مقالات

د. وليد عبد الحي يكتب: مؤتمر موسكو والوضوء السياسي

تعذر على ذاكرتي حساب عدد مرات اللقاءات الفلسطينية لتحقيق مطلب «حق يراد به باطل» يسمونه الوحدة الوطنية، فنحن أمام فريق فلسطيني تنكر للميثاق الوطني الفلسطيني، وتخلى عن أي شكل من أشكال المقاومة المسلحة، وتخلى عن 78% من فلسطين، ويطارد أي عنصر مقاوم بغطاء التنسيق الأمني، ومصدر دخله الأساسي من أعداء فلسطين، ناهيك عن أن أفراد قيادة هذا الفريق ملطخون بشبهات الموبقات السبع.. ويقابله فريق فلسطيني آخر، يتناقض مع الفريق الأول في كل شيء، في الاستراتيجية والتكتيك، في الهدف والأداة، وفي البنية العقائدية لكل منهما.

من شروط التفاوض الناجح وجود حد من «المشتركات أو الروابط السياسية» بين طرفي التفاوض، وفي الحالة الفلسطينية لا يوجد اي مشترك، مما يجعل التفاوض شكلا من أشكال العبث، لكن الغريب هو الإصرار على مواصلة هذا العبث، فكيف يمكن أن نجد نقطة وسطى يتلاقى فيها المقاوم مع الجاسوس؟

إن الشروط الرئيسية للوصول إلى وحدة وطنية هي:

1- عدم التعاطي بأي شكل من الاشكال مع الأوسلويين لأن ذلك من باب العبث.

2- دعوة قيادات من فتح ممن لم يتنجسوا بأوسلو لتشكيل قيادة لحركة فتح وذراعها العسكري «كتائب الاقصى» ليكونوا طرفا في مفاوضات الوحدة، ولا ضرر في التحاق أي قيادي فتحاوي ممن يقبل أن يتوضأ سياسيا ليتطهر من «حدث أوسلو»، فأوسلو من مبطلات الوضوء السياسي.

3- الدعوة لانتخابات تحدد أوزان القوى السياسية وتمثيلها في الشارع الفلسطيني، ولا يجوز أن تبقى الحالة المتكلسة والتي تستثمرها شلة «بيتان» بالادعاء بأن فتح هي الفصيل الرئيسي في الساحة الفلسطينية، ففتح طبقا لاستطلاعات الرأي المختلفة لا يزيد وزنها حاليا عن 7-10%، فهذا التنظيم- بقيادته الحالية- أوهم العالم أن «ورمه.. سُمْنَة».

4- لا شك عندي أن اجتماع موسكو لا يزيد من «مهزلة» ومحاولة من فريق أوسلو أن يقوم بدور جديد مستغلا الظروف الصعبة التي توجهها المقاومة، أن مشاركة فريق أوسلو في الاجتماع هو مطلب عربي أمريكي إسرائيلي لاستثمار الظروف الصعبة الحالية، والهدف العربي الأمريكي الإسرائيلي من إرسال فريق أوسلو لموسكو هو:

أ‌- استغلال الظروف القاسية التي تعيشها المقاومة لانتزاع تنازلات سياسية منها وعلى رأسها الاعتراف بالشرعية الدولية، وبعد أن تعترف يدخلونها في أنفاق أوسلو التي خبروها جيدا.

ب‌- العمل على محاولة خلق خلافات داخل المقاومة من خلال:

1- العمل على خلق خلاف «بين حماس والجهاد الإسلامي» بخاصة أو مع تنظيمات أخرى.

2- محاولة زرع أفكار تؤدي إلى خلافات «داخل» كل من تنظيمات المقاومة بهدف تفكيكها أو جر تنازع عسكري بينها.

3- فشل الاتفاق في موسكو سيضيف جرعة يأس للشارع الفلسطيني.

4- أن عدم الاتفاق سيوفر الحجة لبيتان وفريقه لتبرير خلق عسر مالي على كل من هو مساند للمقاومة تحت ذريعة فشل تحقيق الوحدة.

5- أن الفشل في الاجتماع سيبرر استمرار تهرب بيتان وفريقه من الانتخابات.

أخيرا أقول للمقاومة وبكل وضوح: كم مرة يجب أن يُلدغ المؤمن من الجحر الواحد؟ يجب فتح المجال أمام البحث في كيفية تنظيم انتخابات شعبية، وليكن فريق أوسلو ضمن المتنافسين، والفائز هو من يحدد المسار.

أن الفترة الحالية تستوجب احترام إرادة الشعب، فالصادق في مسعاه هو التنظيم الذي يقبل العودة للشعب ويعمل طبقا لإرادة الاغلبية أيا كانت.

د. وليد عبد الحي

أستاذ علوم سياسية، الأردن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى