“زمنُ الجراد”.. شعر: حليم الجندي

مرَّت على ظهري السنونُ، وهَمُّ نفْسي في ازْدِيــادْ

صاح المُنادي: هل جنيتَ سوى الهشيمِ مع الحصادْ

سَبعون  مرَّت  واثْنَتان، وإن  بَدا  أمـــلٌ  يُبـــــــــادْ

والحُلْــم وَلّى في الدُّروبِ، ودونَـــه خَــرْطُ القَتـــادْ

واحفَظْ دموعَك في المَحـــاجرِ، لن تُفيدَ ولن تُفـــــادْ

فارتَعْتُ ممّــــا حاطني، وأجابــــهم عني الفــــؤادْ :

شوقــي يُحلّقُ في عَلٍ، أملـــي يقاتِـــلُ في عِنـــــادْ

والريــــحُ تَعصِـف بالجَنــــاحِ فـــلا يَلينُ بالانْقيـــادْ

إنْ جئـتُ في زمنِ الجَـرادِ فمِتْعتي قَنْــصُ الجــرادْ

أو حاصــــرتنـــي أذؤبُ السُّفـــهاء تَطـوِي كلَّ وادْ

مِن أســــهُم الأفــكار أصرعــــها إذا عَطِبَ الزِّنـادْ

كالسُّـــم فى أوْصـــالـها يَسري بِقاتِـلِــــه المِـــــدادْ

لا تيـــأسَنَّ لتستريــــحَ، فمـا استراح ولــوْ جَمــادْ

تَسْتَعجِلَنَّ شفـاءَهــمْ، والقـــــــومُ في مرضٍ عِدَادْ!

قــد يوجَـدُ الحُـــرُّ الشـريفُ وإن أحاط به الفســادْ

كالتِّبـــرِ يَبـــقىَ كامنًــــا مـا بيـن أكــــوامِ الرَّمــادْ

فتَّشتُ قامـــوسَ الحيــاةِ فلـــم أجِـد مَعنى الحيـــادْ

لن يَسكتَ الجُرحُ الصَّريخُ وإن طغَى لغْـوُ المَـزادْ

من جاء بالسيْــف الغَشــومِ خَصيـمُهُ بالسيْف عـادْ

إن أعلن الحـربَ الطُّغـاةُ، فحىَّ حىَّ على الجهـادْ

ما كنــــتُ يوْمًـــا بالضعيــفِ ولا القَنـوعِ بأىِّ زادْ

إلا بِــــزادِ الله يَجْبُــــرُنـي إذا انكســرَ العِمــــــادْ

ما عاد مَن ســرَق الجــوادَ يُطيــقُه ظَهرُ الجـــوادْ

لـيس الطريـقُ بمُنتَهٍ، فادفـــعْ جَــوادَك في طِـرادْ

أطلقْ خُطاكَ على الـدُّروب، فلن يُفيــدَك الارْتدادْ

واستَشرِفِ الأملَ الضَّحوكَ وراءَ خارِطة السَّـوادْ

فالأفْـــقُ مُنفَسِـــحٌ كَبــــابِ اللهِ لـيس لـــه انسدادْ

واركــبْ جَنـاحَ الشِّـعرِ، حَلِّقْ فـوقَ مُظلِمَةِ البلادْ

لا تَتجــهْ شَرقًا، وغَـرِّبْ عكـسَ مـا نَظرَ العِبـــادْ

تُبصِرْ عيــونَ الشمس تَبْسَمُ خَلفَ أثـواب الحِــدادْ