شهدت روسيا خلال عامي 2024 و2025 تصعيدًا غير مسبوق في حملة الرقابة على الإنترنت، إذ حُجب أكثر من 417 ألف موقع إلكتروني بشكل دائم، من أصل نحو 523 ألف موقع تم تقييد الوصول إليها خلال عام واحد. وتشير التقارير إلى أن هذه الإجراءات نُفذت دون أوامر قضائية في أكثر من 85% من الحالات،
واعتمدت على قرارات صادرة عن جهات إدارية أبرزها مصلحة الضرائب الفيدرالية وهيئة “روسكومنادزور” المعنية بالرقابة الإعلامية.
في الوقت ذاته، لجأت السلطات إلى أساليب تقنية متطورة مثل الحد من سرعة تحميل البيانات إلى 16 كيلوبايت فقط، ما يجعل الوصول إلى المواقع الحديثة شبه مستحيل، في حين تبقى المواقع البسيطة قيد التشغيل الظاهري فقط.
وتستهدف هذه الإجراءات منصات VPN ومواقع المحتوى الإخباري المستقل، إلى جانب خدمات التخزين والبث مثل YouTube وCloudflare، حيث انخفض استخدام يوتيوب في روسيا من 43% إلى أقل من 12% من حركة الإنترنت المحلية.
وبالإضافة إلى الحجب، شهدت عدة مناطق روسية انقطاعات متكررة في الإنترنت، خاصة الإنترنت المحمول، مع تسجيل تراجع حاد في خدمات البث والفيديو والألعاب الإلكترونية.
كما سُجل حظر واسع النطاق للنطاقات السحابية المرتبطة بالبنية التحتية الرقمية الغربية مثل أمازون وDigitalOcean، وهو ما أدى إلى توقف جزئي في عمل العديد من المواقع التجارية والخدمية.
وتأتي هذه السياسات في إطار خطة حكومية بعيدة المدى لتوسيع منظومة الرقابة الرقمية المعروفة باسم “الإنترنت السيادي”، والتي تستهدف خلق بيئة رقمية محلية تخضع بالكامل لرقابة الدولة.
وفي هذا السياق، خصصت الحكومة الروسية ميزانية تقارب 60 مليار روبل، أي نحو 660 مليون دولار، لتحديث أنظمة الحجب وتوسيع قدراتها الفنية حتى عام 2030.
وفي حين تبرر موسكو هذه السياسات بأنها تهدف لحماية الأمن المعلوماتي، تعتبرها منظمات حقوقية دولية بمثابة حملة قمع ممنهجة ضد حرية التعبير والوصول للمعلومة، خاصة بعد أن أصبحت الرقابة لا تقتصر على الحظر المباشر بل تشمل كذلك تباطؤ الخدمة وتشويش المحتوى وخفض جودة الوصول في منصات التواصل والإعلام.