تقارير

سياسات الرئيس الإيراني الاقتصادية.. تحفز الاضطرابات

أبوبكر أبوالمجد| لقد أشعلت الجهود الأخيرة التي بذلها الرئيس الإيراني الجديد لزيادة أسعار الوقود موجة من القلق بين الإيرانيين، الذين يعانون بالفعل من صعوبات اقتصادية شديدة.

في 27 أغسطس، وضع مسعود بيزشكيان الأساس لزيادة محتملة في أسعار البنزين، بحجة أن نظام التسعير المدعوم الحالي غير مستدام. وقال: “لا يوجد منطق في شراء البنزين بسعر السوق الحرة بالدولار وبيعه بسعر مدعوم” ، ملمحًا إلى الحاجة إلى رفع أسعار الوقود بما يتماشى مع ظروف السوق.

وأعرب بيزيشكيان عن إحباطه إزاء القيود المالية التي تفرضها الحكومة، قائلاً: “ليس لدي المال لشراء القمح أو الأدوية أو المستلزمات أو رواتب المتقاعدين، لكنني أشتري البنزين بـ 50 ألف تومان للدولار وأبيعه بـ 10 آلاف تومان. أي منطق يقبل أننا نفعل هذا؟”.

حاولت صحيفة “إيران” الحكومية الرسمية التقليل من أهمية تصريحات بزشكيان، حيث قالت: “إن التعبير عن الآراء بشأن أسعار البنزين لا يعني اتخاذ قرار”، ووعدت بعدم اللجوء إلى “علاج صادم” أو إجراءات غير متوقعة. ومع ذلك، يخشى العديد من المواطنين أن تؤدي أي تعديلات إلى تفاقم محنتهم الاقتصادية.

وتتفاقم المخاوف بشأن ارتفاع أسعار الوقود بسبب الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية، الأمر الذي زاد من ضغوط ميزانيات الأسر. وتُظهِر البيانات الأخيرة الصادرة عن المركز الإحصائي الإيراني، والتي أوردها موقع ديدار نيوز الذي تديره الدولة، أنه من بداية عام 2021 وحتى نهاية أغسطس/آب من هذا العام، ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات بنسبة 194%. وقد فرضت هذه الزيادة التي تقارب ثلاثة أضعاف على مدى ثلاث سنوات ضغوطًا هائلة على الأسر الإيرانية، التي تكافح بالفعل مع ارتفاع التكاليف وركود الدخول.

وعلاوة على ذلك، وفي خطوة أثارت انتقادات واسعة النطاق، رفعت الحكومة بهدوء أسعار الخبز في عدة مدن، بما في ذلك طهران وتبريز وبيرجند. وذكرت وسائل الإعلام الرسمية أن أسعار الخبز في طهران ارتفعت بنسبة تزيد عن 50٪ في بعض الحالات. على سبيل المثال، ارتفع سعر خبز سنجق البسيط إلى 8000 تومان ويمكن أن يصل إلى 15000 تومان اعتمادًا على الإضافات. وبالمثل، ارتفعت أسعار الخبز في تبريز بنسبة 25٪ دون أي إعلان رسمي أو مبرر من السلطات المحلية.

وقد أثارت هذه الزيادة غير المعلنة في الأسعار حالة من الإحباط بين الإيرانيين، الذين ينظرون إليها باعتبارها مثالاً آخر على تجاهل الحكومة لرفاهيتهم الاقتصادية. فقد أصبح الخبز، وهو الغذاء الأساسي في النظام الغذائي الإيراني، أكثر تكلفة، مما يزيد من النضال اليومي الذي تخوضه العديد من الأسر لتلبية احتياجاتها.

وفي حين يواجه الشعب الإيراني هذه التحديات الاقتصادية، يواصل النظام توجيه موارد كبيرة إلى طموحاته النووية والباليستية والإقليمية. وقبل أيام قليلة من تنصيبه، التقى بيزشكيان بزعماء مجموعات أجنبية مختلفة بالوكالة، بما في ذلك حزب الله، والجهاد الإسلامي الفلسطيني، وممثلين عن النظام السوري. وخلال هذه الاجتماعات، كرر دعم طهران الثابت لهذه المجموعات وأكد أن دعم “جبهة المقاومة” هو “واجب ديني” وسياسة أساسية للجمهورية الإسلامية.

إن السياسات الاقتصادية التي ينتهجها بيزيشكيان والتركيز الأوسع للنظام يكشفان عن فجوة بين الحكومة واحتياجات مواطنيها. ومع ارتفاع تكاليف الضروريات الأساسية وتنامي السخط العام، تتجه إيران نحو زيادة الاضطرابات والانتفاضات المحتملة.

 

أبوبكر أبوالمجد

صحفي مصري، متخصص في الشئون الآسيوية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights