د. يوسف رزقة يكتب: العلمين جديدة والصورة جديدة
انتهى لقاء الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية الذي انعقد برئاسة عباس صاحب الدعوة واستضافة ورعاية الرئاسة المصرية في الثلاثين من يوليو ٢٠٢٣م في مدينة العلمين. واستغرق اللقاء يوما واحدا.
انتهى اللقاء ولا جديد يلفت النظر إليه، أو يستحق التعليق عليه. القديم بقي على قدمه، والملفات العالقة بقيت عالقة، وما يفرق المجتمعين في السياسة والميدان بقي على ما هو عليه، والطريق للوحدة الوطنية ظل مغلقا، رغم كثرة النشيد للوحدة وللحكومة.
لا تقدم في ملف إصلاح المنظمة، ولا تقدم في ملف المصالحة، ولا في ملف البرنامج لمواجهة الاحتلال، ولا في ملف الانتخابات.
لم يخسر الجهاد الإسلامي شيئا بمقاطعة الاجتماع، ولم تكسب حماس والفصائل المقاومة شيئا بحضور الاجتماع. الكل سمع من عباس كلاما مكررا حول كل الملفات. والكل سمع لشروط عباس القديمة حول منظمة التحرير، وشروط إصلاحها.
المستفيد الوحيد من اللقاء هو من دعا له بحساب مسبق هو يعرفه ويريده، وغيره ممن حضروا على قاعدة الشراكة أفضل من المقاطعه لم يستفيدوا شيئا غير الصورة الإعلامية.
يقولون المشاركة أفضل من المقاطعة، فهل هذا دائما أبدا، أم إن في المقاطعة موقف مفيد أحيانا، ويكون خيرا من المشاركة؟!
الأقوياء يمارسون المشاركة ويمارسون المقاطعة بدون أحكام مسبقة وجاهزة، بل هم يشاركون بحساب، ويقاطعون بحساب، وهذا يكون بمصالح معلومة وراجحة. هذا الحساب لا يحدث عندنا إذا ما دعا عباس الأمناء العامين لاجتماع.
العلمين: مبارك شكلنا لجنة…
في لقاء العلمين العتيد تمّ الاتفاق على تشكيل لجنة من الفصائل لدراسة الملفات والقضايا المقترحة والعالقة من اجتماعات سابقة، وعرض نتائج عمل اللجنة على محمود عباس. يعدّ تشكيل اللجنة هو القرار الوحيد الذي تمخض عن الاجتماع.
كل الأطراف عبّرت في كلماتها عن إحساسها بالخطر الكبير والاستثنائي الذي يهدد الحقوق الفلسطينية في الضفة في ظل دعوات وزراء من حكومة نيتنياهو ابن غفير بإعلان السلطة كيان معادي، وضم الضفة الغربية (لإسرائيل) واجتياحات المدن الفلسطينية.
والسؤال الذي يتبادر للذهن عند سماع المتحدثين في العلمين عن الخطر الاستثنائي يقول: هل تشكيل لجنة لدراسة القضايا والملفات هو حل مكافئ لهذا الخطر الحقيقي؟! قديما قالوا في حكمهم: “إذا أردت أن تميت قضية شكل لها لجنة”. المحللون يقولون: اللجنة التي تمّ تشكيلها هي تحت مظلة هذه الحكمة، حيث لا يتوقع أحد للجنة أن تنجز حلا لقضية مختلف فيها بين الفصائل.
الملف السياسي أطرافه بعيدة كل البعد عن الاتفاق، وهم أكثر تباعدا وافتراقا في قضية مقاومة الاحتلال، وملف الانتخابات مجمّد بقرار داخلي بحجة القدس، والقدس بريئة مما ينسب لها، وملف الاعتقال السياسي لن تناقشه اللجنة، لأن عباس قال: ليس لدينا معتقلين سياسيين.
في ضوء هذه الإشارات القليلة والمتواضعة في المقال، لأن ما خفي أعظم، كيف يمكن للجنة أن تبحر لساحل الحلول وهي لا تملك قرار غير الدراسة، وأعضاؤها، الذين لم يعلن عنهم، شركاء متشاكسون، شئنا أم أبينا، وتصريحات قادتهم تفضحهم.
كم ملف ستناقش اللجنة العتيدة؟! وكيف يتم اتخاذ القرار؟ هل بالتوافق أم بالتصويت؟ وأي القضايا تتقدم النقاش؟! وما المدة الزمنية التي ستعمل فيها اللجنة؟! ومن رئيسها ومن يدعو الأعضاء للاجتماع؟!
خلاصة ما أقوله: إن تشكيل اللجنة لا يكافئ الخطر الذي تحدثوا عنه، وإذا صح قولي هذا فإن اجتماع العلمين كسابقه من الاجتماعات. والله المستعان.