في تحول سياسي أثار الجدل داخل الأوساط البريطانية والدولية، وجدت وزيرة الداخلية الجديدة في المملكة المتحدة شبّانة محمود نفسها في قلب عاصفة من الانتقادات بعد أن ظهرت بمواقف متشددة تتماشى مع سياسة الحكومة تجاه القضية الفلسطينية،
على عكس مواقفها السابقة التي عُرفت من خلالها كإحدى أبرز الأصوات الداعمة لحقوق الفلسطينيين.
مناصرة بارزة لفلسطين
شبّانة محمود، ذات الأصول الباكستانية، لطالما كانت من بين الأصوات البارزة في الساحة البريطانية المؤيدة لفلسطين.
فقد شاركت خلال مسيرتها السياسية في تجمعات جماهيرية، وألقت كلمات قوية شددت فيها على ضرورة الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني.
تلك المواقف منحتها شعبية كبيرة بين الناشطين المدافعين عن القضية الفلسطينية، ورسخت صورتها كسياسية تتبنى خطابًا إنسانيًا يناهض الاحتلال ويدعم العدالة.
التغيير بعد تولي وزارة الداخلية
لكن سرعان ما تغير المشهد بعد توليها حقيبة وزارة الداخلية، أحد أهم المناصب السيادية في بريطانيا. ففي زيارتها الأولى لمقر شرطة العاصمة، اختارت محمود أن توجه رسالة واضحة بدعمها الصارم لجهود الأمن في التعامل مع المظاهرات المرتبطة بفلسطين.
حيث أشادت علنًا بالضباط على اعتقالهم أشخاصًا ينتمون إلى حركة Palestine Action، وهي المجموعة التي أثارت جدلًا كبيرًا بعدما تم تصنيفها مؤخرًا كمنظمة إرهابية على يد وزيرة الداخلية السابقة إيفيت كوبر.
موقف علني مثير للجدل
لم يقتصر الأمر على التصريحات، إذ نشرت محمود عبر حسابها على منصة X (تويتر سابقًا) منشورًا أكدت فيه أن “دعم فلسطين ليس هو نفسه دعم منظمة محظورة مصنفة كإرهابية”،
وهو تصريح جاء في وقت حساس تزامن مع اعتقال شرطة العاصمة ما يقارب ألف متظاهر سلمي مؤيدين لفلسطين.
هذا الموقف أثار تساؤلات عميقة حول مدى استقلالية محمود في التعبير عن قناعاتها السابقة، وما إذا كان المنصب الوزاري فرض عليها التماهي مع سياسة الحكومة الصارمة تجاه الحركات المناصرة لفلسطين.
ردود فعل واسعة
التحول في خطاب وزيرة الداخلية لم يمر مرور الكرام، إذ انقسمت ردود الفعل بين من يرى أن محمود أصبحت أسيرة ضغوط المنصب ومتطلبات الأمن القومي البريطاني، وبين من يعتبر أن هذا التغيير يمثل تراجعًا عن مبادئها السابقة التي جعلت منها رمزًا للتضامن مع الفلسطينيين.
واعتبرت منظمات حقوقية أن اعتقال هذا العدد الكبير من المتظاهرين السلميين مؤشر مقلق على تضييق المساحة المتاحة لحرية التعبير في بريطانيا.
بين السياسة والهوية
يرى مراقبون أن وضع شبّانة محمود اليوم يعكس معضلة تواجه العديد من السياسيين المنحدرين من خلفيات مهاجرة أو الأقليات، حيث يجدون أنفسهم بين ضغوط الهوية والتوقعات الشعبية من جهة، وبين متطلبات المناصب العليا والسياسات الرسمية من جهة أخرى.
وفي حالة محمود، فإن التناقض بين ماضيها السياسي وحاضرها الوزاري قد يضعها أمام تحديات متزايدة في الحفاظ على صورتها كسياسية قريبة من قضايا العدالة وحقوق الإنسان.
مستقبل العلاقة مع القضية الفلسطينية
يبقى السؤال مفتوحًا: هل ستتمكن وزيرة الداخلية البريطانية الجديدة من إيجاد توازن بين مواقفها السابقة المؤيدة لفلسطين وبين السياسة الأمنية المتشددة لحكومتها؟ أم أن تضامنها التاريخي مع القضية الفلسطينية سيكون مجرد صفحة من الماضي، طواها المنصب والالتزامات الجديدة؟
في كل الأحوال، يعكس الجدل المثار حول محمود التوتر العميق في بريطانيا بشأن كيفية التعامل مع القضية الفلسطينية والحركات المؤيدة لها.
وهو جدل مرشح للتصاعد مع استمرار المظاهرات والتحديات الأمنية، مما يجعل الوزيرة الجديدة في اختبار صعب منذ أيامها الأولى في المنصب.
التحول السريع
أثار التحول السريع في مواقف وزيرة الداخلية البريطانية شبّانة محمود نقاشًا واسعًا في الأوساط السياسية، بين من يرى أن الأمر انعكاس طبيعي لتوليها منصبًا سياديًا حساسًا، ومن يعتبره تناقضًا يهدد مصداقيتها السياسية.
يرى مؤيدوها أن محمود باتت مطالبة، بحكم موقعها، بوضع الأمن القومي البريطاني في صدارة أولوياتها، حتى لو تعارض ذلك مع قناعاتها السابقة. ويشير هؤلاء إلى أن منصب وزير الداخلية يفرض بالضرورة الالتزام بالسياسات الحكومية، خاصة في ظل التوترات المرتبطة بالمظاهرات المؤيدة لفلسطين.
في المقابل، ينتقد آخرون ما اعتبروه “تراجعًا” عن مبادئها التي لطالما دافعت عنها. ويؤكد هؤلاء أن إشادتها باعتقال ناشطين سلميين ورفضها التمييز بين دعم فلسطين ودعم منظمات مصنفة كإرهابية، يكشف عن تناقض قد يضعف ثقة الجمهور بها، خصوصًا بين الجاليات التي كانت ترى فيها صوتًا مدافعًا عن العدالة.
ويرى خبراء أن قضية محمود تتجاوز شخصها لتكشف إشكالية أوسع: كيف يمكن للسياسيين ذوي الخلفيات المهاجرة أو المواقف الإنسانية أن يوفقوا بين قناعاتهم القديمة ومتطلبات السلطة؟ سؤال يزداد إلحاحًا مع كل خطوة تخطوها الوزيرة الجديدة في مسيرتها الوزارية.