في زمنٍ تتكاثر فيه محاولات تجديد الخطاب الديني، قد تتعثر الخُطى بين نُبل المقصد وزلل المنهج، بين الحماسة للعدالة والانزلاق إلى التهوين من النصوص والتساهل في أمانة النقل.. ومن هذا الباب خرج إلى النور كتاب «كاملات عقلٍ ودين»
غير أن الكتاب، الذي حمل عنوانه بُعدًا احتجاجيًّا، قد أثار لغطًا علميًّا ومنهجيًّا واسعًا، فكان أن استدعى ذلك ردودًا علمية صارمة من مشيخة الأزهر الشريف، التي رأت في هذا العمل تجاوزًا للضوابط العلمية، وخللًا في الفهم والمقاربة..
ومن هنا، فإن الرد على هذا الكتاب لا يأتي من باب التشهير بصاحبته، بل من باب بيان الحقيقة وردّ الأمانة إلى نصوصها الصحيحة، وكشف ما ورد فيه من تساهل في النقل، وتغافل عن سياقات الأحاديث.
كيف تعاملت المؤلفة مع الحديث النبوي الصحيح؟ وما حدود الاجتهاد المقبول في هذا السياق؟ تلك أسئلة تُطرح بقوة في حضرة هذا العمل،
الأحاديث التي أوردتها المؤلفة صحيحة لا مطعن فيها سندًا أو متنًا، وأكثرها مرويٌّ في الصحيحين، لكن الإشكالية في عرضها أنَّ من يطعن بها في الإسلام يستند على مجرد قراءتها دون تحقيق لمعانيها، أو تدقيق في مفهوم. وذلك بعد الرجوع إلى أساتذة الحديث وعلومه ومنهم: أ.د / يوسف العطفي الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بدمنهور و أ.د/ محمد حسن قنديل الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالإسكندرية ومن ذلك:
أخرج البخاري في صحيحه بسنده، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فِي أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ إِلَى الْمُصَلَّى، فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ، فَقُلْنَ: وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ، قُلْنَ: وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟ قُلْنَ: بَلَى، قَالَ: فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟ قُلْنَ: بَلَى، قَالَ: فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا»
إن وصف المرأة بنقصان العقل -في هذا الحديث- لا يعني مطلقا أنها غير قادرة على تحمل المسؤولية، وتولي المناصب ونحو ذلك، بل هو إشارة إلى أمرين:
الأول: الاهتمام بالتفاصيل من الفروق العامة بين الجنسين، فالرجال أكثر حرصا على ذلك من النساء، لذلك جعل الشرع شهادة المرأة نصف شهادة الرجل؛ حفاظًا على الحقوق الخاصة بالأفراد.
الثاني: الدافع إلى انصراف النساء عن الاهتمام بهذه التفاصيل الدقيقة – غلبة العاطفة عندهن، وهو الأمر الناقص عند الرجال.
فكأن كلا من الجنسين له اهتماماته الخاصة بحكم الفطرة والطبيعة، ولا يُعَدُّ ذلك عيبًا في أي منهما.
أخرج البخاري في صحيحه بسنده، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: «لَوْلَا بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمْ يَخْنَزْ اللَّحْمُ، وَلَوْلَا حَوَّاءُ لَمْ تَخُنَّ أُنْثَى زَوْجَهَا»
= إن الخيانة في هذا الحديث لا علاقة لها مطلقا بخيانة الفراش؛ لأن الخيانة بهذا المفهوم لا يمكن أن يتصورها العقل بالنسبة لحواء؛ لأنه لم يكن معها رجل إلا آدم، فكيف تخونه.
لذلك فإن الصحيح في معنى الخيانة في الحديث -والله أعلم- أنها لم تنصحه بعدم الأكل من الشجرة لما وسوس الشيطان له، بل تابعته في هذه المخالفة، فكأنها قصرت في حقه، ولأن العرق دساس فكل امرأة تقصر في حق زوجها ولا تنصح له بما ينبغي، تكون قد وافقت أمها حواء في هذا السلوك الذي أطلق عليه الحديث لفظ الخيانة، فكأنه استعمال مجازي للفظ.
أخرج مسلم في صحيحه بسنده، عَنْ جَابِرٍ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- رَأَى امْرَأَةً، فَأَتَى امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ، وَهِيَ تَمْعَسُ مَنِيئَةً لَهَا، فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فقَالَ: «إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، فَإِذَا أَبْصَرَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ»
ليس في هذا الحديث انتقاص للمرأة على الإطلاق، بل العكس هو الصحيح، فالحديث يشير إلى شيء من محاسن المرأة، فإنها تملك جمالا يأخذ بقلب الرجل، ويمثل إغراء شديدا له.
ولما كان الرجل ضعيفا أمام المرأة بحكم فطرته، فإنه قد يفكر في المعصية إن تحركت دواعي الشهوة لديه عند النظر إليها.
وإذا كانت مهمة الشيطان إغواء البشر، والدفع بهم نحو المعصية – فإن الحديث يشير إلى أن هذه المهمة قد تصبح سهلة للغاية إن رأى الرجل المرأة مقبلة أو مدبرة، وبالتالي: فليست المرأة شيطانا إنما اندفاع الرجل إلى المعصية هو من عمل الشيطان.
أخرج البخاري في صحيحه بسنده، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-:
«اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ»
= إن الحديث لا يتناول اعوجاجا حقيقيا بكل تأكيد، إنما يتناول أمرا معنويا، فالأصل في الإنسان أن يكون معتدلا في كافة تصرفاته وعلاقاته مع الآخرين، وهذا ما لا يتوافر في المرأة بصفة دائمة؛ فإنها مثلا من شدة حبها لزوجها قد تصل إلى حالة من الغيرة الشديدة التي ينفر منها الزوج ولا يتقبلها، وقد يدفعها حبها الشديد لأبنائها إلى إهمال بعض حقوق زوجها، ولا شك أن هذا نوع من الاعوجاج الذي لا يرضاه الرجال من نسائهم، لذلك جاء الحديث مراعيا للمرأة حريصا عليها من خلال توجيه الرجال إلى الصبر عليهن؛ لكون ذلك أمر خارج عن إرادتهن، وفي هذا تكريم للمرأة ببيان حقيقة بعض أفعالها والتي تصدر عنها بهدف الإصلاح والمحبة في جانب لكنها قد تؤثر سلبا في جانب آخر، فوجب التنبيه إلى ذلك حتى لا تؤاخذ بمثل هذه السلوكيات.
أخرج الترمذي في سننه عَنْ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ، أَنَّهُ شَهِدَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَذَكَّرَ وَوَعَظَ، فَذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ قِصَّةً، فَقَالَ: «أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا، غَيْرَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ، وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا، أَلَا إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقًّا، وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا، فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ، فَلَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ، وَلَا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ، أَلَا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ، أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ».
إن وصف المرأة بأنها عوان عند الرجل أي أسيرة – ليس مقصودا في الحديث بمعناه الحرفي، لأن العقل والشرع والعرف لا يُقرُّ بأن المرأة أسيرة بالمعنى المشهور للأسر.
إنما ورد هذا اللفظ على سبيل الاستعارة، والتي هي نوع من المجاز، وذلك في مقام الوصية بالمرأة والحفاظ عليها، والدعوة إلى إكرامها والإحسان عليها.
وقد استخدم الحديث هذا الوصف تحديدا لكونه أقرب ما يمكن التعبير به عن حالها في مقام الوصية بها؛ فإنها في انقطاع عن أهلها بالانتقال إلى بيت الزوجية، ثم إنها مقيدة بالزواج فلا يحل لها شرعا أن ترتبط برجل آخر، كل ذلك جعل النبي – صلى الله عليه وسلم – يستدعي هذه المعاني وهو يخاطب الرجل في مقام الوصية بها، مشيرا إلى أنه مسؤول عن سلامتها والإحسان إليها كشأن الأسير الذي لا يجوز شرعا المساس به، أو انتقاص كرامته أو حقوقه.
أخرج البخاري في صحيحه بسنده، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: لَقَدْ نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- أَيَّامَ الْجَمَلِ بَعْدَ مَا كِدْتُ أَنْ أَلْحَقَ بِأَصْحَابِ الْجَمَلِ فَأُقَاتِلَ مَعَهُمْ، قَالَ: لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى، قَالَ: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً»
من أقرب التوجيهات الصحيحة لهذا الحديث –فيما يبدو والله أعلم– أنه يتناول واقعة محددة على سبيل الإعجاز بالإخبار عن أمر سيقع في المستقبل – وذلك قبل وقوعه -، إضافة لكونه بشرى للمؤمنين.
وذلك أن أهل فارس لما مات كسري، جعلوا ابنته ملكة عليهم بعد أبيها – فكان في هذا الحديث نبوءة بسقوط ملكهم من خلال الإشارة إليهم بأنهم القوم الذين تحكمهم امرأة، دون تصريح بذكرهم، وعلى هذا فلا علاقة للحديث أصلا بقضية صلاحية المرأة للقيادة من عدمها.
ومن ذلك: أن يتفقد أحوال رعيته ليلا، وأن يختلط بالبر والفاجر، وأن يغلب جانب العقل والمنطق على جانب العاطفة والرغبة، وأن يكون صلبا في مواجهة الأحداث، ونحو ذلك مما لا يتوافق مع أكثر النساء، وبالتالي فالحديث يتناول الحديث عن المرأة في الجملة، وإن كان لا يمنع أن لكل قاعدة استثناء، فقد نرى امرأة تفوق الرجال في كثير من جوانب القيادة والإدارة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
ومن الملاحظ في واقعنا أن لدينا غراما بالافتراء على الدين فما من شخص يتبوأ مكانة في الجرأة وشيء قليل من العلم والمعرفة ويدخل في هذا كل من حلل شيئا مما حرم الله، أو حرم شيئا مما أباح الله، بمجرد رأيه وهذا مرتع خطير لا بد من وضع حد له، خاصة الخوض في الدين وأعني ديننا الإسلامي بغير علم ينبغي أن يعاقب عليه القانون عقوبة رادعة تنزل بأولئك الذين يتصدون للشرح ولإفتاء قبل تمكنهم من أدواته وعلومه الضرورية
= ومما زاد من خطورتها كثرة الأحداث، وتعدد القضايا التي ليس لها نظير في حياة سلفنا يقاس عليه، أو لها نظير ولكن تغيرت علل الأحكام بسبب تغير الظروف مما يستلزم معه تغير الحكم.. حتى لا تزعزع الثقة برجال الدين، وتشغل الناس عن أمور الدين الصحيح بغير وعى، بما ستحدثه من أثر سلبي
= المخلوقات، ومن مظاهر تكريمه للإنسان هو منحه العقل الذي يتدبر فيه أمور دينه ودنياه. وقد نجحت المرأة في إثبات ذاتها في جميع مجالات العلوم والفن والأدب والبحث العلمي والإدارة وغيرها.. كما شاركت الرجل في المزيد من المناصب القيادية لتثبت جدارتها فقد توليت عن شخصي المتواضع عمادة ثلاث كليات بالجامعة داخل مصر والعديد من المناصب القيادية خارجها.
فالمرأة ليس فقط كزوجة وأم لكن أيضا على المستوى المهني، باختصار هي نصف المجتمع وتقوم على تربية النصف الآخر فتعد المجتمع بأكمله.
ويعد دور المرأة مقياساً لتقدم الشعوب ونهضة الأمم لأن الدور المنوطة به يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالقفزات المنتظمة نحو الحياة الأفضل، والمرأة وعاء القيم ومدرسة التربية ورائدة الإصلاح، لذلك فإن رعايتها والاهتمام بها إنما يمثل أمراً أساساً يجب أن يسعى نحوه الجميع، وقد أولى الإسلام المرأة اهتمامًا كبيرًا ونظر إليها نظرة تكريمٍ واعتزازٍ، فالمرأة في الإسلام هي أيضا العمة والخالة والجدة ,والزوجة شريكة الرجل في تَحَمُّل مسؤوليات الحياة، وقد كلَّفها الله مع الرجل في النهوض بمهمة الاستخلاف في الأرض، وتربية الأبناء وتنشئتهم تنشئة سوية، وجعلها على درجة واحدة مع الرجل في التكريم والإجلال .
وتحتل المرأة مكانة متميزة وعظيمة في الدين الإسلامي و لا يعرف التاريخ دينًا ولا نظامًا كرَّم المرأة ، وأعلى من مكانتها مثلما جاء بهِ الإسلام .
و قد تبوأت المراتبَ العليا في السلطة، وحكمت أوطانَها منذ فجرِ التاريخ وحتى الوقت الحالي
بل وعالمات اقتحمن مجالَات العلوم الحديثة على نحو يدعو إلى الإبهار والإيمان بأن المرأةَ لا تفتقر إلى شيءِ اختصَ به الله الرجلَ، إنما هو توزيع للوظائف والأدوار. اختص بها الخالق مخلوقاته في كل زمان ومكان، ولا نجد مبرراً للتفرقة أو المفاضلة بين الجنسين، ونعتبر ذلك لغواً لا أهمية له.
المرأة في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
بالنسبة ل دورها في العمل:
=شاركت المرأة المسلمة عبر التاريخ الإسلامي مع الرجل جنبًا إلى جنب في الكفاح لنشر الإسلام والمحافظة عليه.
=وقد اشتركت المرأة المسلمة في أول هجرة للمسلمين إلى الحبشة وكذلك في الهجرة إلى المدينة المنورة
= وخرجت مع الرجال في الغزوات التي قادها النبي محمد ﷺ لنشر الإسلام واشتركت في ميادين القتال وليس فقط لتمريض الجرحى.
=كما اشتركت النساء في مبايعة النبي محمد ﷺ (المبايعة أو البيعة أي الانتخاب والتصويت)، فقد بايعت النساء المسلمات النبي ﷺ في بيعتي العقبة الأولى والثانية طبقا لما ذكرته كتب السنة
. وهذه المشاركة النسائية في البيعة للنبي تعتبر اقرارًا لحقوق المرأة السياسية طبقًا لمصطلحاتنا اليوم إذ أن بيعة العقبة تعتبر عقد تأسيس الدولة الإسلامية الأولى في المدينة .
أما عن دور المرأة في الدعوة فتتجلى في روايات كتب الأحاديث، فنجد أن مجموع من لهن روايات من الصحابيات في الكتب الستة بشكل مباشر أو غير مباشر، بلغ حوالي مائة وخمس عشرة صحابية، حيث روى الإمام البخاري في صحيحه عن إحدى وثلاثين صحابية، وروى الإمام مسلم عن ست وثلاثين صحابية، وروى أبو داود عن خمس وسبعين صحابية، والترمذي عن ست وأربعين صحابية، والنسائي عن خمس وستين صحابية، وابن ماجه عن ستين صحابية
= وكانت عائشة زوجة النبي محمد ﷺ إحدى أكثر النساء علمًا وبلغت في ذلك منزلة عظيمة في عهد النبي ﷺ، وتعد رائدة الداعيات المسلمات
— فأحاديث عائشة رضي الله عنها و غيرها من أحاديث أمهات المؤمنين تدل على دورالمرأة المسلمة المبكر في الدعوة و نشر الدين , فالسيدة عائشة رضي الله عنها كانت عالمه مفسره ومحدثه تُعلم نساء المؤمنين ويسألُها كثير من الصحابة في أمور الدين فقد هيأ لها الله كل الأسباب التي جعلت منها احد أعلام التفسير والحديث , وقد احتلت المرتبة الخامسة في حفظ الحديث وروايته ؛ حيث إنها آتت بعد أبى هريرة وابن عمر وانس بن مالك وابن عباس رضي الله عنهم، وكانت رضي الله عنها تري وجوب المحافظة على ألفاظ الحديث كما هي كما في رواية عروه بن الزبير انه سئل عبد الله بن عمر عن أشياء يذكرها عن رسول الله صلى الله عليه ؛ فكانت تراجع الصحابة وتستدرك عليهم وكما تعد عائشة من جملة الستة الذين هم أكثر الصحابة علمًا، وكانت من أعلم الناس بالقرآن والفرائض والشعر وأيام العرب قال هشام بن عروة يروي عن أبيه: «ما رأيت أحداً أعلم بفقهٍ ولا بطبٍّ ولا بشعرٍ من عائشة»
يذكر التاريخ الإسلامي أيضًا العديد من النساء العالمات اللواتي بلغن في العلم مراتب عالية منهم:
• أم الدرداء) الفقيهة العالمة التي وصفها الإمام النووي بقوله «اتفقوا على وصفها بالفقه والعقل والفهم
• الشفاء بنت عبد الله المهاجرة القرشية التي كانت تجيد الكتابة وكانت تعلم الفتيات القراءة والكتابة وولاها عمر بن الخطاب قضاء الحسبة.
• حفصة بنت عمر بن الخطاب تتلمذت على يد الشفاء بنت عبد الله قبل زواجها من النبي محمد ﷺ حيث تابعت التعليم بعد زواجها من النبي محمد ﷺ وبأمر منه.
• سكينة بنت الحسين الفقيهة العالمة يقول عنها الأصفهاني: كانت تجالس الآجلة من قريش ويجتمع لها الشعراء
• فاطمة بنت الحسين بن علي العالمة الجليلة. كانت من أنبغ نساء عصرها وأكثرهن علمًا، وقد اعتمد على روايتها كل من ابن إسحاق وابن هشام في تدوين السيرة النبوية.
• نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي لقبت بنفيسة العلم، كانت تحضر مجلس الإمام مالك بن أنس في المدينة المنورة، واشتهرت بالعلم والصلاح، وبعد انتقالها إلى مصر أقامت مجلسًا علميًا كان يحضره أشهر علماء ذلك العصر، حيث بلغ من علمها أن اعتُبر الإمام الشافعي من تلاميذها. ذكر ابن خلكان أن الأمام الشافعي كان يحضر مجالس العلم للسيدة نفيسة وكان يفخر بأنه تلقى العلم علي يدها، ولم ينقطع عن زيارتها والاستزادة من علمها حتى توفاه الله وكانت من المشيعين له.
أم سلمه رضي الله عنها والتي تعد من أكمل النساء خُلقا وعقلا وسدادا في الرأي , وظهر ذلك واضحا يوم الحديبية حينما صالح النبي صلي الله عليه وسلم أهل مكة وكتب كتاب الصلح بينه وبينهم ثم قال لأصحابه قوموا وانحروا ثم احلقوا فلم يقم منهم احد بعد قوله ذلك ثلاث مرات فقام رسول الله صلي الله عليه وسلم فدخل علي ام سلمه فذكر لها ما لقي من الناس فقالت له أم سلمه رضى الله عنها يا نبي الله أتحب ذلك , اخرج ثم لا تكلم أحد ا منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلق لك ,فقام النبي صلى الله عليه وسلم فخرج فلم يكلم أحدا منهم كلمه واحده ونحر بدنته ودعا حالقه فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق لبعض .
وعصرنا هذا يتطلب الابتعاد قدر الإمكان عن الارتجال في التفسير والأحكام خاصة في المسائل التي تعم بها البلوى ويمكن أن يترتب على الخطأ فيها تشتيت شمل الأمة، أو إيقاع شبابها في فتن لا مخرج لهم منها، وقد تصطلي الأمة كلها بنيرانها. ومن هنا تتجلى أهمية الرجوع إلى اهل الاختصاص ومن ثم الاجتهاد الجماعي لكونه يقلل الخطأ، ويدرأ شبهة اتباع الأهواء.