“ربِّ عادَ الرَّبيعُ فاجْعَلْهُ فتحًا”.. شعر: الشيخ “شريف قاسم”
رُدَّ لـــي عــهـدَ صـبـوتـي وافـتـتـاني … بــلــذيـذِ الــلـقـا وعَــــذبِ الــتَّـدانـي
واسْــقِ قـلبي مـن الـرحيقِ الـمصفَّى … إنَّ قــلـبـي خـــوى مـــن الـحـرمـانِ !
قــــــد تـــنـــاءى فَــأنْــزِلَـنْـهُ بــــــوادٍ … غــيـرِ ذي زرعٍ فــي ربــوعِ الأمــانِ !
ضـــــاقَ ذرعًـــــا ولـلـبـعـادِ اقــتــرانٌ … بــلــهـيـبِ الأشــــــواقِ أَيَّ اقـــتــرانِ
إذْ طـــوتْ جـفـوةُ الـحـبيبِ بـعـينيْهِ … ابــتــهــاجًــا تـــضــمُّــه الــمــقـلـتـانِ
يــومَ أغـضـى عـلـى الـفراقِ فـأشقى … قـــلـــبَــه الــمــســتــرقَّ لــلــنُّــدمـانِ
وقـضـى الـنـأيُ حـكـمَه فـمع الـشوقِ … بـــــذا الــحــكـمِ لـــيــس يـخـتـلـفانِ
أمـعَـنَـا فـــي عــذابِ نـفـسٍ تـرامـتْ … وبـــأحـــلــى عـــذابِــهــا يــمــعــنـانِ
مـاصـبـا يــومًـا والـصَّـبـابةُ ضــجَّـتْ … بـــيـــنَ أحـــنـــاءِ قــلــبِـه الــظَّــمـآنِ
عـــن يـــدِ الأُنــسِ فــي مـراتـعِ روحٍ … مـنـعـتْـهـا عـــــن أفْــقِــهـا راحـــتــانِ
يــتــوخَّـى قـــــرْبَ الــدِّيــارِ ولــــولا … حــرَّتــاهـا لَـــمَــا ســـعــتْ قـــدمــانِ
ذاكَ مـغـنى الـحبيبِ والـنَّفسُ تـاقتْ … إذْ تـــراءى الـسَّـنى بـخـضرِ الـمـغاني
وتــثـنَّـى الــربـيـعُ زهــــوًا وفــاحـتْ … جـــنــبــاتُ الــــربـــوعِ بــالــريـحـانِ
والــبـشـاراتُ فـــي الـــورى جـلـبـتْها … عــــاطـــراتٍ قــــوافـــلُ الـــرُّكــبــانِ
والـحـكـايـاتُ قــبــلُ تـنـقـلُها الــجِـنٌّ … بـــــــأُمِّ الــــقـــرى بــــكـــلِّ لـــســـانِ
وُلِـدَ الـنُّورُفانجلى الـفجرُ واسـتيقظَ … مــــــن طــــــولِ نـــومِــه الإنـــســانُ
واشــرأبَّــتْ أعــنــاقُ لــيــلٍ طــويـلٍ … مـــذعـــنــاتٍ لـــلــواحــدِ الــــدَّيَّـــانِ
وتـــنــادتْ إلـــــى الــنِّــداءِ جــمــوعٌ … سـلـبـتْـهـا الــهــدى يــــدُ الـشَّـيـطـانِ
يـــومَ أصــغـتْ ومـــا الـنِّـداءُ بِـمُـجدٍ … حــيـنَ لايُـلـفـي الـشَّـوقَ فــي الآذانِ
ووعـــتْـــهُ الــقــلــوبُ مــشــتـعـلاتٍ … بــجُــذى الــغـيـبِ والـسَّـنـا الـرَّبـانـي
هــكــذا كُــــنَّ قــبــلُ فـــي غــفـلاتٍ … مـــذعــنــاتٍ لـــســطــوةِ الأوثــــــانِ
تـــؤثــرُ الــتِّـيـهَ والــضَّـلالـةُ تــعـمـي … لابـــعــقــلٍ صـــحـــتْ ولا بـــرهـــانِ
تــشــتـريـهـا بـــضــاعــةً لامــتــهــانٍ … كـــــفُّ أهـــــلِ الــتَّـبـارِ والــخـسـرانِ
وإذا الــقـلـبُ بــيــعَ فـالـغِـلُّ يُــدمـي … بِــــيَـــدَيْ مُــشــتــريـهِ والأعــــــوانِ
يــتــغــنَّـى ولـــلــصَّــدى حـــســـراتٌ … مـــن شــقـاءٍ ومـــن لـحـونِ امـتـهانِ
هـكـذا قـبـلُ كُـنَّ وارتـجفَ الـسِّمسارُ … لــــمَّــــا وافــــــــاهُ صـــــــوتُ الأذانِ
وتـــحــامــى بـــرهــطِــه يــتــفــادى … مـــالـــهــذا الأذانِ مـــــــن تـــبــيــانِ
وتــنـاسـى أو لــــم يُــعِــرْهُ اهـتـمـامًا … مــشــمــخـرًّا بــــالإثـــمِ والــشَّــنــآنِ
لــــم يــصــدِّقْ أنَّ الـحـقـيقةَ تـمـحـو … بــيــديــهــا مــــزاعــــمَ الـــبـــطــلانِ
إنَّــــه الــنُّــورُ أيُّــهـا الــواهـمُ الــيـومَ … اســتــنـارتْ بــــه فــجــاجُ الــزَّمــانِ
وأتــــى الــفـتـحُ مــــن إلــــهٍ قــديــرٍ … جــــلَّ مـــن راحـــمٍ ومـــن رحــمـانِ
بِــنَــبِــيٍّ والَّـــلـــهِ يُـــفــدَى بـــــروحٍ … وبــــأهــــلٍ والَّــــلــــهِ والــعــقــيــانِ
مَـــــــنْ يُـــكــذِّبْــهُ إنَّــــــه لــجــديــرٌ … بـــجـــنــونٍ وخــــسَّـــةٍ و هـــــــوانِ
جــــاءَ لـلـخـلقِ رحــمـةً فـاسـتـظلَّتْ … أُمـــــمُ الأرضِ بـــوركــتْ بـالـمـثـاني
وبــخَــيْـرَيْ دنــيــا وأخــــرى وعــــزٍّ … لايُــــدانَـــى ونـــعــمــةِ اطــمــئــنـانِ
وخــلـودٍ فـــي جـنَّـةِ الـخُـلدِ يُـنـسِي … مــايـلاقـي الــفـتـى مـــن الـحـدثـانِ
ســيِّــدي ســيّـدي وأنـــت الـمـرجَّـى … يــومَ وضــعِ الأعـمـالِ فــي الـمـيزانِ
قـــد حـثـثْتُ الـخـطى إلـيـكَ وإنِّــي … يـاحـبـيبَ الـرحـمـنِ فـــي أشـجـاني
فـي الـدروبِ الـعجافِ أمـشي غـريبًا … مــثــقـلاً بـــيــنَ وطـــــأةِ الأحــــزانِ
لاأُداري الأيـــــــامَ تـــبَّـــتْ يـــداهـــا … خـــوفَ مـافـي الأيــامِ مــن طـغـيانِ
أو أُحــابـي أهـــلَ الـمـنـاصبِ مـهـمـا … زأرَ الــضِّــيــقُ بـــالأســى الــعــريـانِ
أو أُمــنِّــي نــفـسـي الــتـي مـالـوتْـها … عــاصــفـاتُ الأرزاءِ فـــــي مـــيــدانِ
بــســرورٍ يــأتـي بـــه الــحـظُّ يــومًـا … أو مـــــــراحٍ مـــجــنَّــحٍ بــالأمــانــي
مُـــــذْ أطــــلَّ الــصـبـاحُ ذاتَ ربــيــعٍ … فـــي دويـــراتِ نـشـأتـي وافـتـتـاني
كـــانَ حـــبُّ الـنَّـبـيِّ زادي وفــخـري … واعـــتـــزازي لــقــلـبـيَ الــمـتـفـانـي
ورشـــــادي إذا الــــدروبُ ادلــهـمَّـتْ … بــــعُـــواءِ الأشـــــــرارِ والــــذُّؤبـــانِ
لــــم أُفــــرِّطْ ولــــن أُفــــرِّطَ يــومًـا … بـيـقـيـني الــــذي يــصــونُ كــيـانـي
أو بـــهــذا الـــهــوى لأجــــلِ حــيــاةٍ … لاتــــســـاوي حـــثــالــةَ الــفــنــجـان
إنَّ مَــــنْ يــعــرف الـحـقـيقةَ أولـــى … أن يــــــــردَّ الــتــفــاتـةَ الــــخـــذلانِ
لــلــدنــايـا ولــلــسـفـاسـفِ تُـــغـــري … مَـــنْ تـوانـى عــن مــدرجِ الإحـسـانِ
حــيـثُ وافـــى مــع الأمـانـي شـبـابًا … ضــاعَ فــي حـمـأةِ الـهـوى الـنـشوانِ
ربِّ رحـــمـــاكَ لاتُــضــيِّــعْ عـــهــودًا … مـــلأتْـــهـــا حــــــــلاوةُ الإيــــمــــانِ
وتـــرفَّــقْ يـــــاربِّ إنِّـــــي مــشــوقٌ … لـــرضـــاكَ الــمــأمــولِ والــشُّــكـرانِ
مــاتــراءيْــتُ ربِّ فــــــوقَ ســبــيـلٍ … لــيـس يُـكـسَى مــن مـحـكمِ الـقـرآنِ
أو تـــلــوَّيْــتُ فـــــــي مـــفـــازةِ زورٍ … ويــحَ نـفـسي أو غـيـهبٍ مـن دخـانِ
مـــا أرانـــي الإيــمـانُ غــيـرَ انـعـتاقٍ … يـــتــوخَّــى طــــهـــارةَ الـــوجـــدانِ
راقَ لــــي نــفـحُـه الأثــيــرُ وأوفـــى … مــــا أتــانــي مـــن فــائـح الـبـسـتانِ
فـــرأيــتُ الــحـيـاةَ مــجـلـى فــــرارٍ … مــــن وبــــاءِ اعـتـدادِنـا الـشـيـطاني
لـــقـــرارِاهـــتــدائِــنــا بِـــــنَـــــبِـــــيٍّ … هــــلَّ نـــورًا أضـــاءَ فـــي الأجــفـانِ
فــالــلـيـالـي بـــوجــهِــه مــقــمــراتٌ … والـنـجـومُ الـحِـسـانُ فـــي الأكــوانِ
وحُــــداءُ الــرُّكـبـانِ أبــدلـه الــهـادي … بــتــكــبـيـرِ جــــنــــدِه الـــفـــرســانِ
لــصــداهُ الـطَّـاغـوتُ أذعـــنَ خــوفًـا … وتــخـلَّـى هــــذا الــجـبـانُ الأنــانــي
واســتــدارَ الــزمــانُ إذْ عــــزَّ قــــومٌ … بــتــعــالـيـمِ سُــــنَّــــةِ الــعــدنــانــي
مــالــهــذا الــربــيــعِ عـــنَّــا تـــنــاءى … فــالــتـجـأنـا لــوهــنِـنـا والـــهـــوانِ !
وعــثـرْنـا ولــــم نــجـدْ مَـــنْ يُــعـزِّي … مـبـتـلانا مـــن الـقـلـوبِ الـحـوانـي !
وانـهـزمـنـا فـكـيـف نُـنـصـرُ والــعـزمُ … أســــيـــرُ الــفــتــورِ لا الــعــنـفـوانِ !
وصــحـونـا ودارُنــــا فــــي حــصــارٍ … مــــن ثــقـيـلِ الــفــولاذِ والــصَّـوانِ !
آهِ مـــا أوثــقَ الـقـيودَ عـلـى الـنـاسِ … اســتـعـادوا الإبــــاءَ بــعـدَ الـتَّـوانـي
وأجــــلَّ الــخـطـوبَ أعــمـى أذاهـــا … مــــن قــلــوبٍ ومــــن عــيـونٍ روانِ
آهِ مــــا أصــــدقَ الــكــذوبَ إذا مـــا … ســــوَّقَ الــوهــمَ بـالـقـنـا والــسِّـنـانِ
أسـمـعـيـني يــانـفـسُ مــمَّــا حــبـانـا … ربُّ هـــــذا الــوجــودِ مــــن إيــقــانِ
واقـرئي بـعضَ مـاحفظتِ من المجدِ … فــــإنِّـــي فـــــــي حـــبِّـــه مــتــفــانِ
ردِّدي ســـــــورةَ الــــبـــراءةِ مــــمَّـــا … نــحــنُ فــيــهِ مــــن غـفـلـةٍ وتـــوانِ
وأعــيـدي الأنــفـالَ يُــزجـي شـذاهـا … ضـبـحَ خـيـلِ يــومَ الـتـقى الـجمعانِ
أيــــنَ مَـــنْ بـايـعـوا الإلـــهَ فــفـازوا … شــهــداءً فــــي وقــعــةِ الــفـرقـانِ !
الــربــيــعُ الـــفـــوَّاحُ غـــيــرُ بــعــيـدٍ … عــــن مــغـانـي الــفــداءِ والـفـرسـانِ
هــو فــي أوجُـهِ الـهُداةِ وفـي أحـناءِ … جـــنــدِ الإســــلامِ حــيــن الــطِّـعـانِ
وتــعــودُ الآيــــاتُ تُــتـلَـى فـطـوبـى … لأولــــي الــذِّكــرِ أُولِــعُـوا بـالـمـعاني
إنَّــنــي قــــد أقــسـمـتُ باللهِ يــومًـا … قــسـمًـا لــيــس فــيـه مـــن نــكـرانِ
أنَّ نـــصــرًا لأمَّــتــي لــــم يــكــنْ إلاَّ … بـــيـــســرى شـــريــعــةِ الـــرحــمــنِ
فــي الـزمـانِ الـقـديمِ أو فــي زمــانٍ … يــتــبـاهـى بـالـتَّـقـنـياتِ الــحِــسـانِ
فــلــكـلِّ الـــرَّايــاتِ يــــومُ ســقــوطٍ … فــــي الــمـدى غــيـرَ رايـــةِ الــقـرآنِ
مـابـلـغْـنـا الــعـلـى ونــلـنـا الـمـعـالـي … ذاتَ يـــــــومٍ بـــالـــذُّلِّ والإذعــــــانِ
قـــد تـحـاشى لـقـاءَنا مـلـكُ الـصِّـينِ … زمــــــــانَ اعـــتــزازِنــا بــالــمـثـانـي
يـومَ داسَ الـمجاهدون عـلى الـزَّيفِ … وعــــافــــوا بــــهــــارجَ الـــعـــبــدانِ
واستظلُّوا بالسَّيفِ حينَ مقيلِ الجندِ … تـــــاقــــتْ نــفــوسُــهــم لــــــــلأوانِ
ربِّ عــــادَ الـربـيـعُ فـاجـعـلْهُ فـتـحًـا … بـــاســـمَ الــفــجــرِ عـــاطــرَ الأردانِ
وأعــــــدْ فـــيــه وعــيَــنـا وهُـــدانــا … وانـتـشِـلـنا مــــن فــتـنـةٍ وافــتـتـانِ
وأجــرْنــا مــــن شــــرِّ طـــاغٍ وغـــازٍ … وزنـــــيــــمٍ مـــعـــربـــدٍ وجــــبــــانِ
ومــن الـوهنِ شِـدقُه يـأكلُ الـصَّحوةَ … فــــــي مــلــهـى خِـــسَّــةٍ وأغـــانــي
ربِّ عـــادَ الـربـيـعُ فـاجـمـعْ سـرايـاهُ … عـــلــى الـــبِــرِّ والإخــــا الإنــسـانـي
وارحـــم الـخـلـقَ إنَّــهـم بـيـنَ فـكَّـيْ … مَــــنْ تــمــادوا بــالإثــمِ والــعــدوانِ
لــــم يــــزلْ لـلـنَّـجـاةِ سِــفـرَ حــبـورٍ … حــيـثُ يُــزجـي لـلـعـالمين الـتَّـهاني