مقالات

د. يوسف رزقة يكتب: من جرّأ السويد على حرق القرآن؟!

لو كان للمسلمين دولة ذات سيادة تعظم الإسلام والقرآن على الحقيقة، لما سمحت السويد بإحراق المصحف الكريم أمام السفارة التركية. إن إحراق المصحف إهانة لما يعظمه المسلون، ويعظمه الله، وهي إهانة ترتقي لدرجة الكفر بحسب ما قرره الفقهاء في مثل هذه الحالة. ولو كانت لدول الإسلام القائمة وزنا لما اعتبرت السويد وقائد حلف الناتو حرق المصحف من حرية التعبير؟!

ما تم حرقه ليس كتابا، ولا صحفا، وما قصد المجرم الصحف والأوراق، وإنما قصد المنهج، ودين الإسلام! هذا الحرق هو إعلان كراهية، وحرب على الإسلام كدين ومنهج. أي إن ما يسمونه في السويد ودول الغرب حرية تعبير هو حرب على الإسلام، وعلى المسلمين عامة، ومن ثمة نشاهد في هذه الجريمة عودة للحروب الدينية، والصليبية. لا عقوبة في قانونهم على إحراق المصحف، وبث الكراهية الدينية، بينما يعاقبون من ينكر المحرقة النازية لليهود؟!

ما جرأ المجرم، والدول المبررة لجريمته، هو  غياب الدولة الإسلامية الحامية لدين الإسلام، والقرآن من العدوان والإهانة. وما يوضح هذا الغياب ودلالته هو ما نستذكره من تاريخ السلطان سليمان القانوني خليفة المسلمين، الذي كان حاميا للدين والقرآن، حيث كانت كنائس إيطاليا تتوقف عن دق أجراسها عند مرور الأسطول الإسلامي التركي خشية إغضاب السلطان؟!

اليوم السويد لا تخشى غضب أحدا من حكام ورؤساء دول البلاد الإسلامية، بل كل حكام الدول الإسلامية،  بما فيها بلاد الحرمين، وبلاد الأزهر، لأنه لا وزن لهذه الدول عند دولة السويد، التي تحمي من أحرق القرآن بغرض الإهانة والعدوان؟!، ولو كان لهذه الدول وزنا لما قدمت السويد الدولة هذه الحماية له، ولضربت على يد المجرم، وقدمته للمحكمة بدعوى التحريض على الكراهية، وإهانة دين المسلمين، من خلال إحراقه لما يعظمه المسلمون.

من المؤسف أن قادة دول العالم الإسلامي تسارع إلى قطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية إذا ما أحرقت السويد صورة رئيس الدولة، أو علم الدولة، ولا تفعل شيئا من هذا عند إحراقهم للقرآن الكريم، وتكتفي هذه الدول بالشجب والاستنكار، ولو عظم هؤلاء القادة والرؤساء القرآن فوق تعظيمهم لصورهم ولأعلام دولهم، لتجاوزوا الشحب والاستنكار إلى إجراءات تؤلم السويد، وتمنع تكرار الجريمة.

بقيت كلمة تتعلق بالشعوب الإسلامية أقول فيها: إن لم يعظم قادة دول الإسلام  القرآن التعظم الحقيقي، فأنتم أهل لتعظيمه على الحقيقة، ولا يكون التعظيم في المسألة السويدية إلا بمقاطعة بضائع تلك الدولة، وفضحها إعلاميا، والضغط على قادة بلادهم لترجمة غضب المسلمين في قرارات عملية؟!.

د. يوسف رزقة

كاتب ومحلل سياسي، فلسطيني أستاذ الأدب والنقد في الجامعة الإسلامية بغزة ووزير الإعلام السابق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى