عكس التيار السائد في أروقة الحكم العربية.
من خلال متابعة، التصريحات الرسمية المتحفظة على انتصار الثورة السورية لبعض النظم العربية، ووسائل الإعلام الموجهة من قبلها، وكذا تعليقات الشخصيات السياسية المعبرة عن عن الأنظمة ورسائلها الموجهة للرأي العام الداخلي والخارجي، يمكن أن نلحظ أن هناك تصور متداول داخل أروقة هذه الأنظمة، مفاده ما يلي:
(أن انتصار الثورة المسلحة في سوريا، يمكن أن يشكل تهديداً وخطراً قادماً، على الأنظمة العربية الحاكمة، باعتباره نموذجاً منتصراً قابلًا للتصدير، وعليه يمكن أن تتبناه الحركات المعارضة عامة، والإسلامية خاصة، أو يرسخ مفهوم التغيير المسلح أو العنيف لدى شعوب المنطقة، أو يفتح باباً لأعمال عنف، تقوم بها تنظيمات كبيرة، أو مجموعات صغيرة ناشئة على إثر هذا الانتصار)
ونتيجة للتصور السابق، نشاهد مواقف وتصريحات لا تصب في صالح هذه الدول وأنظمتها، وتجعلها تظهر كمعادية لاستقرار سوريا، ورافضة لأن ينال الشعب السوري حريته، فتخسر كثيراً، على الصعيد الأمني، والسياسي، والاقتصادي.
فعلى الصعيد الأمني، تخسر هذه الأنظمة، عندما ترسخ مفاهيم خاطئة، نتيجة لترديد تصورات بعيدة كل البعد عن الواقع، والتي يمكن أن يتبناها بعض البسطاء وقليلي الخبرة، ومحدودي العلم السياسي، والعلم الشرعي، أو المجموعات المنغلقة فكرياً، والذين يتأثرون بما يقال في وسائل الإعلام.
وعلى الصعيد السياسي، تخسر هذه الدول، بسلوكها المناهض لانتصار الثورة في سوريا، وبإشاعة جو داخلي، وخارجي، من التخوفات اللا منطقية، تخسر فرصة داخلية، لكي تروج لنفسها، بأنها نظم مع حرية الشعوب، وأنها لم ولا توافق على سلوكيات النظام الإجرامي في سوريا، وأنها لم لا تؤيد رئيسه المجرم بشار، كما أن هذه النظم تخسر فرصة التأثير الإيجابي في المشهد السوري، في الوقت الذي تتسابق دول العالم فيما بينها، لكي تصل لحالة من إدارة حوار هادف وجدي، مع قيادات الثورة السورية، باعتبار أنهم قيادات الأمر الواقع، أو حكام سوريا القادمون، ولكي تقوم هذه الدول باستكشاف توجهاتهم، وبناء علاقات جيدة معهم، للتأثير في حاضر، ومستقبل سوريا، والاستفادة من ذلك، لتحقيق مصالح هذه الدول الأمنية، والسياسية، والاقتصادية .
وعلى الصعيد الاقتصادي، يترتب على تبني هذه الدول والأنظمة، سياسة معادية، أو مرتجفة، ومترددة تجاه الثورة السورية، يجعلها بعيدة إلى حد كبير، من الحصول على جزء من الكعكة السورية الكبيرة التي يتهافت ويتنافس عليها كل من الأمريكان، والأتراك، ودول الجوار السوري، والأوروبيون، والروس، والصينيون، وغيرهم، والمتمثلة في إعادة إعمار سوريا، التي تحتاج وتتكلف أكثر من 500 مليار دولار، إضافة إلى التعاون الاقتصادي، والتبادل التجاري، والاستثمار.
لذا: {من وجهة نظري}
يجب على الدول والأنظمة العربية، أن تتعامل مع الثورة السورية بإيجابية، وانفتاح، وترحيب، ودعم، وأن تسارع بفتح علاقات مع القادة الجدد في سوريا {والتغافل عن خلفيتهم الجهادية، والإسلامية، فبعض هذه الأنظمة يتعامل مع الكيان الصهيوني المجرم بكل أريحية والبعض اخر يتمنى إقامة علاقات طبيعية والطبيعية معه مع كل ما يقوم به من جرائم ومع كل ما يشكله من تهديد للأمن القومي العربي على المستويين التكتيكي والاستراتيجي}
كما يجب على هذه النظم العربية مخاطبة الشعب السوري، وتطمينه، ودعمه، لكي تقنع الشعب السوري، قبل قادة ثورته، أنها دول شقيقة، صديقة للشعوب، وليست دولاً وأنظمة مؤيدة، وداعمة لحفنة من العملاء والطغاة القتلة المجرمين، الذين استعبدوا الشعب وأدخلوه {مكابس الموت} فتحقق هذه الأنظمة مصالح دولها، وشعوبها، بما يعود عليها بالأمن، والتنمية، والرفاهية .
وأخيراً:
في المقال القادم – إن شاء الله – سوف أتناول الأدلة، والمؤشرات، والتصورات، التي أرى -من وجهة نظري- أنها تؤكد أن انتصار الثورة السورية، يرسخ استراتيجية التغيير، والإصلاح السلمي، وليس تصدير الثورة المسلحة، خلاف لما يردده البعض، داخل أروقة الحكم العربية، أو داخل بعض المكونات المعارضة لها، أو داخل بعض مراكز الدراسات العربية والغربية.