تقارير

شهادات حول ممارسات العقلية التآمرية وسلوكياتها الإجرامية في الجزائر

(♦) في ملتقي حول المسار الفكري والنضالي للعقيد محمد الصالح يحياوي (♦) مقترح إدماج الفكر النضالي عند قادة «جبهة التحرير الوطني» في المقررات الجامعية (♦) وزير التربية الأسبق علي بن محمد: لست حاقدا على مصطفي الأشرف (♦)

لا تزال العقلية التآمرية تمارس سياسة القمع وثقافة الإقصاء وإلغاء الأخر وتتفنن في التضييق على الوطنيين الأحرار والمخلصين لمبادئ الثورة وتعمل دوما لمضايقاتهم بكل الأساليب الإجرامية حيث تصل هذه الممارسات إلى اغتيالهم، ويحكي التاريخ عن قادة تاريخيين اغتيلوا على يد رفاق الكفاح وأخرون تعرضوا لمحاولة اغتيال وهذا كله من أجل التموقع والحكم وهناك من أبعدوا عن الحكم و ألصقت بهم تهمة الاشتراكية، والعقلية التآمرية في الجزائر تحارب كل من تشتم فيه رائحة بومدين وهي بالتالي كانت ولا تزال تحارب كل الرموز المحسوبة علي التيار البومديني وإبعادهم من الساحة وهو ما حدث مع العقيد محمد الصالح يحياوي و كل من دعا إلى الحوار الوطني، كان مقترح إدماج الفكر النضالي عند قادة «جبهة التحرير الوطني» في المقررات الجامعية

هي شهادات صادمة وحقائق عن ممارسات العقلية التآمرية وسلوكياتها الإجرامية، كشف عنها مجاهدون ووزراء سابقون في وزارة التربية الوطنية، إعلاميون ومسؤولين في حزب جبهة التحرير الوطني وعائلة الفقيد في ملتقي حول الفكر النضالي عند العقيد محمد الصالح يحياوي (رحمه الله) مجاهد ومسؤول سابق بأكاديمية مختلف الأسلحة بشرشال نظمته التنسيقية الوطنية للمحافظة على الذاكرة الجماعية برئاسة الدكتور علي بودراع، احتضنه المركز الثقافي الإسلامي بولاية المسيلة، مسقط رأس الفقيد، سلط فيه المشاركون في الملتقى الضوء على الفكر السياسي والنضالي عند العقيد محمد الصالح يحياوي وهو شخصية تاريخية وعسكرية جعلت مصلحة الوطن فوق كل شيء وهو صاحب 18 رصاصة حيث لُقِّبَ بأصغر جريح في الثورة الجزائرية، قال عنه شقيقه عبد السلام أن محمد الصالح يحياوي عاش حياته كلها مضايقات، لكنه كان يترفع ويتنازل عن كل شيء، ماعدا الثوابت منذ كان مسؤولا عن الولاية التاريخية الأولي سياسيا وفي اللجنة المركزية، ليكشف عن المؤامرة التي دبرها بن بلة لإبعاد محمد الصالح يحياوي عن الساحة، وطلب ذلك من هواري بومدين، فتم تحويله إلى أكاديمية شرشال لمختلف الأسلحة، لكن الواجب كان يرافق محمد الصالح يحياوي حيثما كان، فقام بتعريب الأكاديمية وفرض اللغة العربية في إدارتها، ورغم ذلك ظلت العقلية التآمرية تسعى جاهدة للانقلاب على الفقيد رحمه الله، لتظهر محاولة أخرى من أجل الإطاحة به، حين ظهر قاصدي مرباح ومحمد زرقيني، فلما حُوِّلَ محمد الصالح يحياوي إلى بشار، اشترطوا عليه أن يُسَلِّمَ العلم الجزائري لمحمد زرقيني لكنه رفض لأن هذا الأخير كان في الجيش الفرنسي وكان يقف للعلم الفرنسي ولا يحق له أن يلمس بيده العلم الجزائري.

بلعياط يستعيد ذكريات الجهاد مع أصغر جريح في الثورة

في مداخلته قدم المجاهد عبد الرحمان بلعياط وهو عضو سابق في المكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني شهادة لما تربط من ذكريات الجهاد مع العقيد محمد الصالح يحياوي رحمه الله في الولاية التاريخية الأولي الموسومة أوراس النمامشة التي هي ولاية الهضاب العليا (الحضنة) وفي الكتيبة الأولي مع مجموعة من الثوار ومنهم المجاهد بخوش بأولاد سلام، وحنكته في إدارة الاجتماعات وأطروحاته الفكرية بحكم ما كان يتميز به من ذكاء وفطنة وفِراسة وقدرة على الإقناع، رغم الظروف التي كانت تمر بها الولاية التاريخية الأولي، لدرجة أنه صعب الاتصال بالقيادة لجيش التحرير الوطني وبالشعب في المنطقة الثانية وخاصة بناحية أريس، لأن الجيش الفرنسي بكل إمكانياته كان مسيطرا على كل المناطق و تطويقها، أخذت فيها المفاوضات منحي أخر، انطلاقا من وادي الأبيض إلى بسكرة ثم إلى جبال الناحية الرابعة مرورا بجبل الأزرق.

 وعاد المجاهد عبد الرحمان بلعياط من خلال استرجاع ذكريات الجهاد للحديث عن كيف أصيب العقيد محمد الصالح يحياوي بالرصاص من طرف الجيش الفرنسي وكان برفقته علي سرار ومحمد أمقران وهم من بين رفاق الكفاح في هذه المناطق الجبلية وكيف أحاطوه لكي لا يتمكن العدوُّ من القبض عليه، ورغم الحصار تمكن الرفاق من تجنيد أربعة (04) أفواج كوماندوس، وقاموا بإبعاده عن المعركة ونقله إلى المستشفى الطبي للولاية الأولي رغم بعد المسافة حيث استغرق السير به 18 ساعة وهم يحملونه لغياب الإمكانيات، يقول المجاهد عبد الرحمن بلعياط كان مكتبي بأريس بلدية سيدي علي اتصلنا بمعمر زايدي وإسماعيل محفوظ المسؤول الطبي للولاية التاريخية الأولي لعلاجه، كنتُ ساعتها مع العقيد محمد الصالح يحياوي وهو يُخْضَعُ لعمليات جراحية لإخراج الرّصاصات من جسده قبل أن يتم نقله من منطقة أريس إلى مقر الولاية.

فقه النضال عند العقيد محمد الصالح يحياوي

كانت هذه المداخلة الثانية قدمتها المتحدثة وهي تعرض في ورقتها كتابها الأول والثاني عن العقيد محمد الصالح يحياوي الذي صدر عن دار الأوطان و دار الوطن اليوم للنشر والتوزيع، استعرضت المتحدثة جانب من جوانب الفكر النضالي عند العقيد محمد الصالح يحياوي ومواقفه والمبادئ التي التزم بها طيلة مساره في الكفاح والنضال، وهو الرجل الدي تربي في بيئة محبة للعلم جعلت من العلم سلاحا ومن الإسلام منهجا، ونشأ في حجر «الإمامة» فتوطدت فيه قيم الاستقامة والاعتدال والصدق في النضال وفي القول والعمل والترفّع، وقد اشارت المتحدثة إلي التناحر الذي كان سائدا داخل حزب جبهة التحرير الوطني في فترة ما، إلي حين تم تعيين علي رأسه محمد الصالح يحياوي الذي كانت له مواقف ومبادئ جعلها قاعدة أساسية في مساره النضالي، بدءًا من دفاعه عن اللغة العربية والاعتزاز بعربية الجزائر لدرجة أن البعض وصفه بالمعرب المتعصب للتعريب، محبذا في ذلك الانطلاق من أدبيات الثورة فكان له مشروع وطني ينطلق من الثوابت الوطنية، فقد كان الفقيد ينادي بحرية الرأي والتعبير دون التعدي عن الخصوصيات، ويدعو إلي الحوار الوطني، وهذا نابع من إيمانه بالديمقراطية التشاركية، حيث عرف بمقول «المراجعة لا التراجع» لمواجهة الممارسات الخاطئة ومعالجتها تكون بفتح حوار ديمقراطي حقيقي بعيدا عن القمع و التسلط طالما الخلاف جوهري يتمحور حول قضية أساسية، فكان النضال عنده مبدأ وموقف نظري وعملي في قضايا تقتضي الالتزام والوعي، ومن هذا المنطلق كان الفقيد رحمه الله تضيف المتحدثة يدعو إلي تفعيل التربية السياسية وهو يشرف علي تأطير المنظمات الجماهيرية (اتحاد الشبيبة الجزائري واتحاد النساء الجزائريات)، فحل المشكلات في نظره يكون بالحوار الوطني، أما ماعدا ذلك فهو خروج عن إجماع الشعب وإرادته، وهو القائل: أن الجزائر التي حلم بها الشهداء هي بلد مُدْرِكٌ ابدا الثوابت بأن التقدم والإصلاح والعصرنة لا يلغي ابدا الثوابت والأصول والجذور والمبادئ وقد لخصها العقيد محمد الصالح يحياوي في ثلاثة عناصر هي: (تواصلٌ دائمٌ و تعلمٌ نافعٌ وتشريعٌ عادلٌ)/ ما يمكن قوله هو أن الحديث عن الجريمة السياسية يطرح سؤالا: من هو المجرم الحقيقي؟ هل هو الذي رسم وخطط لجريمة الاغتيال (القتل) وأمر بتنفيذها؟ أم الذي نفّذها وهو مغلوب على أمره، رغم أنه يتحمل هو الأخر مسؤولية جرمه؟

وزير التربية الأسبق علي بن محمد: لست حاقدا على مصطفي الأشرف

شهادة أخري قدمها وزير التربية الأسبق الدكتور علي بن محمد حول العقيد محمد الصالح يحياوي انطلاقا من كفاحه ونضاله وصولا إلى المسؤوليات الكبرى التي تبوأها، يقول علي بن محمد عرفت الفقيد رحمه الله عن طريق صديق لي، فكان يحدثني كثيرا عن الفقيد حتى جاء إلى الحكومة وزيرا خلفا للوزير بن محمود وكان صديقا للعقيد محمد الصالح يحياوي، وتحدث علي بن محمد عن لقائه بالعقيد محمد الصالح يحياوي عن طريق محمد بلعيد عندما زاره في بيته وقال له يحياوي يريد أن يلتقي معك، ليكشف عن الطريقة التي جيء بها بمصطفي الشرف كوزير لوزارة التربية، وقدم هذا الأخير توجيهات جديدة أراد أن يغير المنظومة التربوية وإخراجها عن خطها، في إشارة منه إلى أن مصطفي الأشرف يسعى إلى إلغاء اللغة العربية بحكم أنه فرانكفوني، وقد بدأ يتكلم باللغة الفرنسية، يقول علي بن محمد في شهادته: عملت مع الأمين العام لفترة قصيرة وطلبت الانسحاب، وطلب مني الأمين العام أن أكتب تقريرا شاملا للأخطاء التي ارتكبها الوزير مصطفي الأشرف، وأن يكون التقرير عام لطبعها بمطبعة الحزب، وكان التقرير في 29 صفحة، يضيف علي بن محمد بالقول أنه في كل مرة أضيف الورقة الرسمية التي كانت تصدر من الوزير مصطفي الأشرف وبتوقيعه، استلم محمد الصالح يحياوي التقرير وأرسله إلى كل الوزراء وإلى الرئيس هواري بومدين، ووصلت الأمور إلى الصحافة الوطنية وعلم العام والخاص بما كان يحدث في وزارة مصطفي الأشرف، يستطرد علي بن محمد قائلا: لست حاقدًا على مصطفي الأشرف، فقد كان له نضال سياسي في الصحف الفرنسية ولكن في هذا الميدان (قطاع التربية) خرج عن الخط وانحرف عن القيم النوفمبرية ومبادئ التعليم في الجزائر الذي حمل مشروع «التعريب» في كل الإدارات و المعاهد و الجامعات.

هكذا تلاعب بوتفليقة بالخطاب التأبيني لتشييع جنازة الرئيس هواري بومدين

أمّا على مستوي حزب جبهة التحرير الوطني يشيد علي بن محمد بالجهود التي بذلها محمد الصالح يحياوي باعتباره الأمين العام للحزب وهو الذي كلفه الرئيس هواري بومدين بالنظر إلى ذكائه وحنكته والأوصاف الكاريزماتية التي كان يتصف بها حيص استطاع أن ينظم الحزب من جديد ليقوم على أسس قوية، حيث بدأ يحياوي بتنظيم المحافظات وأسلوب العمل فيها، في إطار برنامج، من أجل التخلص من الشعبوية، وكان يحياوي في تواصل مستمر مع الإعلام الداخلي والخارجي، وحتى امام وسائل الإعلام كان محمد الصالح يحياوي يقول أن المحافظة هي جزء من الولاية بل هي أعلى سياسيا من الولاية، على أساس أن الولاية هي إدارة والمحافظة سياسة، ويكشف علي بن محمد كيف كان الشباب مهمشين في الحزب قيب مجيئ يحياوي وكانوا ينتظرون الفرصة للخروج رفقة المسؤولين إلى الخارج، كان العقيد محمد الصالح يحياوي و على لسان علي بن محمد يرى أن الحزب ليس ورشة للسفر بل للنضال والتكوين النضالي، الحقيقة التي كشفها علي بن محمد وتتعلق بتأبينيه الراحل هواري بومدين يوم شُيِّعَتْ جنازته وأنه هو من كتب الخطاب التأبيني (أي علي بن محمد) من أوله إلى أخره، وبطلب من العقيد محمد الصالح يحياوي، بحكم إتقانه اللغة العربية وأسلوب الكتابة وكان يذرف الدموع وهو يحرر الخطاب وقد سلمه للعقيد محمد الصالح يحياوي، ولكن وقعت «اللعبة» فلما ذهب يحياوي إلى قصر الشعب حاملا معه الخطاب التأبيني، قال له أحد أعضاء الرئاسة نحن نتكفل بتسليمه، دون أن يخبره بأن الخطاب سيسلم لعبد العزيز بتفليقة، وقد تمّ التلاعب بالخطاب الـتأبيني من طرف بوتفليقة ونسبه لنفسه وكان هو من ألقى الخطاب، واختتم علي بن محمد مداخلته بالاعتراف برفضه مطلب العقيد محمد الصالح باللحاق بحزب جبهة التحرير الوطني كونه كان المسؤول الأول على الأمانة التنفيذية لحزب جبهة التحرير الوطني، حيث قدم اعتذاره للعقيد يحياوي، لأنه (ربما) لم يكن يؤمن بفكرة التحزب.

تقرير علجية عيش الجزائر

علجية عيش

صحفية جزائرية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights