الأثنين مايو 20, 2024
د. محمد المسيّر سلايدر سير وشخصيات

في ذكرى وفاته 2 نوفمبر 2008م

“د. محمّد المسيّر”.. الداعية الربّاني والفقيه المُجدِّد

د. مُحمّد سيّد أحمد المسـيّـر

الميلاد: 8 يونيو 1948م، الدرب الأحمر، القاهرة

الوفاة: 2 نوفمبر 2008م، مستشفى المقاولون العرب، القاهرة

مكان الدفن: قرية طبلوها، مركز تلا، محافظة المنوفية (مصر)

– أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين، وعضو اللجنة العلمية الدائمة للعقيدة والفلسفة في جامعة الأزهر.

– تميّز المسيّر ببساطة الملامح، والأدب الجمّ والتواضع الشديد، وتشعر للوهلة الأولى عندما تراه أنه شقيقك، أو والدك

– نشأ في بيتٍ أزهري، وكان والده الأستاذ الدكتور سيد أحمد المسيّر

أتم حفظ القرآن في سن مبكرة

– كان الأول في الثانوية الأزهرية على مستوى الجمهورية

– تخـرّج في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر قسم العقيدة والفلسفة عام 1973م، وحصل علي الدكتوراه عام 1978م، في العقيدة والفلسفة ومقارنة الأديان.

الوظائف

تخصصَ في قسم العقيدة، حتى وصل إلى درجة الأستاذية، وتسابقت عليه الجامعات الإسلامية في العالم للتدريس فيها.

– عمل رئيسًا لقسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية في كلية التربية بجامعة الملك عبد العزيز، في المدينة المنورة (1983م – 1987م)

ثم أستاذا للعقيدة بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر (1987م – 1993م)

أستاذًا للعقيدة والأديان في كلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، من 1993م – 1998م،

ثم أستاذا للعقيدة بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر الشريف.

– أطلق قبل وفاته حملة قومية لعودة الحياء إلى الشارع، بعد انتشار ظاهرة العُري والانحطاط الأخلاقي، والألفاظ البذيئة في الشارع..

كان أحد أنشط الدعاة من خلال وسائل الإعلام ومن البرامج الإذاعية التي شارك فيها:

“بريد الإسلام”

“رأى الدين”

 “عقيدة وعمل”

بالإضافة إلى البرامج التليفزيونية.

العالم الرباني

– كان الدكتور محمد  المسيّر من علماء الإسلام الربّانيين الذين لا يخشون إلا الله، ولم يجامل يوما، أو يمسك العصا من المنتصف، وكان رأيه واضحا صريحا في القضايا الفقهية، وكل القضايا العصرية الشائكة، مثل تحريمه لأموال الممثلين والمطربين، وفوائد البنوك، وتبذير المسؤولين، والفساد السياسي، والتطبيع مع اليهود.. إلخ

مؤلفاته:

أبرز مؤلفاته التي تزيد على الأربعين:

1- الروح في دراسات المتكلمين والفلاسفة.

2- الشفاعة في الإسلام.

3- عبادة الشيطان في البيان القرآني والتاريخ الإنساني.

4- أصول النصرانية في الميزان: دراسة عن أصول الديانة المسيحية.

5- الرسالة والرُّسل في العقيدة الإسلامية.

7- المدخل لدراسة الأديان.

8- دراسات قرآنية.

9- محاولة لتطبيق الشريعة الإسلامية.

10- قضايا الفكر الإسلامي المعاصر.

11- أخلاق الأسرة المسلمة.

ونقلا من صفحته على الفيسبوك:

أمي

أمي: وُلدت في قرية “كفر طبلوها” بمحافظة المنوفية، وتعلمت في أسيوط، ونشأت في القاهرة، في بيت طاهر عزيز، فوالدها الشيخ الدكتور عبد العزيز متولي أول من حصل على العالمية من الأزهر الشريف في قريتنا أوائل القرن العشرين، واشتهر بالعلم والفضل، وكان مشهودا له في علم أصول الفقه بالقسم العام بالأزهر وبكلية الشريعة.

أمي: حفظت القرآن الكريم وكتبت العلم لأبيها، وقامت بتحفيظ القرآن لأولاد إخوتها وأخواتها قبل زواجها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه».

أمي: واصلت مسيرة العلم والطهر والنقاء بزواجها من الدكتور سيد أحمد رمضان المسير، وهو أول من حصل على الدكتوراه في قريتنا سنة 1946م، واعتز بإسلامه وأزهريته اعتزازا لا يضارع، ولم يهتم بمظهر، ولم يعبأ بجاه، ولم يتملق كبيرا، وخرّج مدرسة من الرجال يدينون له بحسن التوجيه وكرم الرعاية في كلية أصول الدين – جامعة الأزهر، التي شغل فيها أستاذ التفسير والحديث ورئيس قسم الدعوة.

أمي: علمتني القرآن استجابة لرؤيا صالحة حين الوضع، أعطيت فيها دواة ولوحا، وقيل لها: أقرئيه القرآن.. وواصلت مسيرة التحفيظ لأحفادها فجلسوا بين يديها يلتمسون البركة والخير والدعاء.

وظلت حريصة على العلم وفية للكتاب، فأصرت على أن تتبرع بمكتبة والدها للأزهر الشريف، وهي مكتبة حافلة بالمخطوطات ونوادر الكتب، وقد شاركتْ في إعدادها وتنسيقها، فلما توفي والدها أغلقت خمسين عاما، فطالبت أبناء أخيها بالإفراج عنها حتى سلموها إلى مكتبة الأزهر الشريف، فحمدت الله كثيرا واطمأنت لأداء أمانة العلم، ومنحها ذلك سرورا كبيرا.

أمي: حباها الله تعالى بالرؤيا الصالحة، فكانت لا ترى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح..

وحباها الله تعالى بالجوار الشريف في الحرمين الشريفين مدة عشر سنين هي فترة إعارتي في المدينة المنورة ومكة المكرمة.

وحباها الله تعالى بصيام أكثر من ثمانين رمضان، ولم تدع نافلة صوم حتى عامها الأخير.

وحباها الله تعالى صبرا جميلا واحتسابا صادقا حين فقدت إحدى ابنتيها بعد وفاة زوجها بستة أشهر، وحين مرضت أكثر من عشر سنين مرضا أقعدها، ومع ذلك فكانت لا تدع المصحف الشريف صباحا ومساء.

وفي حديث رواه النسائي والترمذي وقال: حسن صحيح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة».

أمي: نظرت بنور الله، وألحت علينا أن نذهب بها من القاهرة إلى البلدة؛ لأن أهلها وإخوتها ينتظرونها ويستعجلون قدومها، رغم أنهم جميعا توفوا قبلها بسنوات طوال، وكانت تقول: إنه قد حان وقت وفاتها، ولم نكن ندرك أنه نور الله يجري على قلبها ولسانها، كما قال الله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ».

أمي: أسلمت روحها إلى الله تعالى ليلة الثامن من جمادى الآخرة سنة 1422هـ الموافق ليلة السابع والعشرين من أغسطس سنة 2001م، وسترها الله في غسلها فلم تقف عليه إلا ابنتها مع ابنتي أختها وامرأة تساعدهن، ويسر الله جنازتها فأظلتها الغمام حتى دخلت مثواها الأخير عقب صلاة الظهر.

النسب الأزهري

يقول الدكتور محمد المسيّر: إن دعوتي لإصلاح الأزهر هي صوت الحب العميق النابع من العقل والقلب معا، ولاء لله ورسوله واعتزازا بمصر المحروسة.

ومن باب التحدث بنعمة الله فإني أزهري من منبت الرأس إلى أخمص القدم، وإن أبي وجدي لأمي أزهريان من خيرة علماء الأزهر في كليتَيْ: أصول الدين والشريعة، وإن أخوالي وأصهاري وأنسابي كلهم أزهريون، فنحن أسرة لها نسب عريق في الأزهر الشريف، فالأزهر عرضنا وكرامتنا.

وهذا النسب الأزهري غير ما تعارف عليه الناس من العِرق أو المال أو المنصب، فإن العرق جاهلية لا يعتز بها مسلم، وقد قال الله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ.

وإن المال قائم على سنة إلهية هي سنة التداول؛ فأغنياء اليوم هم فقراء الأمس، وفقراء اليوم هم أغنياء الغد “وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاس”.

وإن المناصب لم تكن يوما ما دليلا على كفاءة، ولا قائمة بالضرورة على مؤهلات فطرية أو مكتسبة، واسأل التاريخ والواقع المعاصر كم من مناصب أسندت إلى غير أهلها؟! وكم من المؤسسات أدارها غير الأكفاء؟! وكم من سلطات عامة تولى كبرها من لا يحسن كفالة نفسه، أو إدارة بيته أو رعاية أهله؟!.

وإن النسب الأزهري هو نسب العلم الشريف الذي يرفع الله به المؤمنين، ورحم الله والدي فقد كان اعتزازه بالأزهر اعتزازا لا يضارع، وهو القائل: “لو كان لي من الأبناء عشرة ما علّمتهم إلا في صحن الأزهر القديم”!!

قال ذلك في وقت كان الناس حتى علماء الأزهر أنفسهم يهربون من التعليم الأزهري ويزجون بأبنائهم في مدارس التعليم العام أو مدارس الإرساليات بدعوى أن الشهادة الأزهرية لا تمنح مزايا ولا توفر متطلبات الحياة، ويتناسون أن الباقيات الصالحات خيرٌ ثوابا وخيرٌ أملا.

البقاع المقدّسة

كتبَ الدكتور محمد المسير (رحمه الله) في جريدة اللواء الإسلامي، بتاريخ ٥ من أكتوبر ٢٠٠٠م:

إن هناك وحدة عقدية وترابطا مقدسا يجمع بين أماكن ثلاثة أشرق منها نور التوحيد، تلك الأماكن هي: مكة وسيناء والقدس، فقد بارك الله تعالى هذه الأماكن وأحدثَ فيها من عجائب القدرة وباهر المعجزات ماجعلها مهفی أرواح المؤمنين

ولعل صدر سورة التين يشير إلى هذا الترابط المقدس فقال تعالى: (وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ. وَطُورِ سِينِينَ. وَهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ ٱلۡأَمِينِ)..

فهذا قسمٌ من الله تعالى بتلك البقاع الطاهرة .

فالقسم الأول:

ببقعة مباركة جرت فيها تفاصيل إعداد روحي لعبد الله ورسوله عيسى ابن مريم، حيث نشأ في بيت المقدس بجوار أغصان الزيتون ومنابت التين

والقسم الثاني:

بسيناء تذكيرا بما كان عند الجبل من آيات ومعجزات، حيث كلم الله موسى تكليما، وألقى عليه الألواح تفصيلا لكل شيء

والقسم الثالث:

بمكة المكرمة التي شرفها الله وجعلها أم القرى وحرمًا آمنا ومبعث الرسالة العالمية الخاتمة .

ولقد أسری برسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة، ومر بسيناء الطاهرة، وصلی إماما بالأنبياء في القدس الشريف.

وهذا العقد الفريد هو عقد المسلمين وحدهم لأنهم أمناء الله في أرضه وأولى الناس بأنبياء الله ورسله وأعرف الناس بجلال الايمان وقدسية الرسالات

قال تعالى : ﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَٰذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ﴾ سورة آل عمران: 68]

 ولعل وعد الآخرة قد حان وقته ليساء وجوه أحفاد القردة والخنازير وليهدم عليهم كل بناء شیدوه ظلما واغتصابا وليطهر المسجد الأقصى ويعود المسلمون الى ساحته مكبرين مهللين مرددين : فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمدلله رب العالمین

وفاته:

– يحكي الطبيب المعالج لفضيلة الشيخ بمستشفى (المقاولون العرب) عن لحظات الدكتور المسيّر الأخيرة قبل وفاته فيقول: (أشار الشيخ بيده لمن حوله، فقاموا برفع قناع الأكسجين ليسمعوه، وقال: (مش عايزه، خلاص) ولكن الأطباء همّوا بوضعه مرة أخرى، فأشاحه بيده، ونظر إلى أعلى ثم مد يده للأعلى، وكأنه يستعجل لقاء ربه، ووضع القناع، وعندها سمعناه يردد الشهادة، ويحرك أصبعه كما في التشهد، ثم طلب رؤية أولاده الكرام.

وقبل وفاته بقليل، كنتُ عند سريره عندما دخل في نزاع الموت، وهي مرحلة يفقد فيها المخ التحكم على أعضاء الجسم (Gasping)، ويفقد المريض وعيه تمامًا، وما أقشعر له بدني، رؤيتي للسبابة اليمنى للشيخ، فقد كانت العضو الوحيد الذي يتحرك.. كان يتحرك كما لو كان في التشهد، ويقوم مقام اللسان في نطق الشهادة.. لحظتها أدركتُ أن جوارح الشيخ كانت في طاعة ربها على الدوام، وفي اللحظة التي توقفت “جارحة العقل” عن ذِكر الله، أبت جوارح الشيخ إلا أن تسبّح وتعلن توحيدها لله سبحانه وتعالى.. فقد صدق قلبه وعقله ولسانه طوال حياته؛ فصَدَقَت جوارحه حتى عند مماته)

– في يوم الأحد 2 نوفمبر 2008م، تُوُفيَ العالم الدكتور محمد أحمد سيّد المسيّر، بعد صراع مع مرض الكبد، استمر لمدة عام، (قبل ظهور العلاج الناجع لفيروس c) وكان الدكتور المسيّر قد دخل العناية المركزة بمستشفي المقاولون العرب، متأثرا بالمرض، واستلزمت الحالة إجراء جراحة عاجلة لزرع كبد تُوفي على إثرها، وشُيّعَت جنازته في نفس اليوم، ودُفنَ بقرية كفر طبلوها، مركز تلا، محافظة المنوفية، حيث مسقط رأسه.

رحمَ اللهُ الشيخ “محمد المسيّر” رحمةً واسعة، وأسكنه فسيح جناته، مع النبيين والصديقين والشهداء.

وجاء في صحيح البخاري وصحيح مسلم، عنْ أبي هُرَيْرةَ (رضي الله عنه) قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: (الشُّهَدَاءُ خَمسَةٌ: المَطعُونُ، وَالمبْطُونُ، والغَرِيقُ، وَصَاحبُ الهَدْم، وَالشَّهيدُ في سبيل اللَّه) متفقٌ عليهِ. (صاحب الهدم هو الذي يموت تحت أنقاض البيت أو غيره)

وقد مات الدكتور محمد المسيّر مبطونا، بمرض الكبد، فتقبّله يا ربنا من الشهداء، واجعل له عندك زُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَآبٍ..

————

المصدر:

موسوعة: (شموسٌ خلفَ غيوم التأريخ – الجزء الأول –  يسري الخطيب)

 

Please follow and like us:
يسري الخطيب
- شاعر وباحث ومترجم - مسؤول أقسام: الثقافة، وسير وشخصيات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب