أمك أو ابنك أو أختك؟! فكيف ورائحة موت المسلمين قد أزكمت النفوس؟!
انظر كيف أن أحد أوصاف أهل الضلال في القرآن؛ «الغافلون» ومنه أشبهوا البهائم، قال الطاهر بن عاشور: «والغفلة عدم الشعور بما يحِقُّ الشعور به»!
وتأمل كيف أن النداء في غالب القرآن يكون بـ«أيها الذين آمنوا»، أو ينتهي بـ«المؤمنون»، «المؤمنين»!
لماذا؟!
للتأكيد على فكرة اصطفاف المؤمنين وأهميته في تحقيق عبودية الأفراد، ويكأن تحقق العبودية والطاعة وكمال دين الفرد؛ مرتكزه الجماعة المؤمنة!
المسلم لا يعمل لخير نفسه فقط، بل خيره لأخيه أسبق.. يُعينه أو يتحمل عنه، فإن لم يقدر على إعانته والحمل عنه؛ دفع عنه ظُلم أو رد عنه أذى، فإن لم يقدر؛ علَّمه وثَبته على الحق وهداه إلى مراشد أمره.. فإن لم يقدر؛ خفف عنه وبكى معه ودعا واستغفر له.