د. وصفي أبو زيد يكتب: المعاني الحضارية المكتسبة من «طوفان الأقصى» (3)
«3» بث الروح المعنوية في الأمة
من أهم المكاسب أيضا لمعركة طوفان الأقصى هذه الروح الجديدة التي سرت في كيان الأمة من أقصاها إلى أقصاها؛ حيث احتشدت الشعوب كلها خلف المعركة، وانبعثت في قلوب المسلمين هذه المعاني العظيمة، معاني العزة والفخار، واستشعار المسئولية والواجب الشرعي، واستعادة أمجاد المسلمين في معاركهم الكبرى.
وقد قلت في مقال آخر:
«إن معركة طوفان الأقصى سيسطرها التاريخ إلى جوار المعارك الكبرى في تاريخنا الإسلامي: بدر الكبرى، والأحزاب، والحديبية، وفتح مكة، وحطين، وعبن جالوت، وغيرها من المعارك الكبرى»، وهذه الروح يجب استثمارها لتحقيق مقصد أعلى وهو الانخراط الكامل للأمة في إسناد فلسطين لتحقيق المقصد الأكبر للقضية وهو التحرير الكامل.
كنا نسمع عن تضحيات الصحابة ومجريات هذه الغزوات والمعارك الفاصلة، وكنا – أحيانا – نستبعد أن يكون حدث موقف معين لصحابي أو تابعي أو مجاهد في التاريخ، ولكننا اليوم أمام واقع عملي تتجسد فيه كل معاني الشرف، وكل نواحي العظمة، وكل جوانب التضحية النبيلة والفداء العظيم، وما كان مستبعدا أو خيالا جعلته واقعًا مشاهدا ومثالا يحتذى.
ونعود فنقول: إن هذه الروح العظيمة التي تجددت في الأمة وسرت في كيانها ليست دون مقابل، وإنما كان ثمنها عظيما من دماء شعب غزة وأمنه وأمانه، وشهدائه وجرحاه، وهكذا فإن المعاني العظيمة لا تحيا ولا تعيش إلا بمثل هذه التضحيات، و«في التاريخ فكرة ومنهاج».