مقالات

د. نصر فحجان يكتب: جزيرة العرب كانت مروجًا وأنهارًا

قد يستبعد البعض احتمالية أن يكون جبل عرفات هو المكان الذي كانت فيه جنة آدم عليه السلام، خاصّة وهو يرى اليوم هذا الجبل أرضًا صحراوية خالية، وفي الوقت نفسه لا يرى أيّة إشارات إلى أنها كانت أرضًا مزروعة، فضلًا عن أنْ تكون جنةً بربوة.

ويضاف إلى ما سبق أنّ المُناخ في جبل عرفة مُناخ حار وجاف، وهو ما يجعل البعض يستبعدون احتمالية أن يكون هذا الجبل مكانًا لجنة آدم عليه السلام.

لكنَّ هذا الاستبعاد يضعفُ عندما نعلم أنّ منطقة (جزيرة العرب) كانت في يوم من الأيام أرضًا خضراء، فيها من المُروج والأنهار ما يجعلها أرضًا مُهيَّأة للعيش الهانئ، والحياة الرغيدة، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:

(لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجًا وأنهارًا، وحتى يسير الراكب بين العراق ومكة لا يخاف إلا ضُلّال الطريق، وحتى يكثر الهَرج:

وما الهَرج يا رسول الله؟ قال: القتل).

وفي رواية عن أبي هريرة أيضًا أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(لا تقوم الساعة حتى يكثر المال ويفيض، وحتى يخرج الرجل بزكاة ماله فلا يجد أحدًا يقبلها، وحتى تعود أرض العرب مروجًا وأنهارًا).

وصحَّ أيضًا عند ابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(لا تقوم الساعة حتى يكثر الهرج، وحتى تعود أرض العرب مروجًا وأنهارًا).

وعند تأمُّل ودراسة النصوص السابقة فإننا نجد كلمات صريحة تشير إلى أنّ جزيرة العرب كانت في السابق أرضًا خضراء، وكانت الأنهار والجداول تجري فيها، ومن هذه الكلمات:

حتى تعود (مروجًا)، و (أنهارًا).

ولا تزال البحوث الجيولوجية تكشف عن حقيقة وجود الأشجار الكثيرة، والأنهار المختلفة، والحياة الرغيدة في جزيرة العرب، بما في ذلك منطقة جبل عَرفة التي يقع فيها (وادي نعمان)، تقول كفاية العبادي:

(يقع وادي نعمان في الجهة الشمالية لمكة المكرمة بمسافة أربعة وعشرين كيلو مترًا، ويعتبر أكبر الأودية في مكة المكرمة، حيث يقع تقريبًا ما بين مدينة الطائف ومدينة مكة، وإنّ أجزاء من وادي نعمان من أجزاء من وادي نعمان ترتبط بالجهة الجنوبية لجبل عرفة).

وتقول أيضًا:

(ومن أهم عيون الماء التي تتدفق من وادي نعمان (عين زبيدة)، حيث تتدفق هذه العين من جبل الكرا، فتمر المياه من عرفة، إلى مكة، إلى الفلج، وعين (العابدية) التي تخرج من جبل نعمان إلى جبل عرفة.

وهو ما يجعلنا نفترض أنّ جبل عرفات كان أرضًا خضراء فيها من الأشجار والأنهار والعيون ما يجعلها جنة بربوة اختارها الله تعالى لتكون سكنًا لآدم وزوجه عليهما السلام في أوّل خلقهما.

د. نصر فحجان

عميد‏ ‏كلية دار الدعوة والعلوم الإنسانية‏.. ومحاضر دراسات إسلامية - غزة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى