د. ياسر عبد التواب يكتب: نظريات المؤامرات بين الحقيقة والمبالغة
هناك من يبالغ في موضوع المؤامرات فتستغرق تفكيره كلما وجد صعوبات في الحياة أو مشكلات أو حتى جرائم
وهناك من يهون كثيرا من وجود مؤامرات على الإطلاق حتى في الأحوال الواضحة وفي كلا الطرفين نجد كثيرون من المتحدثين الذي يتعاملون مع الطرف الآخر على أنه مغفل لم يطلع على الحقائق
وأحيانا تستنتج أن هذا في ذاته مقصودا لمزيد من البلبلة والافتراق وهذا كذلك جزء من المؤامرة إن نظرنا للأمر من جهة المتحمسين للمؤامرة وهناك على الطرف الآخر من يبلور نظريات تحلل نزوع الناس لنظرية المؤامرة سواء نفسيا أو اجتماعيا أو اقتصاديا أو سياسيا كذلك لينتصر لفكرة أن هذه الفكرة نشأت لظروف معينة من القمع والاضطهاد وفي ظل غياب الحرية والأمل فيتم تعليق المسؤولية على المؤامرات
عموما حد وجود مؤامرة أن يكون هناك :
– أدلة واضحة لا تحتمل الشك على وقوعها
– أن يكون هناك اعترافات من بعض من خطط لها مثلا كصحوة ضمير وما يشبه
– النقطة الأهم: أن تكون هناك شواهد لا تقبل التأويل على وجود تلك المؤامرة وهنا مربط الفرس في القضية بسبب التلبيس الذي يثيره فاعلي المؤامرة بإنكارها.
دعنا نأخذ مؤامرة احتلال فلسطين من خلال حشد اليهود وترحيلهم وإغرائهم ومن خلال دعم دول غربية كانجلترا كدولة تضعها تحت الانتداب ثم يدلي وزير خارجيتها بوعد لليهود (وعد بلفور) وإمدادهم بالسلاح والمال ونقلهم ومنع الفلسطينيين من امتلاك الأسلحة في المقابل وكل الدعم اللوجستي والرسمي يصلح كدليل على ما سبق ذكره كونها مؤامرة وأيضا مؤامرة إسقاط الخلافة التي اجتمع عليها كل الأعداء من الغرب والشرق والخونة والمتآمرين والمخدوعين من الداخل حتى تم الأمر وما يتبعه من احتلال الدول المرتبطة بها وتركها لحكام متحكم فيهم ومتحكم في قراراتهم المصيرية ونهب ما لديهم من موارد أو ميزانيات .
كما أن خطوطا لمؤامرات مثل إحداث البلبلة الفكرية والشبهات حول الدين عموما أو الإسلام بشكل خاص وإشاعة الفواحش أو إشاعة الشذوذ يمكن أن تكتمل صورتها بشكل متكامل إن الشواهد موجودة لكنها ليست مكتملة تماما لكن بالتأكيد أن ثمة شواهد تتعاضد في هذه القضية لكن لا يمنع هذا من اعتبار الأحداث ضمن مؤامرة وبكل الأحوال إن لم تكن مؤامرة متكاملة باجتماعها ولا ينفي أن ثمة مؤامرات جزئية لكل مفردة من تلك الجرائم والمؤامرات
وبكل الأحوال فتلك الجرائم أو المؤامرات تحتاج إلى من يجليها ويرد عليها ويكافحها
فإننا لو تعاملنا مع الجرائم فقط باعتبارها المظهر الأساسي والواضح للمؤامرة فإننا سنغفل الأجزاء الخفية والتي لو أفلحنا في الإمساك بخيوطها لأفلحنا ي إنهاء أمرها فلا يبقى لها وجود أو يستمر تلونها لاحقا وإن لم نستطع فلا نتوقف ولا نيأس من هذا فلنداوم على مكافحة الجرائم وهذا مؤثر في المكافحة إلى أن تتيسر الأحوال بالكشف عن باقي الخيوط