بقلم: عبد المنعم إسماعيل
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ليس العاقل الذي يعلم الخير من الشر، وإنما العاقل الذي يعلم خير الخيرين وشر الشرين، ويعلم أن الشريعة مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، وإلا فمن لم يوازن ما في الفعل والترك، فقد يدع واجبات ويفعل محرمات، ويرى ذلك من الورع»! [مجموع الفتاوى 20/54، 10/514].
تعيش الأمة العربية والإسلامية خلال القرون المتأخرة حالة من الاضطراب الفكري والسلوكي والاجتماعي والثقافي والسياسي نتج من عدة أسباب.
أولها: انتشار العشوائية الفكرية والثقافية والعقدية في القرون المتأخرة للدولة العثمانية حيث تمددت الصوفية القبورية والارجاء العقدي والسلوكي والذاتية أو الطائفية مما ساهم في جنوح القوميات والفرق إلى الخروج عن النسق العام للدولة العثمانية فبدأت حركة محمد على والي مصر والشريف حسين وأولاده في الحجاز للسعي نحو خلع التبعية للدولة العثمانية.
ثانيا: سقوط الدول العربية والإسلامية تحت نيران وطوفان الاحتلال الغربي الصهيوني والصليبي حيث اقتسمت بريطانيا وفرنسا والشركاء دول الأمة فيما بينهم نتج عنه ستة و وخمسون دولة.
ثالثا: حرصت بريطانيا وفرنسا بصفتهم الدول المتحكمة في كيانات الدول الناتجة عن تفكك الدولة العثمانية على بناء ودعم المناهج الباطنية سواء كانت صفوية رافضية في إيران التي أقاموها فوق شعوب العرب الأحواز المحتلة وشعب البلوشستان السني وشعب الأكراد السني بالإضافة إلى أقلية فارسية سنية فجعلت الرافضة حاكمة لهذا الكيان المدمر لوحدة الأمة الإسلامية عامة والسنية خاصة.
رابعا: دخلت بلاد العرب عامة في كابوس الاحتلال الإنجليزي والفرنسي والايطالي واصبحت الشعوب وجماهير الأمة العربية والإسلامية تعاني من توابع الكوارث المتوالية مثل كارثة الانهيار الجامع للأمة العربية والإسلامية وكارثة تمدد المناهج الصوفية القبورية والارجاء العقدي والفكري وكارثة الاحتلال الغربي للأمة العربية والإسلامية حتى وصلت الأمة العربية والإسلامية إلى مرحلة التحرر من الاحتلال بعد عقود من السيطرة الإنجليزية والفرنسية على واقع الدول العربية والإسلامية.
خامسا: في ظل الكوارث التي مرت بالأمة وأخطرها سيطرة الاحتلال الصهيوني والصليبي على فلسطين المقدسة في منتصف الأربعينات من القرن الماضي بدأت ما يعرف بالحركة الإسلامية الساعية نحو الإصلاح العقدي والفكري والأخلاقي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي فمنها من أصاب الطريق بعيدا عن الصدام المباشر مع النظم السياسية القائمة ومنها من جعل التعامل صفريا مع بعض النظم وتعايش مع النظم الأخرى حتى مرت بالأمة العربية والإسلامية.
محمد الهامي أنموذجا كارثيا:
سادسا: عشوائية الحركة الإسلامية وانحراف بوصلة الولاء والبراء حتى أصبح مرتبط بفكر كل جماعة أو حزب حتى انقسم الولاء في الامة إلى ولاء حزبي أو جماعي أو طرقي حتى وصل الأمر بعد الربيع العربي كما عرف في الاعلام إلى سيطرة دعاة الرؤية الصفرية الكارثية التي في غالبها تكفيري للشعوب والأنظمة المخالفة حتى في بلاد أهل السنة والجماعة ذات الأغلبية وتضرب مثلا هنا بما جاء في تصريحات محمد الهامي الكارثية ضد الأمة المصرية حين قال
أنه يتمنى الخلاص من النظام المصري قبل النظام الصهيوني في تل ابيب بل قال بلسانه لو ان الأمر بيده لطلب من حماس العمل مصر وضد الجيش المصري قبل الجيش الصهيوني ثم قال في لقاء اخر جملة كارثية إجرامية بكل ما تحمل من معاني: أن من لوازم انتصار الثورات قدوم الاحتلال وأنه أمر في بدايته سيء وفي نهايته جيد كما قال حرفيا ولا أدرى اي عقل يسمع أو يتكلم بهذا الكلام الكارثي؟!
هل من الإسلام أن يتمنى عاقل قتال أهل الإسلام في مصر وترك قتال اليهود والصهيونية في تل ابيب؟
أليس هذا الكلام دلالة حقيقية على اظهار قول الرسول صلى الله عليه وسلم يقاتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان في صفات الخوارج كلاب النار؟
اي دين واي عقل يقول بتمني قدوم الاحتلال وضياع ثلث الأرض المصرية من أجل الإصلاح كما زعم ذاك العقل الضال؟!
هل من الإسلام التفريط في دماء ومصالح دولة بحجم الامة المصرية لمجرد النزاع مع الحكومة أو الدولة القائمة؟
هل هذا دين أو فكر أو طريق اصلاح يرجوا سقوط الدولة تحت اقدام الاحتلال لتكون التوابع كارثية على الدماء والاعراض والأخلاق؟
لمصلحة من يتكلم بهذا الكلام الكارثي الإجرامي؟
هل يغازل الصهيونية والصليبية والصفوية العالمية بأن مشكلة المعارضة المصرية الموجودة في الخارج هي موجهة ضد مصر الشعب والدولة وليست ضد إسرائيل أو الصهيونية والصليبية العالمية؟!
هل يقصد الهامي بهذا الكلام الخطير مخاطبة الإدارة الأمريكية المجرمة المتربصة بالأمة العربية والإسلامية عامة ومصر بأن عقلية المعارضة المصرية لا تستهدف قتال اليهود بل قتال الشعب المصري أو الأمة المصرية؟
من يستطيع الجام هذا العقل بلجام الصمت حتى يفهم حقيقة واقع الشباب المغرر بهم خلف السجون قبل عشر سنوات؟
هل يعقل توابع هذه التصريحات الكارثية على داخل الأمة المصرية حين يتلقاها شاب عاطفي أو حماسي بلا فكر أو بصيرة؟!
السلفية صمام الأمان من الدعوات التكفيرية:
إن من ثمار دعوة أهل السنة والجماعة في عموم الأمة المصرية والبلاد العربية والإسلامية هي السلامة من فكر التكفير والانحراف العقدي والفكري والثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي وعلى مدى قرن كامل تقوم جمعية أنصار السنة المحمدية ودعاة السلفية في مصر وعموم الأمة الإسلامية بتحذير الأفراد والجماعات من طوفان التكفير والإضلال العقدي الذي يؤصل له دعاة الانحراف الفكري الذي فقدوا ضوابط الفهم لمسائل الايمان والكفر التي أسسها العلماء.
حفظ الله دعاة السنة والسلفية لأنهم يقومون بمهمة تعليم الناس الاعتقاد الصحيح الموروث عن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين مواجهين كل دعاة الفرق الضالة المخالفين لمنهج أهل السنة والجماعة سواء كانوا رافضة أو شيعة أو خوارج أو قدرية أو باطنية أو علمانية أو دعاة ارجاء يمسخ منهج الإصلاح والصلاح.
ختاما:
أين دعاة التكفير كلام شيء الإسلام بن تيميه رحمه الله رحمة واسعة؟
لماذا ينقلبون على كلامه رحمه الله رحمة واسعة في بيان حقيقة العقل ودلالة الرشد الفكري والعلمي؟
هل لمجرد وجود خطأ أو خلل يتم السعي نحو نشر المفاهيم الصفرية الكارثية التكفيرية المدمرة؟
أي خير في إسقاط الدول والأوطان؟
أي شر أكبر من التهاون في قضية حفظ مصالح العباد والبلاد؟
حفظ الله مصر حفظ الله بلاد الحرمين حفظ الله فلسطين عامة وغزة خاصة حفظ الله أهل السنة في العراق والشام حفظ الله الأمة العربية والإسلامية من كل ضلال وسوء وتكفير وتخريب.