أدى الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي الموسع الذي ينفذه جيش الاحتلال في جنوب غزة إلى نزوح عشرات الآلاف من الفلسطينيين وتفاقم الظروف الإنسانية المتردية ويقوم جيش الاحتلال بمنع المؤسسات الدولية من القيام بدورها والحد من تحركاتها وما زال السكان يعانون من نقص شديد وانعدام توفير الغذاء والماء والدواء، وبفعل سياسة الاحتلال التي يتم تنفيذها والقائمة على حصر السكان في مناطق صغيرة والحد من تحركاتهم واستهداف من تبقى في مناطق شمال غزة بالقصف لمراكز الإيواء واعتقال من يقيم بالمراكز واقتيادهم بعد تعريتهم من ملابسهم بظروف صعبة الى مراكز مجهولة، وبسبب أوامر الإخلاء العسكرية الجديدة يحتشد السكان في منطقة أصغر من أي وقت مضى في الجنوب.
وبحسب تقرير نشرته الأمم المتحدة إن 1.87 مليون شخص أكثر من 80 في المئة من سكان غزة طردوا من منازلهم منذ بدء الحرب الهمجية ويواصل جيش الاحتلال عملياته العسكرية وعدوانه الشامل وصرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن جيش الاحتلال يجب أن يحتفظ بالسيطرة الأمنية على قطاع غزة بعد انتهاء الحرب مما يكشف عن سياسة حكومته الهادفة الى تكريس واقع الاحتلال في غزة والعمل على تهجير سكانها وجعلها منطقة غير قابلة للحياة.
وبات أكثر من مليون ونصف المليون مواطن نزحوا من منازلهم من مختلف أنحاء قطاع غزة، خاصة من شمال ووسط وشرق القطاع، ويقيمون في مراكز إيواء ونزوح في الجنوب، هي نفسها تتعرض للقصف، ما يضطر عدد منهم للبحث عن أماكن آمنة في العراء الأمر غير المتوفر في قطاع غزة، وأشارت تقارير واردة عن المؤسسات الدولية إلى أن نحو 600 شاحنة من المواد الغذائية والتموينية والوقود كانت تدخل إلى قطاع غزة فيما سمح حتى اليوم بإدخال نحو 100 شاحنة فقط يوميا، وهو لا يلبي الحد الأدنى من الاحتياجات في ظل العدوان المتواصل.
ووفقا لأخر إحصائيات قالت وزارة الصحة في غزة إن عدد الشهداء في القطاع تجاوز 16200، بالإضافة إلى أكثر من 42 ألف جريح وإن 70 في المئة منهم هم من النساء والأطفال ووثقت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” في تقرير لها، استشهاد 273 فلسطينيا داخل مراكز الإيواء التابعة لها في مناطق متفرقة من قطاع غزة، بعد استهدافها بشكل مباشر من طائرات الاحتلال كما أصيب 966 بجروح مختلفة، وذلك منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع في السابع من أكتوبر الماضي.
وفي ظل استمرار العدوان ومواصلة جيش الاحتلال ارتكابه للمجازر اليومية من خلال حربه الطاحنة بحق أبناء الشعب الفلسطيني يجب على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن تحشد جهودها، وأن تعمل بشكل جماعي لإنقاذ قطاع غزة من الدمار الشامل والوفيات الجماعية، من أجل الحفاظ على سبب وجود الأمم المتحدة ويجب على الدول الأعضاء أن تتحرك في مجلس الأمن، أو الجمعية العامة حسب الاقتضاء، للضغط من أجل وقف دائم لإطلاق النار في غزة.
لا بد من وضع حد لسياسة العقاب الجماعي التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني ووقف هذا الدمار والعدوان الانتقامي ويجب على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن تفعل كل ما في وسعها لإنهاء المعاناة في غزة واستعادة السلام والأمن الدوليين، قبل أن نصل إلى نقطة اللاعودة.