مقالات

سمير زعقوق يكتب: باكستان تحدث صدمةً في المؤسسات العسكرية العالمية

لم تفاقم المواجهة الجوية الأخيرة بين الهند وباكستان التوترات الإقليمية فحسب، بل أحدثت أيضًا صدمةً في المؤسسات العسكرية العالمية.

ووفقًا لصحيفة «ذا يو إس صن»، في 7 مايو 2025، خاضت حوالي 125 طائرة مقاتلة من كلا البلدين اشتباكًا جويًا عنيفًا فوق سماء كشمير المحتلة.

ووُصفت هذه المواجهة بأنها أكبر معركة جوية منذ الحرب العالمية الثانية، واستمرت لأكثر من ساعة، وأشارت إلى تحول جذري في الديناميكيات العسكرية في جنوب آسيا.

كان محور هذه المواجهة نشر باكستان لطائرات مقاتلة صينية الصنع من طراز J-10C، مزودة بصواريخ جو-جو بعيدة المدى من طراز PL-15 المتطورة.

ووفقًا لتقارير متعددة، نجحت هذه الطائرات في إسقاط عدة طائرات هندية، أبرزها طائرة رافال فرنسية الصنع، مسجلةً بذلك أول خسارة قتالية لهذه الطائرة المرموقة.

وقد أظهرت فعالية منصة J-10C وصواريخ PL-15 ليس فقط التفوق التكتيكي في هذه المواجهة، بل أيضًا المصداقية المتزايدة لصادرات الدفاع الصينية على الساحة العالمية.

سارع المراقبون العسكريون إلى تحليل تداعيات ذلك.

وصرح أنتوني وونغ دونغ، المحلل العسكري المقيم في ماكاو، قائلاً: من وجهة نظر الصين، يُعد هذا في جوهره إعلانًا قويًا.

وأضاف أن أداء المعدات الصينية سيجبر حتى القوى العالمية، مثل الولايات المتحدة، على طرح أسئلة صعبة حول كيفية مواجهة هذه القدرات في صراعات مستقبلية.

 وبالنسبة للدول التي تفكر في شراء معدات دفاعية، من المرجح أن تُعيد نتيجة هذا الصراع النظر في تفضيلاتها الراسخة للمنصات العسكرية الغربية.

تناقَش هذه المعركة الآن إلى جانب بعضٍ من أشهر المواجهات الجوية في التاريخ الحديث؛ معركة بريطانيا، ومعركة كورسك، ومعركة المنصورة عام ١٩٧٣.

ولكن، إلى جانب مكانتها في التراث العسكري، تعكس معركة كشمير الجوية تحولاً أوسع وأكثر أهمية: نضوج التحالف الدفاعي الصيني الباكستاني ليصبح قوةً إقليميةً مضاعفةً ذات تداعيات عالمية.

تلقي هذه المواجهة الضوء أيضًا على الطبيعة المتغيرة للردع العسكري واستعراض القوة في آسيا.

فبينما حافظت الهند طويلًا على تفوقها الجوي في المنطقة، مدعومةً باقتناء طائرات مثل رافال وسو-30 إم كي آي، فإن قدرة باكستان على تحدي هذا التفوق بمنصات صينية ستُغير الحسابات الاستراتيجية المستقبلية.

لم يظهر القتال الجوي التكافؤ في القتال الجوي فحسب، بل أكد أيضًا على عمق التوافق التشغيلي بين باكستان والصين، والذي تبلور عبر سنوات من التطوير المشترك والتدريبات العسكرية.

عالميًا، قد يدفع هذا الحدث إلى إعادة تقييم للرواية السائدة حول تكنولوجيا الدفاع.

قد ترى دول في أفريقيا وجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط -التي اعتمد الكثير منها تاريخيًا على المساعدات والاستحواذات العسكرية الغربية- الآن في النموذج الصيني الباكستاني بديلًا مقنعًا.

مع اشتداد التنافسات الجيوسياسية، لم تعد صفقات الأسلحة مجرد معاملات، بل انعكاسات للتوافق الاستراتيجي.

قد تؤثر مواجهة السابع من مايو ليس فقط على ما تشتريه الدول، بل أيضًا على من تختار التحالف معه.

مع ذلك، لا ينبغي النظر إلى الاشتباك من منظور الانتصار التكنولوجي أو التفوق الاستراتيجي فحسب.

إن حجم الاشتباك الهائل -125 طائرة مقاتلة شاركت في القتال فوق أحد أكثر الحدود تسليحًا في العالم- يُبرز مدى التقلبات الحادة في جنوب آسيا.

كان من الممكن أن يتحول خطأ واحد في التقدير إلى حرب شاملة.

 وبهذا المعنى، يمثل هذا القتال الجوي تذكيرًا مُلِحًّا بالحاجة إلى آليات فعّالة لحل النزاعات وتجديد التواصل الدبلوماسي بين الهند وباكستان.

مع انقشاع غبار الحرب في جبال الهيمالايا، يتضح أمر واحد:

لم تعد سماء جنوب آسيا كما كانت.

لقد أعاد صراع عام ٢٠٢٥ رسم معالم القوة الجوية الإقليمية، لكنه أعاد أيضًا طرح أسئلة ملحة حول الاستقرار والتصعيد والمخاطر الجيوسياسية الكبيرة في منطقة مسلحة نوويًا.

في هذا العصر الجديد من التحالفات المتغيرة بسرعة وسباقات التسلح، لن يقتصر التحدي الحقيقي للقيادة العالمية على كسب المعارك فحسب، بل سيتمثل في منعها أيضًا.

سمير زعقوق

كاتب صحفي وباحث في الشئون الآسيوية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى