الأمة/ تُعتبر سجون غوانتانامو في كوبا والسجون السورية أمثلة صارخة على أماكن الاحتجاز التي تقع خارج إطار القانون، حيث يتم انتهاك حقوق الإنسان الأساسية بشكل ممنهج. رغم اختلاف السياقات السياسية والجغرافية بين الولايات المتحدة وسوريا، إلا أن هناك العديد من أوجه التشابه بين كلا السجنين في ما يتعلق بالاحتجاز التعسفي، والتعذيب، وظروف المعاملة السيئة للمعتقلين. نتعرض لهذا الموضوع في نقاط أساسية، بعد فتح سجن صيدنايا في سوريا هذة الأيام علي أيدي الثوار ،رجعت بنا الذاكرة الي الوراء لنتذكر معا ما حدث في سجون غوانتانامو منها علي سبيل المثال:
1. *حجب أسماء السجناء عن الأهالي والجمعيات الحقوقية*
في كل من غوانتانامو والسجون السورية، يتم حجب المعلومات عن المعتقلين بشكل ممنهج.
في غوانتانامو، ظل الكثير من المعتقلين مجهولين لفترات طويلة، حيث لم يُسمح للأهالي أو حتى المحامين بمعرفة مكان أو ظروف احتجازهم.
كما كانت الحكومة الأمريكية ترفض الإفصاح عن هويات المعتقلين وتستمر في إنكار حالات احتجازهم.
في السجون السورية، كان هناك تعتيم مماثل، حيث يُحتجز العديد من المعارضين السياسيين والأشخاص المشتبه فيهم دون إخبار عائلاتهم بمكانهم أو مصيرهم، مما يساهم في خلق حالة من الضياع والارتباك لدى العائلات، والتي قد تظل بدون أي أخبار لسنوات.
2. *الظروف القذرة والتعامل مع النظافة*
في غوانتانامو، كانت الزنازين مليئة بالقذارة، حيث يعيش المعتقلون في ظروف غير صحية تمامًا، مع الحد الأدنى من فرص الاستحمام والنظافة الشخصية.
الزنازين كانت غالبًا ما تكون مكتظة وغير معدة للتعامل مع مثل هذه الأعداد من المحتجزين.
وكان المعتقلون يُجبرون على قضاء فترات طويلة دون تنظيف أو تغيير ملابسهم، مما يُفاقم من معاناتهم الجسدية والنفسية.
أما في السجون السورية، فكانت الظروف أكثر قسوة.
المعتقلون كانوا يُحتجزون في زنازين ضيقة وقذرة، غير مهواة أو معدة بشكل جيد. كما كانت النظافة شبه معدومة، وكانت الزنازين تكتظ بالأشخاص، مما يعزز من انتشار الأمراض والعدوى.
المعتقلون في سوريا كانوا يواجهون صعوبة في الحصول على فرص للاستحمام أو الحفاظ على النظافة الشخصية، وهو ما جعل الظروف الصحية في السجون أسوأ بكثير.
3. *طريقة الاستحمام والطعام*
في غوانتانامو، كان المعتقلون يحصلون على الطعام بشكل محدود وغير مناسب، وكانوا يضطرون في كثير من الأحيان لتناول وجبات غير كافية غذائيًا. كان الطعام يفتقر إلى العناصر الأساسية اللازمة لصحة جيدة، وكان بعض المعتقلين يشتكون من معاملة الطعام كأداة لتصفية الحسابات النفسية معهم.
أما في السجون السورية، كان الطعام غالبًا ما يُرَمَى أمام المعتقلين بطريقة مهينة، حيث يُجبر المعتقلون على تناول الطعام في ظروف مُذلّة وفي كميات ضئيلة. بالإضافة إلى ذلك، كان الطعام في كثير من الحالات فاسدًا أو غير صالح للأكل. وكان المعتقلون يضطرون إلى العيش على وجبات غير مغذية ومحدودة.
بالنسبة للاستحمام، كانت الفرص نادرة جدًا في غوانتانامو، حيث كان المعتقلون يُحتجزون في بعض الحالات لعدة أشهر دون القدرة على الاستحمام. وكانت المياه المستخدمة في الاستحمام باردة أو ملوثة.
في السجون السورية، كان الوضع مشابهًا، حيث كان المعتقلون يُمنعون في كثير من الأحيان من الاستحمام لفترات طويلة، وفي الحالات التي كان يُسمح لهم فيها بالاستحمام، كانت الظروف مهينة.
4. *التعذيب الجسدي والنفسي*
تعتبر أساليب التعذيب الجسدي والنفسي واحدة من السمات المشتركة بين غوانتانامو والسجون السورية.
في غوانتانامو، كانت أساليب التعذيب تشمل الحرمان من النوم، والتهديد بالإغراق (الإيهام بالغرق)، والتعليق لفترات طويلة في أوضاع مؤلمة.
كما تم استخدام تقنيات نفسية تهدف إلى تدمير الإرادة، مثل الإذلال العلني.
أما في السجون السورية، فكان التعذيب أكثر تنوعًا وشمولًا، حيث كانت الأساليب تشمل الضرب المبرح، والشبح (تعليق المعتقلين في أوضاع مهينة لفترات طويلة)، والتعذيب النفسي عن طريق التهديد بالقتل أو التعذيب أمام أفراد العائلة.
كما أن حالات الاعتداء الجنسي على المعتقلين، سواء كانوا رجالًا أو نساءً، كانت تُستخدم كوسيلة لتدمير النفسية والإرادة.
5. *الإهمال الطبي والصحي*
في غوانتانامو، كان هناك إهمال متعمد للصحة العامة للمعتقلين. كان المعتقلون يعانون من ظروف صحية سيئة بسبب نقص الرعاية الطبية، وقد تم التقليل من العلاج أو تأجيله، خاصة في الحالات التي كانت تحتاج إلى تدخل طبي عاجل.
كانت السلطات الأمريكية تمنع المعتقلين من تلقي العلاج في بعض الأحيان، وكان هناك تقارير عن استخدام بعض المعتقلين كمواضيع لتجارب طبية.
في السجون السورية، كان الإهمال الطبي أكثر وضوحًا، حيث كان المعتقلون يعانون من غياب العلاج المناسب أو حتى الرعاية الأساسية. كان يتم تجاهل الحالات المرضية الخطيرة، مثل الأمراض المزمنة أو الإصابات الناتجة عن التعذيب. في بعض الحالات، كان المعتقلون يموتون نتيجة الإهمال الصحي، وكان العديد منهم يعانون من الأمراض بسبب الاكتظاظ وسوء الظروف الصحية.
6. *الاعتداءات الجنسية*
الاعتداءات الجنسية على المعتقلين كانت جزءًا من السياسات الممنهجة في كلا السجنين. في غوانتانامو، تم الإبلاغ عن حالات اغتصاب واعتداءات جنسية على بعض المعتقلين، خاصة في فترات التحقيق الأولي.
أما في السجون السورية، فقد كانت الاعتداءات الجنسية تُستخدم كوسيلة لتدمير المعتقلين نفسيًا وجسديًا، حيث تم توثيق العديد من حالات الاغتصاب والتعذيب الجنسي ضد الرجال والنساء على حد سواء.
7. *إطلاق السراح*
إطلاق سراح المعتقلين في غوانتانامو كان أمرًا بالغ الصعوبة، حيث كان كثير من المعتقلين يُحتجزون لسنوات طويلة دون محاكمة أو حتى اتهام رسمي. حتى في حال حصولهم على أحكام قضائية تدعو إلى إطلاق سراحهم، كانت الحكومة الأمريكية تعرقل تلك القرارات لأسباب سياسية.
أما في السجون السورية، فكان إطلاق سراح المعتقلين يعتمد بشكل كبير على العلاقات الشخصية أو الولاءات السياسية. في كثير من الأحيان، كان المعتقلون يظلون في السجون لفترات طويلة دون أمل في الإفراج عنهم، حتى لو كانت المحاكمات قد انتهت لصالحهم.
*الخلاصة*
غوانتانامو والسجون السورية هما مثالان صريحان على غياب العدالة وحقوق الإنسان في سياقات متشابهة، رغم الفروقات السياسية بين البلدين. في كلا السجنين، يُحتجز المعتقلون في ظروف غير إنسانية، ويتم معاملتهم بشكل وحشي. تُستخدم أساليب التعذيب الجسدي والنفسي بشكل منهجي، وتُحرم الأفراد من أبسط حقوقهم، بما في ذلك حقهم في محاكمة عادلة، الرعاية الصحية، والطعام الكافي. إن هذه الأوضاع تُعد انتهاكًا صارخًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وهي دعوة لجميع الهيئات الدولية والجمعيات الحقوقية للعمل على محاسبة الأنظمة المسؤولة عن هذه الانتهاكات.