د. وصفي أبو زيد يكتب: إشكالات تواجه العمل المقاصدي
من الإشكالات المهمة والتحديات الكبيرة التي تواجه العمل المقاصدي: التطبيقات المنحرفة، والممارسات الخاطئة، لا سيما ممن يحسبون على العلم، وممن يمارسون الحركة للإسلام باسم المقاصد.
وهذا الإشكال ليس خاصا بالمقاصد فقط، بل إنه يمتد ليشمل الإسلام كله بوصفه “دينًا”، فالمتدينون من المسلمين الذين يلتزمون ما يسمى “الهدي الظاهر” حين ينحرفون في التعامل، أو يخالفون أخلاق الإسلام، يحمل الناس عليهم حملة منكرة، ويقولون: “انظروا، هؤلاء هم أصحاب الحجاب، وأصحاب اللحى”! ينتقل الاتهام مباشرة من الشخص إلى “الدين”، إلى الحجاب واللحية.
وكذلك ممارسة المسلمين الحكم عبر التاريخ، في الخلافات المتتابعة انتهاء بالخلافة العثمانية، لا شك أنه وقعت أخطاء في ممارسة الحكم والسياسة، وذلك بحكم بشرية الحكام والأمراء والولاة؛ فكان أن حمَّل البعضُ النظامَ السياسي الإسلامي هذه الأخطاء، ولم نفرق بين البشر ونظام ما في الإسلام، أو نفرق بين الإسلام وتاريخ المسلمين.
كما أننا نستحضر هنا ما حدث في فترة من فترات التاريخ من مناداة بإغلاق باب الاجتهاد؛ وذلك جراء ممارسة البعض للاجتهاد ممن لم يتأهلوا له فأتوا بنتائج خاطئة، واجتهدوا اجتهادات منحرفة، وهذا خلط كبير بين أخطاء المجتهدين وبين الاجتهاد نفسه، فالاجتهاد فريضة محكمة إلى يوم القيامة لا يكر عليها بالإبطال الممارسة الخاطئة والاجتهادات المنحرفة من بعض الذين لم يتأهلوا لهذه الممارسة أو ذاك الاجتهاد، وهذا ما حدا الإمام جلال الدين السيوطي أن يؤلف رسالته الشهيرة: “الرد على من أخلد إلى الأرض وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض”.