الأمة الثقافية

رواية في كُبّاية: (حفلة التيس) للكاتب البيروفي “ماريو بارغاس يوسا”

بالذكاء الاصطناعي

الرواية البيروفية (حفلة التيس) (La Fiesta del Chivo) للكاتب البيروفي ماريو بارغاس يوسا، وهي واحدة من أبرز رواياته وأكثرها تأثيرًا.

حفلة التيس (La Fiesta del Chivo)

المؤلف: ماريو بارغاس يوسا (28 مارس 1936 – 13 أبريل 2025)

يشتهر المؤلف باسم ماريو بارغاس يوسا، وهو كاتب وسياسي وصحفي وبروفيسور جامعي بيروفي. يُعد بارغاس يوسا واحدًا من أهم روائيي أمريكا اللاتينية وصحفييها، وأحد رواد كتّاب جيله.

تاريخ النشر: 2000م

النوع: رواية تاريخية سياسية

المكان: الدومينيكان

الحدث المحوري: اغتيال الديكتاتور رافاييل تروخيو عام 1961

دلالة العنوان

لم يكن العنوان “حفلة التيس” (La Fiesta del Chivo) اعتباطيًا، بل محمّل بالرمزية السياسية والنفسية.

  1. “التيس” = رمز للديكتاتور:

كلمة “Chivo” بالإسبانية تعني “التيس” (ذكر الماعز)، وقد كانت لقبًا شائعًا وساخرًا للدكتاتور رافاييل تروخيو بين الناس، خاصة خصومه في الداخل والخارج.

لماذا التيس؟

لأن التيس يُربط بالفحولة والسيطرة، وكان تروخيو يتفاخر برجولته و”فتوحاته” الجنسية، ويعامل النساء كغنائم.

كما أن التيس حيوان عنيد، يرمز للعدوانية والعبث

 التيس = الطاغية.

    اما الحفلة فانها = الجريمة الكبرى ضد الوطن والإنسان.

  يضع العنوان القارئ منذ البداية أمام تجربة محمّلة بالسخرية، والرعب، والانحراف

نرى كيف أن تروخيو حوّل البلاد إلى حظيرة له، وجعل من كل شيء مسخرة لغروره.

حتى البشر أصبحوا أدوات في حفلة يهيمن عليها غروره وجنونه.

اسم الرواية يدعونا إلى رؤية الديكتاتور ككائن بدائي، متوحش، غير إنساني، يتلذذ بإذلال الآخرين كما يتلذذ التيس بالسيطرة على القطيع

خلفية الرواية

تسلط الرواية الضوء على آخر أيام حكم الدكتاتور رافاييل تروخيو في جمهورية الدومينيكان، وتستعرض نظامه القمعي، وتفاصيل اغتياله على يد مجموعة من رجاله السابقين الذين انقلبوا عليه بعد أن بلغ بطشه حدًا لا يُطاق.

التحليل البنيوي للرواية

  1. تعدد الأصوات والسرد المتداخل:

تتألف الرواية من ثلاثة خطوط سردية تتناوب باستمرار:

  1. أورانيا كابرال: امرأة عادت إلى بلدها بعد عقود من الغياب، لتزور والدها العاجز، أحد رجال النظام السابقين.

يمثل خطها السردي صراع الفرد مع الماضي والذاكرة والخيانة.

  1. رافاييل تروخيو: ديكتاتور عجوز يوشك على السقوط، تُعرض أفكاره وهواجسه الداخلية في آخر أيامه.
  2. المجموعة التي اغتالته: تُسرد تحضيراتهم للجريمة وتنفيذها ونتائجها المأساوية.

هذه التقنية السردية المعقدة تمنح الرواية عمقًا نفسيًا وسياسيًا وإنسانيًا.

  1. الشخصيات الاساسية:

رافاييل تروخيو:

يظهر كطاغية نموذجي، يسيطر على تفاصيل الحياة الصغيرة في البلاد، ويتلذذ بإذلال الناس.

أورانيا كابرال:

تمثل الضحية الأنثوية للنظام، حيث تتكشف مأساتها الشخصية تدريجيًا، وترمز إلى وطن تعرض للاغتصاب المادي والمعنوي.

أوغسطين كابرال:

والد أورانيا، رجل فقد احترامه لذاته في خدمة الطاغية، ويمثل نموذج الانتهازي الذي باع نفسه للنظام.

المنفذون للاغتيال:

كل منهم يعاني من عقدة الذنب، والخوف، والصراع بين التوبة والندم.

الأسلوب الأدبي

 يستخدم يوسا أسلوبًا سينمائيًا مشوقًا، ينتقل فيه بين المشاهد والحوارات الداخلية والانفعالات النفسية.

اللغة مشحونة بالعاطفة، لكنها في نفس الوقت دقيقة، لتوصيل بشاعة الواقع بواقعية قاسية.

يوظف الفلاش باك والتنقل الزمني لربط الماضي بالحاضر وتعرية آثاره.

رسالة الرواية:

(حفلة التيس) هي تحذير دائم من عودة الطغيان تحت أقنعة مختلفة، ومن خضوع المجتمعات لرغبات زعيم فرد. كما أنها تسلط الضوء على العلاقة المؤلمة بين الضحية والجلاد، وكيف يظل الاستبداد حيًا في النفوس حتى بعد سقوط الحاكم.

ختام تحليلي

رواية “حفلة التيس” هي عمل فني عظيم يعري وحشية الأنظمة الدكتاتورية ويُظهر تأثيرها طويل المدى على الأفراد والمجتمعات.

هي رواية عن السلطة، والخوف، والعار، والفداء، كتبها يوسا ببراعة أسلوبية وعمق فكري يجعلها من أهم الأعمال الروائية في أدب أمريكا اللاتينية المعاصر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى