د. ونيس المبروك يكتب: الزكاة للمتضررين في المغرب وليبيا
سألني بعض التجار من أهل الخير، عن حكم دفع الزكاة للمتضررين في فيضان درنة، ولتعميم الفائدة أنشر جوابي هنا، فأقول:
بسم الله الرحمن الرحيم
يجوز دفع الزكاة وتعجيلها، وتقديمها قبل وقتها للمتضررين من فيضانات مدينة درنة، لأن معظم هؤلاء لا يخرجون عن وصف «ابن السبيل» الذي انقطعت به السُبُل ولو كان غنيا، أو «الفقير» الذي خسِر مالَه ومتاعه وداره،
والله تعالى يقول:
{إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلفُقَراءِ وَالمَساكينِ وَالعامِلينَ عَلَيها وَالمُؤَلَّفَةِ قُلوبُهُم وَفِي الرِّقابِ وَالغارِمينَ وَفي سَبيلِ اللَّهِ وَابنِ السَّبيلِ فَريضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَليمٌ حَكيمٌ}.
وقد رخّص النبيُ صلى الله عليه وسلم للعباس رضي الله عنه في تعجيل الزكاة، كما روى الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر رضي الله عنه: إنا قد أخذنا زكاةَ العباس عام الأول للعام.
كما أن تقديم الزكاة في مثل هذه الظروف، فيه تحقيقٌ لمقاصد الشريعة في تخفيف الجائحة التي ألمت بالناس، ويتطلب دفعها التعجيلَ، لا التسويف والتأجيل، فإن بلغ المالُ النصابَ جازَ تقديمه قبل الحول، ولو بعامٍ على مذهب الشافعية، وأكثر من ذلك عند الحنابلة والحنفية، لأن تقديم الشيء على سببه ملغي، وأما تقديمه على شرطه جائز، والحول من الأوصاف المكملة لا من الأسباب،والله أعلم.
و الزكاة وإن كانت ركنا وعبادةً من العبادات، إلا أنها أحد الحقوق المالية الواجبة في المال للمحتاج، فلا تقاس على الصلاة، من حيث شرط دخول وقتها.
وأذكر إخواني وأخواتي من الموسرين، بأن تنشرح صدروهم بالنفقة دون استكثارٍ أو مَنٍ، ويحمدوا الله تعالى الذي رزقهم من فضله، ووفقهم للإنفاق في سبيله، حتى تكون النفقة سببا في تثبيت قلوبهم على الإيمان ونيل رضى الرحمن،
قال تعالى:
{وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}
وسبحان من منحهم ثم استقرضهم ثم وعدهم بمضاعفة قرضهم ؛ فقال سبحانه
{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}
تقبل الله منا ومنكم صالح العمل، وفرج الله كرب أهلنا وربط على قلوبهم وتغمد شهدائهم في رحمته إنه برٌ رؤوف رحيم.
والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم