الجمعة نوفمبر 1, 2024
مقالات

رانيا مصطفى تكتب: العاشرة يا انقلاب

مشاركة:

في الذكرى العاشرة لانقلاب الثلاثين من يونيو، أحيا أنصار العسكريين عيد نصرهم المؤزر على إرادة الشعب المصري التي تمثلت في اختيار رئيس وجماعة ذات خلفية إسلامية للقيام بمهام الحكم في خمس استحقاقات انتخابية نزيهة.

يتحول الاحتفال كل عام إلى مهرجان رعب حيث يصاب اليونيويون في هذا اليوم بهستيريا ضحك تشبه تلك التي أصيب بها أنصار أسكار في فيلم الأسد الملك، وذلك ما شجعني حقيقة على أن أتقدم ببعض الاقتراحات إلى المسئولين في الدولة لقولبة هذه المهرجانات وتقنينها،

وإليكم أطروحاتي:

الاقتراح الأول:

إطلاق اسم «بلود شيدوين» أي عيد سفك الدماء على غرار «الهالوين» عند الغرب فطقوس اليومين تتشابه إلى حد التطابق تقريبا، ففي هذا اليوم، سيتنكر أنصار السيسي في زي من أقدموا على مذابح الثورة كلها من قيادات جيش وشرطة وقضاء ومؤسسات دينية وحركات مدنية، ومن باب إشعال الروح الوطنية السادية، أدعم تنظيم جولات في ميدان رابعة وأمام مبنى الحرس الجمهوري و منطقة العباسية وشارع محمد محمود وميدان التحرير وكل بقعة أريق فيها دم مصري.

  • يستطيع مؤيدي المنقلب أيضا أن يحيوا لياليهم باستعادة ذكريات تفويضهم المنقلب ليرتكب أكثر المواقف خسة في تاريخ مصر المعاصر، وكيف تحمسوا واستدرجوا بكل سعادة للتحريض على جرائم حرب من الدرجة الأولى.

كما يمكن أن يتبادل المحتفلون فيما بينهم قصص الانتقام السودوي من قتل وحرق وتعذيب وسجن واهانة وتشويه سمعة مواطنين أمثالهم فقط لأنهم أرادوا شكلا مختلفا للحياة.

وفي نهاية اليوم سيطوف أبناء الجيش والشرطة على المنازل ويطرقون الأبواب فجرا بكل عنف، ويطلبون من أصحابها رسوم احتفالاتهم فإما الدفع وإما الحبس.

الاقتراح الثاني:

أن يخصص النظام يوم الثالث من يوليو كيوم قومي للكذب، كالأول من ابريل، وليحضر كل يونيوي كذبته تيمنا بـ«كذبة يوليو» التي أطلقها قائد الانقلاب في بيانه وسط لفيف من مؤيديه عندما قال أنه عرض على القوى المدنية المصالحة لكن الرئيس مرسي رفض وكان محمد مرسي قد وافق في خطاب يسبق بيان زعيم الانقلاب على شروط القوى المدنية مع التحفظ على مسألة فراغ مؤسسات الحكم، وأطلق حوارا وطنيا شاملا موقعا بالموافقة مقدما على كل مقترحات معارضيه الذين رفضوا الحضور.

الاقتراح الثالث:

أن يحتفل اليونيويون بالعيد الانقلابي بإعداد أكبر حفل راقص يحطم أرقام جنيس، كما يفعل اليونانيون في مهرجان «انستيناريا»، فيرقصون على جمر إجراءات النظام الملتهبة وأسعاره الجنونية وسياسته الاقتصادية الحارقة، وأفكاره الدينية المغلوطة، ورؤيته الثقافية المحدودة، وقراراته الفردية المقدسة، كل ذلك مع الادعاء بأنهم لا يشعرون بالألم، لكن المهم أن يظهروا نفس السعادة والاندماج الذي تفجر فيهم في مثل هذا اليوم .

لم ينس النظام الانقلابي حظ الشعب الآخر من الأعياد برغم أنه تهور وثار ضد الفساد في يناير، وطاش فانتخب مدنيا، أستاذا، مهندسا، ورئيس أكبر حزب مصري، لكن حنان قلب الزعيم غلبه فحرص على أن يحتفل المذنبون المدنيون بيوم كعيد “نيابي” (يوم الصمت) كما يفعل الاندونيسيون على جزيرة بالي، فاتبع سياسات ألزمت الناس المنازل والصمت والصوم أيضا، وخلال السنوات العشر نشر دوريات حراسة ليتأكد أن الجميع يجلس في منزله يتأمل ويتدبر حياته بعيدا عن كل أمل في الحياة، واستغراقا في طقوس العيد قام بحبس الأرواح المحترمة الشريرة التي تحمل دينا ومبدأ وقيمة.

يدرك المصريون الآن أن اليوم الوطني للانقلاب الذي يوافق يوم صمتهم القومي هو يوم هبوط أرواح الخونة الشريرة على أرض بلادهم الطيبة، لكنهم لا يملكون إلا أن يطبقوا طقوسهم، فيخرجون جماعات طلبا للرزق وهم يرددون دعاء مستترا أن يرفع الله عنهم الغمة ويقتل الأشباح التي حولت زرقة سمائهم إلى سواد، ومياه نيلهم إلى دم، وإخوانهم في الوطن إلى ضفادع، وصفاء ابتساماتهم إلى دموع، إنهم يعيشون في انتظار اليوم الذي يحرقون فيه دمى منتفخة العينين تمثل أرواح ظالميهم الشريرة كما فعلوا بدمية اللنبي، ويحطمون تماثيل كهنة حضروا المردة فلما عجزوا عن صرفهم ، هربوا.