رحيق الأزهار حول قصة (أغصان جافة) للأديب محمد الشرقاوي
بقلم الدكتور إبراهيم أحمد أبو هاشم

رحيق من أزهار الأستاذ الدكتور عاطف عبداللطيف
حول قصة أغصان جافة للأديب محمد الشرقاوي
قرأت تعليقاً للدكتور عاطف عن قصة “أغصان جافة” للأديب محمد الشرقاوي.. وقد انجذبت منذ الوهلة الأولى إلى هذا العنوان العجيب الغريب الذي ينتابه شيء من الغموض والإبهام فالعنوان كما نعرف يُعد عتبة نصية فاعلة تدفع المتلقي إلى البحث عن سر اختياره، فما إن قرأت تعليق الدكتور عاطف حتى تلاشى هذا الغموض شيئاً فشيئاً حتى أصبح الأمر جلياً واضحاً.. فالقصة تحاكي واقعاً مريراً نمُرُّ به هذه الأيام وهي الألعاب النارية والمفرقعات التي تمثل العامل الأول والرئيس للضجيج وترويع الآمنين والتي أصبحت وللأسف مرتبطة بشهر السكينة والطمأنينة، فهذا التناقض الغريب هو ما دفع الكاتب إلى كتابة قصته التي أراد من خلالها أن يُنفِّث عن آلامه المبرحة للواقع المرير الذي نعيشه.
والحق إن المقال ممتاز جداً استفدت منه كثيراً وبخاصة مفهوم الشخصية المرفوضة والتحليل الوافي الشافي للشخصية المقبولة أيضاً، وعندما قرأت عبارة مقابلة الإساءة بالإساءة خطر في ذهني قصيدة الصفح حيث يقابل القروي الإساءة بالإحسان والعفو والصفح والغفران.
ويمكن أن أضيف إلى التحليل أن الكاتب أيضاً برع في العنوان عندما قال: (أغصان جافة) ولم يقل: (أشجار جافة) وهذا يشير إلى أن الشخصيات المرفوضة كانت من الشباب الصغار في مقتبل العمر وليس من الرجال البالغين الراشدين، وكأنهم ما زالوا صغارا في مرحلة الطيش والسفه، وكذلك التعبير بكلمة (جافة) يدل على أن الرحمة والطمأنينة انتزعت من قلوبهم نزعاً وكأنهم أموات لا روح في قلوبهم ولا حياة، وكذلك أبدع الكاتب عندما قال: (أغصان جافة) ولم يقل: (أغصان ذابلة) لأن الجفاف صفة تدل على الانتهاء وذهاب اللون الأخضر وتحول لون الأغصان وصيرورتها إلى الاصفرار على عكس كلمة ذابلة التي تدل على عدم الانتهاء فقد يكون هناك عود على بدء فما زالت خضراء.. وهناك أيضاً جانب إيجابي أراد الكاتب أن يظهره حيث بين أن الشخصيات المرفوضة لا توجد داخل المسجد فأغلبها في الخارج وإلى غير ذلك من المعالم الفنية التي أراد الكاتب أن يوصل من خلالها رسالة للجميع بأن الخير والشر بينهما صراع أبدي دائم على مر الأزمان والعصور وهذه سنة الحياة، والخير دائماً هو المنتصر الوحيد في هذه المعركة.
————
د. إبراهيم أحمد أبو هاشم
(مدرس الأدب والنقد بكلية اللغة العربية بالزقازيق)