“رَمَضَانُ يمضي”.. شعر: د. سلطان إبراهيم المهدي

رَمَضَانُ يَمْضِي رَائِعَ الْإِشْرَاقِ
يَحْدُو مَسِيرَ الرُّوحِ للخلّاقِ
يحْذِي النُّفُوسَ أَرِيجَ أزْهَارِ التُّقَى
ويقِيلُها مِنْ عَثْرَةِ الإخْفَاقِ
جَنَّاتُ رَبِّي فُتِّحَتْ مُزْدَانَةً
وَالْحُورُ نَادَتْ: حيعلا لِتَلاقِ
وَسَعَى الْفُؤَادُ إلَى رِيَاضِ مَحَبَّةٍ
وغَدا يَبُثُّ لَوَاعِجَ الأشواقِ
وَدَنَا قِطَافُ الأمنياتِ لراغبٍ
والدوحُ جَادَ بِأَطْيَبِ الْأَخْلَاقِ
وَالنَّارُ مُوصَدَةٌ فبشرى تائبٍ
سَالَتْ مَدامِعُهُ مِنْ الْإِشْفَاق
مَنْ جَاءَ يَطْرُقُ لِلْهِدَايَةِ بَابَهَا
ومُوَدِّعًا عَيْشًا بدربِ شِقَاقِ
طُوبَى لَهُ بِالْوَصْلِ كُوفِئ سَعْيُهُ
وَأَتَاهُ شَهْرُ الصَّوْمِ بِالْإِعْتَاقِ
مَا ثَمَّ شَيْطَانٌ يَعُوقُ مَسِيرَه
إنَّ الرَّجِيمَ يُشَدُّ بالأوثَاقِ
يَا بَاغِيَ الْخَيْرَاتِ هَذَا وَقْتُهَا
تَدْعُوكَ سِرْ بِعَزِيمَةِ السَّبَّاقِ
فَالصَّوْمُ مَدْرَسَةٌ تزكِّي أنفسًا
ويُزِينُ ظَاهِرُهَا مَع الأعْمَاقِ
تَتَنَزَّلُ الرَّحَمَاتُ تَهْدِي حيْرَةً
وَإِذَا السَّكِينَةُ فِي مَدَى الْآفَاقِ
تَتَضَاعَفُ الْحَسَنَاتُ يَعْبَقُ عِطْرُهَا
يَزْدَادُ أَجْرُ الْبِرِّ وَالْإِنْفَاقِ
وَتَطِيبُ بِالْقُرْآن رِحْلَةُ قَارِئٍ
وَفَى بِعَهْدِ اللَّهِ والميثاقِ
يَحْيَا مَع الْآيَاتِ فِي خَلَوَاتِهِ
ويُبَلْسِمُ الْوِجْدَانَ بالترياقِ
وَيَطُوفَ خَاطِرُهُ بِأَمْسٍ زَاهِرٍ
يَسْتَرْجِعُ الْفُرْقَانَ بالخفَّاقِ
يَا يَوْمَ بَدْرٍ وَالزَّمَانُ مُتَيَّمٌ
لِشَذَاكَ تُجْذَبُ مهجةٌ وَمَآقِ
النَّصْرُ لِلْإِيمَانِ أَسْعَدَ أَهْلَهُ
والشِّركُ سِيق هُنَاك شَرّ مَسَاقِ
كَم جَاءَ شَهْرُ الصَّوْمِ يَرْوِي أُمَّتِي
بملاحمٍ كالسلسلِ الدَّفَّاقِ
الْفَتْحُ لِلْبَلَدِ الْأَمِينِ أَتَى بِهِ
فَتْحُ الْقُلُوبِ بِلَا دَمٍ مِهْرَاقِ
حطينُ تُنْبِئُ عَنْ فَوَارِسِ أُمَّتِى
وَالنَّصْرُ يَصْحَبَهُم بدربِ وِفَاقِ
وَبِعَيْن جَالُوتَ الَّتِي سُدْنَا بِهَا
ذَاقَ المَغُولُ الْخِزْي مُرَّ مَذَاقِ
اللَّهُ أَكْبَرُ كَم دَكَكْنَا مَعْقلا
لِبَنِي الْيَهُودِ وَزَالَ زَيْفُ نِفَاقِ
اللَّهُ أَكْبَرُ قَد هَدَانَا شَرَعَةً
جلَّ الْإلَهُ مُقَسِّمُ الْأَرْزَاقِ
شَرَعَ الصِّيَامَ لَنَا لنرقى لِلْعُلَا
وهَدَى النُّفُوسَ إِلَى النَّعِيمِ الْبَاقِي