في حادثة مثيرة للجدل أثارت قلق المسلمين في فرنسا، أعلنت السلطات الفرنسية يوم الثلاثاء العثور على رؤوس خنازير أمام تسعة مساجد في باريس وضواحيها، في وقت تتزايد فيه المشاعر المعادية للإسلام بشكل ملحوظ داخل البلاد.
وأوضحت النيابة العامة أن خمسة من هذه الرؤوس كُتب عليها اسم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأمر الذي يثير تساؤلات حول دوافع الفاعلين.
السلطات تدين وتحقق في الحادث
أكد وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتيلو أن الدولة تقف إلى جانب المواطنين المسلمين، مشددًا على ضرورة ضمان ممارستهم لشعائرهم الدينية في أمان. وقال في مؤتمر صحفي: “أريد أن يتمكن مواطنونا المسلمون من ممارسة عقيدتهم في سلام ودون خوف.”
من جانبه، صرّح قائد شرطة باريس لوران نونيز أن التحقيقات جارية وأنه لا يمكن استبعاد فرضية التدخل الأجنبي بهدف زعزعة استقرار فرنسا، خاصة في ظل الأزمة السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد. وأشار إلى أن مثل هذه العمليات سبق أن ارتبطت بمحاولات خارجية لإثارة الفتنة الداخلية.
اشتباه في التحريض على الكراهية
ذكرت النيابة العامة في باريس أن وحدة خاصة من الشرطة تتولى التحقيق، معتبرة الحادث تحريضًا على الكراهية وتفاقمًا للتمييز.
وتأتي هذه الحوادث في سياق سلسلة من الأعمال المعادية للأقليات الدينية، حيث كانت السلطات قد ألقت القبض في مايو الماضي على ثلاثة صربيين بتهمة الارتباط بـ”قوة أجنبية” عقب تشويه معابد يهودية ونصب للهولوكوست.
تنديد واسع من مسلمي فرنسا
قال عليم بوراهي، رئيس أحد المساجد في باريس حيث عُثر على رأس خنزير عند الخامسة صباحًا: “إنه أمر كارثي ومخيب للآمال أن نرى مثل هذه التصرفات. إذا كان بإمكانهم فعل ذلك، فما الذي قد يفعلونه بعد ذلك؟”
كما عبرت جمعيات إسلامية عن قلقها، من بينها جمعية ADDAM التي تكافح التمييز ضد المسلمين. وأوضح رئيسها باسيرو كامارا أن مشاعر الخوف تتزايد بين رواد المساجد، مع تنامي الشعور بانعدام الأمن والوصم الاجتماعي منذ عدة أشهر.
تصاعد الإسلاموفوبيا في فرنسا
بحسب تقرير لجنة حقوق الإنسان الفرنسية لعام 2024، فإن العنصرية والإسلاموفوبيا في تزايد مستمر. وأشارت وزارة الداخلية إلى تسجيل 181 حادثة معادية للمسلمين بين يناير ويونيو 2025، بزيادة بلغت 81% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
ويخشى مراقبون أن تؤدي هذه الأحداث إلى تأجيج الانقسامات داخل المجتمع الفرنسي، خاصة مع بروز تيارات اليمين المتطرف واستغلالها للأزمات الاقتصادية والسياسية لتعزيز خطاب الكراهية.
خلفية من التوترات السابقة
تأتي هذه الحوادث بعد سلسلة من الاعتداءات المقلقة؛ ففي يونيو الماضي فتح مكتب المدعي العام لمكافحة الإرهاب أول تحقيق له في جريمة قتل يُعتقد أنها مستوحاة من أفكار اليمين المتطرف، عقب مقتل حلاق تونسي برصاص جاره.
وفي أبريل الماضي، خرج آلاف الفرنسيين في تظاهرات واسعة بعد مقتل مواطن مالي داخل مسجد على يد متسلل وجه إساءات ضد الإسلام أثناء ارتكابه الجريمة.
تحدٍ أمام الحكومة الفرنسية
تشير هذه التطورات إلى أن الحكومة الفرنسية تواجه تحديًا كبيرًا في حماية الجاليات المسلمة، التي تُعد الأكبر في أوروبا بعدد يزيد عن 6 ملايين نسمة. وبينما تواصل السلطات التحقيق في حادث رؤوس الخنازير،
يؤكد قادة المجتمع المدني أن الإجراءات الأمنية وحدها لا تكفي، وأن هناك حاجة ماسة إلى خطاب سياسي ومجتمعي يواجه الإسلاموفوبيا ويعزز قيم التعايش.