مقالات

د. وصفي أبو زيد يكتب: المعاني الحضارية المكتسبة من «طوفان الأقصى» (4)

«4» تصديع أركان القوة التي لا تقهر:

أقول «تصديع» ولا أقول «تصدّع»؛ لأن الأخير يحدث من تلقاء نفسه، والأول لا يكون إلا بفعل فاعل، وهو مقتضى صيغة «فعل تفعيلا»؛ فما قامت به كتائب الجهاد أحدث زلزالا في عمق هذا الكيان، فبعد أن كانت صورته العالمية تعبر عن «القوة التي لا تقهر» ما بين غمضة عين وانتباهتها قد أصبحت هذه الصورة متحطمة على جدار المقاومة، وآيلة للسقوط على صخرة مجاهديها، ولا شك أن هذا من المعاني الحضارية القوية والنتائج العظيمة لطوفان الأقصى.

إن الزلزال حين يصيب البنية التحتية لبلد أو مدينة ينهدم به أبنية، وتتصدع به أبنية أخرى، وهذا الزلزال «”طوفان الأقصى» قد انهارت به الصورة الذهنية لهذا الكيان ليس من ناحية القوة فقط، ولكن من ناحية «الأخلاق» أيضا، التي كان يزعمها؛ حيث قدم بنفسه عن نفسه صورة بشعة ولوحة وحشية من خلال ما مارسه من قتل وتدمير على مرأى ومسمع من العالم كله.

ومع هذا الانهيار حدث تصدع داخل هذا الكيان، وفرقة وانقسام بين مجلس حربه من ناحية، وبين الشعب «الإسرائيلي» وقيادته من ناحية أخرى، لا سيما بعدما فشل هذا الكيان في تحقيق أي من أهدافه التي أعلنها مجلس حربه من أول المعركة، مما يمهّد لأن يكون في الطوفان القادم انهيار كامل لهذا العدو: نفسيا وسياسيا وأمنيا وعسكريا.

د. وصفي أبو زيد

أستاذ مقاصد الشريعة الإسلامية، ورئيس مركز الشهود الحضاري للدراسات الشرعية والمستقبلية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى