د. يوسف رزقة يكتب: قلنا وقالوا والحقوق لا تسترد بالكلام

في كلمات قادة الدول وممثليها من على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة يحرص كل متحدث أن يكونا بليغا ومفهوما في التعبير عن رؤية بلاده، لا سيما إزاء القضايا السياسية المحلية والدولية التي يهتم بها المجتمع الدولي. وفي كل خطاب يمكنكم استخلاص خطوط عريضة لسياسة دولة الخطيب.
فنيتنياهو مثلا: يرى أن دولته نجحت في تحقيق تطبيع علاقات سياسية واقتصادية مع دول عربية مهمة دون أن تلتفت هذه الدول إلى اعتراضات الفلسطينيين، وهو ما يؤكد على فلسفته السياسية القديمة بأنه يمكن صناعة سلام وتطبيع مع العرب وإن لم يتحقق السلام مع الفلسطينيين؟!
عرض نيتنياهو في هذا المجال خارطة تبين حالة التواصل الطبيعي بين منطقة الخليج والمملكة والأردن ومصر والسودان و(إسرائيل) الآن؟! بينما كان هذا غير متوفر في عام ١٩٤٨م.
وحين تعرّض للسلام والتطبيع مع السعودية قال نحن على أعتاب صناعة اتفاقية سلام ويجب ألّا نعطي الفلسطينيين حق الفيتو؟! فقد صنعنا سلاما مع أربعة دول عربية دون أن يكون للفلسطينيين حق النقض؟!
أما محمود عباس الذي جاءت كلمته بعد كلمة نيتنياهو فقد قال إن السلام والاستقرار يبدأ من فلسطين، وبدون فلسطين ودولة فلسطين لا تطبيع ولا سلام. إن قول محمود عباس هذا لا يصمد أمام كلام نيتنياهو، حيث تمكنت دولة الاحتلال من التطبيع مع الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، ولم تربط هذه الدول العربية موقفها بشروط فلسطينية.
لماذا كان هذا الموقف؟! هناك إجابات عديدة ولعل من أهمها حالة التفكك العربي، وسقوط المقولات القومية لا للاعتراف لا للتطبيع. إضافة ألى أن ما يحصل هو نتاج مباشر لاتفاقية أوسلو التي وقعتها منظمة التحرير، حيث فتحت بها الطريق أمام دولة الاحتلال للوصول المباشر للعواصم العربية؟!. (الفلسطيني طبع فلماذا لا يطبع العربي؟!)
إنه لمن المؤسف أن نقول إن نيتنياهو عرض في كلمته نتائج وإنجازات عمل سنوات، بينما عرض محمود عباس عرض معادلات لغوية لا تلتقي معه عندها الدول العربية، لا سيما التي طبعت علاقتها، أو تلك التي تعتزم التطبيع لاحقا.
إن مصالح الدولة القطرية الوطنية تتقدم على المطالب الفلسطينية بسبب العالمين السابقين. لقدا هدم قادة عرب المبادرة العربية، وأبرموا اتفاق أبراهام خارج نصوص المبادرة العربية، بينما يواصل محمود عباس التمسك بها، وكأنه لا يرى مظاهر ما حل بها من هدم. إن حالة الضعف الفلسطيني لا يمكنها منع التطبيع، ولا إلزام قادة العرب بمبادرتهم، وبلاغة الكلام أمام الجمعية العامة لا يعاج ضعفنا، ولا يلامس واقعنا. والحل كيف نكون آقوياء.