أقلام حرة

د. وسيم وني يكتب: الفلسطيني يتحدى آلة الموت الإسرائيلية ويتمسك بأرضه

يُسطر شعبنا الفلسطيني في كل دقيقة وثانية على صفحات التاريخ يومياته الكفاحية والنضالية والتي تُسطر بماء الذهب وهو يقدم الشهيد تلو الشهيد فداء لفلسطين ولقضيتنا العادلة، فتتقاطر قوافل الشهداء والجرحى والأسرى والمرضى جراء آلة القتل الإسرائيلية التي لا ترحم والتي تستهدف كل شيء ولا تميز بعدوانها بين طفل أو امرأة أو رجل فتنساب دمائهم الزكية على ثرى وتراب وطننا فلسطين .

 

وليس آخرها يوم أمس قدمت مدينة طولكرم تسعة من أبنائها بضربتين جويتين غادرتين نفذتها طائرات الاحتلال تماماً كما في المشهد المقابل في غزة قصفت طائرات الاحتلال مدرستين تأوي نازحين هما الحمامة والهدى في منطقة الشيخ رضوان غرب مدينة غزة مما أدى ارتقاء سبعة عشر شهيداً وإصابة العشرات بجروح متفاوتة.

 

بين غزة وطولكرم مشاهد الموت والقصف والاغتيال واحدة، فالعدو واحد، والاحتلال يواصل ‏حربه الشعواء في قطاع غزة كما يواصلها في الضفة الفلسطينية والقدس، في ظل انحياز الولايات المتحدة المتواصل ‏والدعم الدولي المريب للكيان الصهيوني، وهذا ما يدفع حكومة ‏الحرب لمواصلة عملياتها الإجرامية، ومواصلة قتلها المنظم كما في كل المشاهد والصور التي ‏نراها وتصلنا كل ساعة ودقيقة على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.

 

فالتصعيد المترافق مع حرب الإبادة في غزة بدأ منذ اليوم الأول للحرب، فأصبحت غزة مستباحة وكل من فيها معرض للموت، بل وأن الاعتداءات متواصلة ولا تتوقف ولو لدقيقة واحدة ، وهي تترافق مع عمليات الاستيطان ‏والنهب وسرقة الأرض، وهذا كله يأتي ضمن سياسة معروفة يسعى لتنفيذها الاحتلال في الضفة ‏وغزة والقدس، فهم يريدون طمس الهوية الفلسطينية والوجود الفلسطيني، والسيطرة على الرواية والتاريخ، وبسط ‏النفوذ التام من خلال سياسات عنصرية في مقدمتها دفع المستوطنين للسيطرة على الأرض، سواء أ‏كانت جماعات رعوية أم زراعية، وقتل أكبر عدد من الفلسطينيين واعتقالهم، سعيًا للتهجير الذي ‏يصطدم بعنفوان البقاء الفلسطيني، الرافض لكل أساليب التهجير، المصرّ على البقاء فوق أرضه ‏ووطنه، المؤمن بحقه الطبيعي والتاريخي بأرضه.‏

 

تصعيد في طولكرم وآخر في نابلس، وتطهير عرقي في غزة يجري منذ 300 يوم ،كما يقومون بفرض إجراءاتهم القمعية على كل ‏المقدسيين، بالتنكيل والضرب ومنعهم من الوصول إلى المسجد الأقصى وبالاعتقال والتعذيب، ‏وغيرها من وسائل وأساليب الهدف منها تضييق الخناق على أهلنا في القدس بشكل خاص.‏

 

 والحقيقة أن العدوان الحالي على غزة يشكّل بالصور والفيديوهات حرب إبادة جماعية (genocide) تشتمل على القتل الجماعي و«التطهير العرقي» وهما جريمتان ضد الإنسانية في تصنيف القانون الدولي، تتخطيان نوعياً كل ما ارتكبته القوات المسلحة الصهيونية منذ عام 1949 حتى اليوم وتضاهيان مجريات النكبة، بل تتعداها من حيث كثافة القتل والتدمير والتهجير، فقد كانت نكبة 1947 ـ 1949 حرب استيلاء على أرض فلسطين وممارسة «التطهير العرقي» عليها بحيث تحولت الغالبية الساحقة من سكان الأراضي التي جرى احتلالها إلى لاجئين وجرى قتل عدد منهم يُقدّر بما يزيد عن أحد عشر ألفا من أصل ما يناهز مليون وثلث المليون من سكان فلسطين العرب في ذلك الحين.

 

وأخيرا يدرك العدو الصهيوني بأنه يمارس حرب إبادة جماعية ضد شعبنا الفلسطيني وهو ماض بها في محاولة لإبادة أكبر عدد ممكن من شعبنا الفلسطيني الذي ينظر العالم إليه بصمت مريب ولا يحرك ساكنا لوقف هذه المجازر اليومية ، ومن هذا المنبر نرفع الصوت عالياً ونجدد مطالبتنا المجتمع الدولي بالتحرك الجاد والفوري لوقف حرب الإبادة الجماعية التي يمارسها كيان الاحتلال ضد شعبنا الفلسطيني ، وإلزام الكيان الصهيوني القوة القائمة بالاحتلال بالتوقف عن سياسة استهداف المدنيين والأعيان المدنية كأداة انتقام وعقاب وضغط سياسي، واتخاذ إجراءات فعالة لضمان المساءلة على جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية التي تقترفها قوات الاحتلال الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة ويجب التأكيد هنا على المجتمع الدولي ضرورة إنهاء الاحتلال وتفكيك الاستعمار الاستيطاني ونظام الفصل العنصري الإسرائيلي، وإلغاء جميع القوانين والسياسات والممارسات التمييزية واللاإنسانية ضد الشعب الفلسطيني بأكمله، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير وعودة اللاجئين دون قيد أو شرط فالفلسطيني يتحدى آلة الموت الإسرائيلية ويتمسك بأرضه .

د. وسيم وني

عضو نقابة الصحفيين الفلسطينيين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى