د. وصفي أبو زيد يكتب: مظاهر وتجليات أسماء الجمال على أهل غزة
من رحمة الله تعالى أن إذا قدر قدرا حفَّه باللطف الإلهي، ومن هنا قال ابن عطاء الله السكندري في حكمته الشهيرة: «من ظن انفكاك لطفه عن قدره فذلك لقصور نظره».
ومن المعلوم والمشاهد أن العدو المحتل كان ولا يزال جل استهدافه الأطفال والنساء وتدمير البنية التحتية للمجتمع بعمائرها ومساكنها ومساجدها وكنائسها، وترتب على ذلك تهجير أهل غزة من بيوتهم؛ فضلا عن الشهداء من الأطفال والنساء والرجال.
انظروا إلى آثار اسم الله «اللطيف»،
كيف لطف بخلقه، وكيف زودهم من الإيمان واليقين والرضا والاحتساب ما جعلهم قادرين على احتضان القدر الإلهي والقضاء الرباني بما جسَّد في غزة ملحمة حقيقية للإيمان وجعلها مركزا للدعوة إلى الله تعالى عالميًّا؛ فكم رأينا ناسا يدخلون الإسلام إعجابا بهذا الثبات والصبر والرضا، فلابد أن وراء ذلك إلهًا معبودا يستحق الإيمان به والعبادة له.
انظروا إلى آثار اسم الله «الجبار»،
والجبار معناه الذي يجبر قلوب عباده ويربت على أكتافهم، فكم جبر الله تعالى من مصاب، وكم هدهد على أكتاف الثكالى واليتامى والمعوزين، بتضامن الأمة الإسلامية معهم على قلة ذلك بسبب الحصار وقلة النصير.
تأملوا آثار اسم الله «الحكيم»
حين قل النصير، وأُحكم الحصار، ومنعت كثير من الأمداد، طالع العالم ما يجري على أرض غزة، فتمثلت حكمة الله تعالى في دخول الناس في الإسلام، وفي انتشار الوعي في المجتمعات الأمريكية والأوربية؛ حيث تجسد هذا في خروج هذه الشعوب بالآلاف في مظاهرات تنادي بوقف الحرب؛ حيث أصبحت هذه الشعوب في واد وحكوماتها في واد آخر.
تدبروا آثار اسم الله «الكريم»،
وهو الكثير الخير الجواد المعطي الذي لا ينفد عطاؤه، وهو الكريم المطلق الجامع لأنواع الخير والشرف والفضائل المحمود بفعاله، كم أعطى أهل غزة من فضائل، وكم جعل لهم من مناقب؛ حيث صاروا مضرب الأمثال في الإيمان والثبات والتحدي، رغم الآلام والفقد والجراح.
ارصدوا آثار اسم الله «الودود»،
وهو المحب لعباده، والمحبوب في قلوب أوليائه؛ ومن مظاهر حبه أنه يصطفي من عباده شهداء؛ ليحيوا حياة أبدية، وأنه يبتلي من بقي منهم بالمصائب ليطهرهم من المعايب، فعن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيما يرويه عن ربه: «قال ربُّكم: لا أُخرِجُ عبدًا لي من الدُّنيا، وأنا أريد أن أرحمَه، حتى أوفيَه كلَّ خطيئةٍ عمِلها بسَقَمٍ في جسدِه، أو ضُرٍّ في معيشتِه، أو إقتارٍ في رزقِه، أو خوفٍ في دنياه، حتى أبلغَ به مثاقيلَ الذَّرِّ فإن بقيَ عليه شيءٌ شددت عليه الموتَ».
وهكذا لو تتبعنا بقية أسماء الجمال وتجلياتها على أهل غزة.