واشنطن – في حوار خاص مع صحيفة «The Epoch Times»، أماطت روشن عباس، مؤسِّسة «حركة الأويغور» ومديرتها التنفيذية، اللثام عن الفظائع التي يرتكبها الحزب الشيوعي الصيني بحق مسلمي الأويغور في تركستان الشرقية، واصفةً الوضع الراهن بأنه «إبادة جماعية علنية وممنهجة».
وقدّمت الناشطة الحقوقية ورئيسة اللجنة التنفيذية لمؤتمر الأويغور العالمي، شرحًا مفصلًا للانتهاكات المروّعة، من اعتقالات جماعية وعمل قسري وتعقيم إجباري وسرقة للأعضاء، مؤكدةً أنها تجري في ظل «لا مبالاة شبه تامة من المجتمع الدولي».
القمع العابر للحدود
وذكرت عباس أن نشاطها الحقوقي كلّفها ثمنًا شخصيًا باهظًا. ففي عام 2018، وعقب كلمة ألقتها في «معهد هدسون» حول الاعتقالات الجماعية في تركستان الشرقية، سارعت السلطات الصينية إلى اعتقال شقيقتها. وتعتبر عباس هذا الإجراء عملًا انتقاميًا مباشرًا، قائلةً: «أنا مواطنة أمريكية منذ عام 1995، وأقيم في الولايات المتحدة منذ 1989. لكن ذلك لم يغيّر شيئًا، فقد أخذوا شقيقتي رهينةً للانتقام مني».
وأوضحت أن هذا الفعل يندرج ضمن استراتيجية «القمع العابر للحدود» التي تنتهجها بكين، والتي تستهدف النشطاء في الخارج عبر تهديد أقاربهم في الداخل أو معاقبتهم. وأشارت إلى وجود ما يزيد عن مئة مركز شرطة صيني سري حول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، مهمتها مراقبة وتخويف جاليات الشتات، كالأويغور والتبتيين ومواطني هونغ كونغ وأتباع الفالون غونغ.
وفي معرض حديثها عن الوضع الراهن للأويغور، أكدت عباس أن كل ما يمت للهوية الأويغورية بصلة، من لغة ودين وتراث، أصبح «جريمة» في نظر السلطات. وأضافت أن الحكومة الصينية ترى أن الأويغور بحاجة إلى «إعادة تأهيل» لدمجهم قسرًا في عرقية الهان. واستشهدت بحالات التعقيم القسري للنساء، وفصل الأطفال عن عائلاتهم، وتدمير مصادر رزقهم، قائلةً: «في نظر هذا النظام الوحشي، نحن لا نُعدُّ بشرًا».
وبيّنت أن هناك حملة ممنهجة لمحو الهوية الأويغورية، يترافق معها استغلال اقتصادي بشع. ففي العام الماضي وحده، أُجبر ما يزيد عن ثلاثة ملايين أويغوري على العمل القسري. ونبهت إلى أن معظم صادرات القطن الصيني «ملطخة بعرق ودماء ودموع العبيد الأويغور».
كما كشفت عن بناء محارق للجثث بمحاذاة معسكرات الاعتقال، وعن تخصيص «ممرات سريعة» في مطارات مدن أويغورية كبرى مثل كاشغر، لنقل الأعضاء البشرية. وربطت هذه الممارسات بحملات جمع الحمض النووي (DNA) والفحوصات الطبية الإجبارية التي ترعاها الدولة.
واستشهدت بتقارير تفيد بوصول شحنة تزن 13 طنًا من شعر السجناء الأويغور إلى الولايات المتحدة، قائلةً: «لقد حوّلت الحكومة الصينية الإبادة الجماعية إلى صناعة مدرّة للربح».
مسرحيات هزلية
وانتقدت عباس بشدة بعض المؤثرين الغربيين على وسائل التواصل الاجتماعي الذين يشاركون في جولات دعائية تنظمها بكين، وينخدعون بـ «المسرحيات الهزلية» التي تُنظم لإخفاء حقيقة الإبادة. وأوضحت: «يُقدَّم لهم عرضٌ زائف لحياة أويغورية سعيدة، يشارك فيه ممثلون محليون تم تدريبهم مسبقًا. أما في الحقيقة، فإن أي شخص يجرؤ على قول الحقيقة يختفي فورًا».
وعبّرت عن خيبة أملها العميقة من صمت العالم، قائلةً: «إن الظلم يستمد وجوده من الصمت، فالصمت هو وقوده». ودعت المجتمع الدولي، ولا سيما الديمقراطيات الغربية، إلى محاسبة الصين والكف عن تطبيع العلاقات معها على حساب المبادئ الإنسانية.
ومع طرح مشاريع قوانين هامة في الكونغرس الأمريكي، مثل «قانون وقف حصاد الأعضاء القسري»، حثت عباس المشرعين على التحرك العاجل، محذرةً: «إن لم نوقف الحزب الشيوعي الصيني اليوم، فإن الأجيال القادمة ستدفع ثمنًا باهظًا في عالمٍ خالٍ من الحرية والكرامة».
واختتمت حديثها برسالة وحدة وصمود إلى الشتات الأويغوري: «قد لا يتبقى لنا سوى الأمل، ولكننا حين نتحد، نصبح قوة لا تُقهر».