سيد فرج يكتب: أحمد المنصور.. و«تحركات تستدعي الحذر»
تناقلت بعض وسائل الإعلام، نبأ توقيف المواطن المصري «أحمد المنصور» من قبل السلطات السورية، أو منعه من الظهور، ومن هنا استمر واشتعل الجدل، الذي لم يبدأ بهذا الخبر، ولكنه بدأ مع بداية ظهور أحمد المنصور للإعلام، وإطلاقه عدد من التصريحات المعارضة للسلطة في مصر.
والحقيقة:
أن تناول هذا الخبر بموضوعية، كالسير على الأشواك، في اتجاه ريح عاتية، وسط أشخاص تتعالى صرخاتهم غير الهادفة عليك، حيث تكال الاتهامات، وتتعدد المطالبات لك بالصمت أولى .
لكني وجهت لي مجموعة أسئلة من عدد من الأصدقاء ثم طلبوا مني بعد إجابتها، عرضها ونشرها، لعلها تسهم في عرض وجهة النظر الأخرى.
وسوف أتناول هذه الأسئلة بالتحليل والنقاش، بعيداً عن الحديث عن شخص أحمد المنصور أو تاريخه، لأسباب عديدة، أهمها عدم الإطالة والتفرع.
والأسئلة هي كما يلي:
السؤال الأول:
هل من حق السلطات السورية منع أحمد المنصور من أي فعل، أو تحرك، أو تصريح، أو ظهور، يضر بالسلطات في سوريا، أو يسهم في التضييق عليها، أو إفشالها؟
نعم بالتأكيد:
من حق السلطات في سوريا، وهي تسعى لبناء دولة جديدة، في ظروف داخلية، وإقليمية، ودولية شديدة التعقيد، وفي ظل التحديات، والتهديدات، والأخطار، التي تواجه سوريا وحكومتها، أن تمنع أي معارض من خارج سوريا، أن يستخدم أراضها، في أي نشاط يعطل مسيرتها، أو يضر بأمنها أو مصالحها مع باقي الدول، خاصة في ظل ضعفها، والتربص بها.
السؤال الثاني:
هل ظهور أحمد المنصور بالزي العسكري ودعوته للثورة على السلطة في مصر يضر بالسلطة السورية الحالية؟
نعم يضر بالتأكيد، ويظهرها على أنها ستكون خطراً، وتهديداً لكل دول المنطقة، بل وكل دول العالم، وسيظهر الحكام الجدد في سوريا، أنهم يخدعون العالم بخطابهم السياسي المتعقل، وعليه يمكن أن تتكالب عليها هذه الدول، وتسقطها وتضر بأمنها، وسوف تتهم بأنها تأوي الجماعات الإرهابية، ويتم تفجير الأوضاع من داخل سوريا، كل هذا من أجل تصريحات لا أثر لها في الواقع، ومن أجل أشخاص لم يفهموا الواقع.
السؤال الثالث:
هل هناك جدوى أو مصلحة ستحقق للإسلام والمسلمين في سوريا، أو مصر من ظهور «أحمد المنصور» بهذه الصورة، توازي الضرر الذي سيقع على سوريا، بسبب إظهارها على أنها تشكل خطراً على دول المنطقة، وأنها ستكون قاعدة للحركات الإسلامية المعارضة لدولها؟
بالقطع:
لا توجد أي مصلحة معتبرة، مقابل الأضرار التي ستقع على سوريا شعباً، وحكومة، ولن تكون هناك أي مصلحة معتبرة، فهذه الدعوة التي أطلقها أحمد المنصور، وهذه الحركة التي أسسها، لن تحقق أي مصالح، أو أي مطالب، مما تم ذكرها، فلن تخرج سجناء، ولن تسهم في زيادة الحريات، ولن تحسن اقتصاد، بل العكس صحيح، سوف تستخدم للسير في الاتجاه المعاكس.
السؤال الرابع:
هل هناك جدوى، أو مصلحة، في دعوة أحمد المنصور للثورة في مصر، وهو مرتدي الزي العسكري وحوله عدد من الملثمين؟
يقينا:
لا توجد أي مصلحة عامة، أو جدوى حقيقة، فقط مصالح شخصية للأسف متوهمة، فهذه الدعوات القادمة من خارج الحدود، لا أثر إيجابي لها، ولا قيمة لها، ولا هي محل ثقة، لأنها أصبحت موضة موسمية، أو تريند سنوي على مواقع التواصل الاجتماعي، فهذه الدعوات تطلق من آن لآخر، من شخصيات لا علم لها بواقع مصر، ولا علم للشعب في مصر بها، وهي بعيدة كل البعد عن تحمل أي تبعات لدعواتها وتحركاتها، ثم يظهر في النهاية أنها ليست أهلاً لقيادة مثل هذا الدعوات، والشعب لا يستجيب بل ولا يقدر مثل هذه الدعوات، ولا يقدر من يطلقونها، وهم يتنعمون في الخارج بعيداً عن واقع مصر (حتى لو كانت أسبابها موجودة وواضحة للشعب)
السؤال الخامس:
ماهي الأضرار التي يمكن أن تترتب على دعوة أحمد المنصور؟
هناك أضرار على سوريا ذكرت بعضها بإجمال، وهناك أضرار لهذه الدعوات على الداخل المصري، تتخذ إجراءات أمنية واحترازية، على إثر مثل هذه الدعوات، لأن بعض الشباب قليل الخبرة، يتفاعل معها بشكل يضره، ويعرضه للمساءلة القانونية، فيقع في السجن والاعتقال بسبب هذه الدعوات، أيضاً:
مثل هذه الدعوات تستخدم لمنع أي تغير، أو تحسن في الأوضاع، ولو قليل في اتجاه الإفراج عن السجناء أو فتح مساحات أكبر للحريات، أو المشاركة السياسية، أو المطالبة بها، بسبب مواجهة خطر مثل هذه الدعوات التي لا تفيد بل تضر.
السؤال الأخير:
ما الذي يجب أن يحذر منه المنتسبون للمعارضة المصرية في الخارج، وما يجب أن يحذر منه الشباب المصري في الداخل تجاه الدعوات القادمة من خلف الحدود المصرية؟
رأي الشخصي:
أن على قيادات وكوادر المعارضة المصرية في الخارج أن يلزموا أنفسهم بأمرين:
الأول:
البعد عن الظهور مع قيادات السلطة السورية، لأن هذا يضر بسوريا، داخلياً، وإقليمياً، ودولياً، كما أنه لا يفيد الملف المصري بأي فائدة بل يضر، ويعقد المشهد، ويسهم في تعقيد ملفات عديدة، مثل ملف السجناء، وغيره.
الثاني:
البعد عن الدعوات الضارة أو التي لا مصلحة راجحة منها للوطن أو شعبه، لأنها تضر بالشباب، وأن يكون خطابهم يصب في صالح المستضعفين في السجون.
كما يجب على الشباب المصري، الحذر كل الحذر، من مثل هذه الدعوات، خاصة التي تطالبهم بالعنف، سواء استخداماً له، أو اقتناعا به، أو تأييده، أو الترويج له، لأن مثل هذه الدعوات (غالباً) لا تصدر من منضبط بالشرع، أو متحمل للمسئولية، أو مدرك للواقع، الداخلي، والخارجي، والقدرات، والمعوقات، أو مقدر للجدوى والمشروعية.
وختاماً:
هذه نصيحة أقدمها بآدابها، لتحذير الشباب من الوقوع في فخ الانخداع بتحركات ضارة، وغير منطقية، أو غير مدروسة، وغير مشروعة.
وكما أن لنا الحق في معارضة السلطة، فكذلك لنا الحق في معارضة من يعارض السلطة، وكما أن المعارضة تطالب بالحرية والتعبير عن الرأي، فلابد وأن تقبل حرية التعبير في مواجهتها، وكما أن لأحمد منصور الحق في إطلاق دعوته بشكل عام ومعلن، فيحق لنا أن نعترض عليه بشكل معلن.