مقالات

د. ياسر عبد التواب يكتب: حين سطر الصحابة التاريخ بمهجهم

لم تكن الدعوة يوما ممهدة بالورود ولم يكن أصحاب الدعوة مرحبا بهم في كل مكان.. لقد واجهت الدعوة عواصف من الجاهلية برمتها التي شعر أصحابها أنهم يواجهون ما يقلب نظام حياتهم ويغالبهم في حطام الدنيا الذي يتنافسون عليه..

فالدعوة مدافعة ومغالبة ولكنها كأي أمر من أمور الدنيا تحتاج لصبر ساعة حتى يفرج الله تعالى الكرب

تعالوا لنتأمل في حرص رسول الله وصحابته على الدعوة إلى الله وبعث البعوث من أجلها.. ليعلموا الجاهل ويرشدوا الحيران

أخرج ابن اسحاق بسنده قال: قدم أبو بَراء عامر بن مالك بن جعفر (ويلقب؛ ملاعب الأسنة) على رسول الله المدينة. فعرض عليه الإسلام ودعاه إليه؛ فلم يسلم ولم يبعد من الإسلام وقال: يا محمد، لو بعثت رجالاً من أصحابك إلى أهل نجد، فدعوهم إلى أمرك رجوت أن يستجيبوا لك. فقال رسول الله : «إني أخشى عليهم أهل نجد» فقال أبو براء: أنا لهم جارُ، فابعثهم فليدعوا الناس إلى أمرك….

فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو أخا بني ساعدة -المعنق ليموت (لقبه)- في سبعين رجلاً من أصحابه من خيار المسلمين

منهم: الحارث بن الصمة، وحرام بن ملحان أخو بنو عدي بن النجار، وعروة بن أسماء بن الصلت السلمي، ونافع بن بذيل بن ورقاء الخزاعي، وعامر بن فهيرة مولى ابي بكر -رضي الله عنهم- في رجال من خيار المسلمين.

فساروا حتى نزلوا بئر معونة -وهي بين أرض بين أرض بني عامر وحرة بني سليم-

فلما نزلوها بعثوا حرام بن ملحان رضي الله عنه بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عامر بن الطفيل، فلما أتاه لم ينظر في كتابه حتى عدا على الرجل فقتله،

ثم استصرخ عليهم بني عامر؛ فأبوا أن يجيبوه إلى ما دعاهم إليه وقالوا: لن نخفر أبا براء وقد عقد لهم عقداً وجواراً، فاستصرخ عليهم قبائل من بني سليم: عصية ورعلاً وذكوان، فأجابوه إلى ذلك.

فخرجوا حتى غشوا القوم فأحاطوا بهم في رحالهم، فلما رأوهم أخذوا أسيافهم، ثم قاتلوا القوم حتى قتلوا عن آخرهم ـ يرحمهم الله..)

وفي رواية البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه: فانطلق حرام -أخو أم سليم- وهو رجل أعرج ورجل من بني فلا، وقال: كونا قريباً حتى آتيهم، فإن آمنوني كنتم قريباً وإن قتلوني أتيتم أصحابكم. فقال: أتؤمنونني حتى أبلغ رسالة رسول الله؟ فجعل يحدثهم، وأومأوا إلى رجل، فأتاه من خلفه فطعنه ـ قال همام: أحسبه حتى أنفذه بالمح ـ

فقال: الله أكبر! فزت ورب الكعبة!

وقال بالدم هكذا، فنضحه على وجهه ورأسه؛ ثم قال: فزت ورب الكعبة.

وعند الواقدي أن الذي قتله جبار بن سلمى الكلابي. قال: ولما طعنه بالرمح قال: فزت ورب الكعبة! ثم سأل جبار بعد ذلك ما معنى قوله «فزت» قالوا: يعني بالجنة. فقال: صدق الله! ثم أسلم جبار بعد ذلك لذلك)

هكذا كان جهدهم وجهادهم وصبرهم وبذلهم

قوم عرفوا أن الحياة بذل وتضحية في سبيل الله

فهلا تشبهنا؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights