مقالات

د. وصفي أبو زيد يكتب: عند تزاحم الخصوم والمشاريع المعادية للأمة

عند تزاحم الخصوم والمشاريع المعادية للأمة يجب التخلص من العدو الداخلي أولا، حتى تسلم الجبهة وتكون متماسكة قوية، مع رعاية عدم توغل المشروع الخارجي، وهذا يحتاج لأمة قوية ذات راية وذات مشروع على الأرض.

وفي تاريخنا مثالان واضحان، وفي التاريخ عبرة ومنهاج:

المثال الأول: عمر بن عبد العزيز الذي واجه الخوارج أولا رغم التحديات الخارجية، ولم يجعل لهم الأولوية إلا حين أوغلوا في دماء المسلمين وصاروا فئة ممتنعة، وهكذا فعل علي بن أبي طالب كرم الله وجهه معهم؛ فلم يقاتلهم لمجرد بدعتهم، بل قاتلهم حين سفكوا الدم الحرام، واعتدوا على ممتلكات المسلمين.

والمثال الثاني: هو صلاح الدين الأيوبي ذلك السلطان الناصر الذي كرس كل جهده ومشروعه لتحرير المسجد الأقصى، وما أشبه الليلة بالبارحة، لم يواجه الناصر صلاح الدين الصليبيين وإنما توجه إلى العدو الداخلي الباطني وكسر شوكته وقضى عليه، وقد قيل له: «تقاتل الشيعة الرافضة، وتترك الروم الصليبيين يحتلون القدس؟»، ‏فأجاب: «لا أقاتل الصليبيين وظهري مكشوف للشيعة»، فقضى عليهم في مصر أولاً، ثم وحد الجيوش في مصر والشام لتحرير القدس حتى تسنى له فتح بيت المقدس وإعادته إلى المسلمين.

هذا كله متوقف على بناء مشروع لأهل السنة، وإقامة دولة لهم تمثل راية سياسية، والأمر ليس ضربة لازب، وإنما يحتاج إلى صبر وتخطيط وعمل دؤوب وتضحيات حتى يقام هذا المشروع على الأرض، ونواجه به عدو الداخل لتسلم الجبهة الداخلية، ثم نقضي بها على عدو الخارح.

وبغير ذلك سوف ندور في دائرة مفرغة، وكل أعمالنا ستكون عبارة عن إطفاء حرائق بعيدا عن العمل الناجع الذي يؤسس على تقوى من الله ورضوان.

د. وصفي أبو زيد

أستاذ مقاصد الشريعة الإسلامية، ورئيس مركز الشهود الحضاري للدراسات الشرعية والمستقبلية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى