رواية “جزيرة اليوم السابق” لـ أمبرتو إيكو 1994.
“جزيرة اليوم السابق” هي رواية فلسفية تاريخية صدرت عام 1994 للكاتب الإيطالي أمبرتو إيكو،،، الذي اشتهر بأسلوبه العميق ودمجه بين الأدب والتاريخ والفلسفة والعلوم.
تدور أحداث الرواية في القرن السابع عشر، حيث يجد البطل، (روبرتو ديلا غريفا) نفسه عالقًا على سفينة مهجورة بالقرب من جزيرة تقع على الخط الفاصل بين يومين متتاليين ما يخلق مفارقة زمنية تتجاوز كونها مجرد مفهوم جغرافي لتصبح فكرة فلسفية عن الزمن والواقع والمعرفة.
الحبكة والأحداث الرئيسية
تبدأ القصة عندما ينجو روبرتو من غرق سفينته خلال إحدى البعثات البحرية ليجد نفسه وحيدًا على متن سفينة مهجورة قرب جزيرة في المحيط الهادئ.
تكمن المفارقة الكبرى في أن الجزيرة تقع على الجهة الأخرى من خط الطول الدولي،، مما يعني أنها في “اليوم التالي” مقارنة بمكان السفينة. لكنه لا يستطيع السباحة، وبالتالي لا يستطيع الوصول إلى “اليوم السابق” فعليًا.
خلال الرواية يتأمل البطل في حياته، مستعيدًا ذكرياته عن الحب، الحرب، والمؤامرات السياسية في أوروبا.
كما يدخل في جدالات فلسفية حول مفهوم الزمن، والمعرفة، والوجود، متأثرًا بالعلوم الحديثة آنذاك، مثل نظريات كبلر وغاليليو.
التحليل الرمزي والفلسفي
- الزمن كمفهوم فلسفي
الفكرة المركزية في الرواية هي التلاعب بمفهوم الزمن.
تمثل الجزيرة “المستقبل”، بينما السفينة تمثل “الماضي”، والبطل عالق بينهما غير قادر على العبور.
هذا يعكس معضلة الإنسان مع الزمن، حيث نعيش دائمًا في الحاضر، نراقب المستقبل لكنه يظل بعيدًا عن متناولنا.
- البحث عن الحقيقة والمعرفة
تحمل الرواية الكثير من الإشارات إلى عصر التنوير حيث كان العلماء والفلاسفة يسعون لفهم الكون بطريقة علمية.
روبرتو يمثل الإنسان الذي يحاول فهم الحقيقة لكنه يظل محاصرًا بأوهامه ومحدودية معرفته.
- العزلة والانقسام الداخلي
يعيش روبرتو حالة عزلة نفسية وجسدية، فهو الوحيد على السفينة، كما أنه يعاني من صراع داخلي بين “العقلانية” التي تعلمها في أوروبا، و”الخيال” الذي يفرضه عليه وضعه الغريب.
هذا يعكس الانقسام في الفكر الإنساني بين المنطق والإيمان، وبين العلم والأسطورة.
الأسلوب والسرد
ليست الرواية خطية، بل يستخدم إيكو أسلوب السرد المتداخل، حيث ينتقل بين الحاضر والماضي، وبين الأحداث الواقعية وتأملات البطل الفلسفية. كما يمزج بين التاريخ، والخيال العلمي، والفلسفة، والسخرية، مما يجعل الرواية معقدة لكنها مليئة بالأفكار المثيرة.
إيجابيات الرواية
مليئة بالعمق الفلسفي والعلمي، مما يجعلها مثيرة للتفكير.
أسلوب السرد ذكي ومبتكر حيث يدمج بين الخيال والتاريخ بشكل رائع.
تطرح أسئلة وجودية مهمة حول الزمن والمعرفة والقدر.
السلبيات
معقدة وصعبة الفهم بسبب لغتها الفلسفية وكثرة الإحالات التاريخية.
الإيقاع بطيء أحيانًا حيث يركز الكاتب على الأفكار أكثر من الأحداث.
مناسبة لمن يحب الروايات الفلسفية والتاريخية فقط
لا تناسب من يفضل الروايات السريعة والحبكات المباشرة.
“جزيرة اليوم السابق” هي تأمل عميق في مفهوم الزمن والبحث عن المعرفة وعلاقة الإنسان بالمستقبل والماضي.
إنها رواية معقدة لكنها مكافِئة لمن يحب التفكير الفلسفي والعلمي.
المؤلف:
أمبرتو إيكو (Umberto Eco)
الميلاد والوفاة:
وُلد في 5 يناير 1932 في أليساندريا، إيطاليا.
تُوفي في 19 فبراير 2016 عن عمر يناهز 84 عامًا.
روائي فيلسوف، أكاديمي، وناقد أدبي.
أستاذ في علم السيميائيات (علم العلامات والإشارات) وأحد أبرز المفكرين الأوروبيين في القرن العشرين.
أشهر أعماله:
“اسم الوردة” (1980)
“بندول فوكو” (1988)
أسلوبه واهتماماته:
مكانته وتأثيره:
كان من أبرز المفكرين الإيطاليين في العصر الحديث إذ قدم تحليلات عميقة حول اللغة السرد، والمعرفة.
حظيت رواياته بترجمات عالمية وأصبحت من كلاسيكيات الأدب الحديث.
